تحت عنوان «أنماط الانتحار في الكويت»، نشرت مجلة «BioMed Central» العلمية الإلكترونية البريطانية المرموقة أخيراً دراسة بحثية وصفية تحليلية باللغة الإنكليزية أجرتها الباحثة الكويتية الدكتورة نادية الكندري رئيس قسم فحص الأنسجة في إدارة الطب الشرعي التابعة للإدارة العامة للأدلة الجنائية في وزارة الداخلية الكويتية كجزء من أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه، بالتعاون مع الأستاذ في كلية الطب بجامعة الكويت الدكتور صلاح الوهيب، وهي الدراسة التي قالت الدكتورة الكندري إنها «الدراسة الأولى من نوعها كويتياً والتي تدرس العوامل الديموغرافية (السكانية) المختلفة والتي أثرت في حالات الانتحار التي تم الإبلاغ عنها في دولة الكويت خلال الفترة من العام 2003 إلى العام 2009».وفي التالي نعرض ترجمة بتصرف لمقتطفات موجزة من تلك الدراسة التي تلقي الضوء على جوانب وأبعاد قضية اجتماعية خطيرة ومهمة، ألا وهي قضية الانتحار:تقول الدكتورة الكندري إن الدراسة تم تصميمها بهدف الاستقصاء والتعرف على أنماط الانتحار في دولة الكويت، مؤكدة أنها أول دراسة من نوعها كويتياً وتعنى بدراسة العوامل السكانية المختلفة (كالعمر، والجنس، والدين، والجنسية ومحل الإقامة) المتعلقة بحالات الانتحار التي تم الإبلاغ عنها في الكويت خلال السنوات من 2003 إلى 2009، لافتة إلى انه كان من الأهمية بمكان أداء التحليلات اللازمة من أجل تحديد أساس مشكلة الانتحار في الكويت، الأمر الذي قد يساعد الحكومة الكويتية في معالجة المشكلة والحد من عدد حالات الانتحار.وتهدف الدراسة إلى استقصاء أنماط الانتحار في الكويت، باعتبارها واحدة من دول الخليج العربي الست التي تضم تشكيلة واسعة من الجاليات متعددة الأعراق، كاشفة أنه تم تدوين حالات الانتحار ودراسة العوامل الديموغرافية (السكانية) المتعلقة بكافة أنماطه.وقد قامت الدراسة بالبحث في الدراسات المتعلقة بحالات ومعدلات الانتحارالمسجلة في بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط ومقارنتها مع مناطق أخرى من العالم.وقد بينت نتائج الدراسة أن حالات الانتحار قبل الغزو العراقي للكويت في العام 1990 كانت لا يكاد يُسمع عنها في الكويت مقارنة بما لوحظ من وجود زيادة ملموسة في حالات الانتحارالمحالة إلى سلطات الطب الشرعي خلال سنوات ما بعد الغزو العراقي.وقد اعتمدت هذه الدراسة على السجلات والبيانات الموجودة بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في الكويت، حيث إنها الجهة الحكومية التي تتم إحالة حالات الانتحار إليها من جانب سلطات الشرطة ومحققي المستشفيات من جميع أرجاء الدولة.وقد تم استعراض كامل البيانات التي حوتها الدراسة من واقع ملفات القضايا المشتملة على البيانات الديموغرافية، وفحص موقع حادثة الانتحار(مسرح الجريمة)، وكذا تحقيقات التصوير الشعاعي، والصفة التشريحية المرضية ونتائج فحوصات السموم إن وجدت.واعتمدت الدراسة في تعريفها للانتحار على «دليل طريقة تصنيف الوفاة» الصادر عن الرابطة الوطنية الأميركية للفاحصين الطبيين، وهو الدليل الذي ينص على أن «الانتحار ينتج عن أي إصابة أو تسمم بسبب فعل ذاتي متعمد تم ارتكابه (من جانب المنتحر) بهدف إلحاق الأذى بنفسه أو التسبب في موت نفسه».وبناء عليه فإنه بمراجعة سجلات الوفيات بالإدارة العامة للأدلة الجنائية خلال فترة الدراسة من 2003 إلى 2009 تبين أن هناك 347 حالة انتحار وفقا لقياسات الرابطة الوطنية الأميركية.واشتملت هذه الدراسة الوصفية بأثر رجعي على جميع حالات الانتحار في جميع محافظات الكويت الستة ألا وهي: الأحمدي والجهراء وحولي ومبارك الكبير والفروانية ومحافظة العاصمة، وتم تقسيم حالات البحث طبقا للعوامل الديموغرافية، ومن ثم تم عمل تحليل بيانات إحصائي باستخدام برمجيات SPSS 17.0 الكمبيوترية (شيكاغو، الولايات المتحدة الأميركية).وقد أظهرت دراسة البحث النتائج التالية: أن عدد الذكور المنتحرين فاق عدد الإناث في جميع طرائق ووسائل الانتحار إلا في القفز من علو، حيث كانت نسبة الإناث أكبر. كما أن نسبة الانتحار بين غير المواطنين (الوافدين) كانت أكثر شيوعاً، وشكلت ما نسبته 87 في المئة من حالات الانتحارمقارنة بنسبة حالات الانتحار بين المواطنين، وهي النسبة التي لم تتعد 13 في المئة من جميع حالات البحث.وبمراجعة معدل حدوث حالات الانتحار لجميع محافظات الكويت الست تبين أن محافظة الفروانية جاءت في المرتبة الأولى من حيث انتشار حالات الانتحار وتلتها محافظة الأحمدي فالجهراء وهي من المناطق الأكثر ازدحاما بالسكان من العمالة الوافدة، وتلتها محافظة العاصمة ثم محافظة حولي بينما حدث أقل عدد من حالات الانتحار في محافظة مبارك الكبير.وفي ما يتعلق بوسيلة الانتحار تم التوصل إلى نتائج مفادها أن الشنق كان طريقة الانتحار الأكثر شيوعا حيث استخدمها 60 في المئة من المنتحرين، في حين كان القفز من علو الأسلوب الأقل استخداما في الانتحار، ولم يتبين من البحث وجود أي فروق ذات دلالة إحصائية بين المنتحرين المتزوجين وغير المتزوجين أو بين المسلمين وغير المسلمين.وكشفت نتائج الدراسة أيضا عن أنه من المؤسف أن حالات الانتحار باستخدام الأسلحة النارية كانت أكثر حدوثاُ بنسبة فائقة بين الكويتيين، وسجلت الفئة العمرية من 30 إلى 39 سنة أكثر الفئات انتحاراً بهذه الوسيلة، ويرجع هذا إلى أن كثيراً من الناس كانت لديهم أسلحة نارية تحصلوا عليها أثناء الغزو العراقي للكويت في العام 1990.وأشادت الدكتورة الكندري في سياق دراستها بما تقوم به وزارة الداخلية الكويتية بتنفيذ حملات لجمع الأسلحة غير المرخصة التي هي في حوزة المواطنين والمقيمين.كما كشفت نتائج البحث عن أن حالات الانتحار بالسم مثلت ثالث طرق الانتحار الأكثر شيوعاً، وقد أجريت دراسة في مركز لعلاج الإدمان في مستشفى الأمراض النفسية في الكويت وذلك بهدف مراجعة حالات التسمم من أجل التعرف على السموم الرئيسية المستخدمة لإيذاء النفس، وأظهرت تلك النتائج أن المبيدات هي النوع الأكثر استخداماً، وتلاها عقار الباراسيتامول (اسيتامينوفين)، وكلاهما متاح بسهولة في الكويت.وأسفرت نتائج الدراسة عن أن الانتحار باستخدام وسيلة القفز من علو كان الأكثر شيوعاً بين فئات العمالة المنزلية الإناث.وفي العموم فقد تبين من مراجعة حالات البحث أن المناطق المكتظة سكانياً في الكويت هي أكثر المناطق التي يحدث بها العديد من الجرائم والحوادث التي ترد إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية بما فيها حالات الانتحار.وأوصت الدراسة بأنه على الجهات المختصة أن تقوم بالنظرفي النتائج التي توصل إليها هذا البحث ودراسة الوسائل التي يمكن من خلالها التقليل من حجم هذه المشكلة وأن تعمل على فرض وتفعيل المزيد من الرقابة على صرف بعض العقاقير الصيدلانية خاصة التي تستخدم كوسيلة من وسائل الانتحار، وكذا فرض رقابة صارمة على اقتناء واستخدام الأسلحة النارية بما يساعد على خفض معدلات الانتحار في الكويت.
متفرقات - قضايا
دراسة هي الأولى من نوعها للدكتورة الكويتية نادية الكندري... نشرت أخيراً في مجلة علمية بريطانية
الانتحار في الكويت... تعدّدت الأساليب و«النهاية» واحدة
05:02 م