لم يتبادرإلى ذهن الشباب يوما أن يتم التعويل عليهم في إيجاد حل للأزمات السياسية المتلاحقة، ففي حين تزداد ضبابية المشهد وتردد القوى السياسية في الاتفاق على أهداف مشتركة لإنقاذ البلد من أزماته المتكررة، انبرى الشباب إلى تحمل مسؤولياتهم في طرح مبادرات إصلاحية يسعون لتحقيقها عبر حشد التأييد من على منابرهم في مواقع التواصل الاجتماعي.المبادرات الشبابية، تنوعت ما بين الدفع نحو الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين، وأخرى «لتحييد» بعض الأسماء من القوى السياسية ممن يرونه حجر عثرة أمام تقدم مشاريعهم الإصلاحية، لكن المعضلة التي يواجهها هؤلاء تكمن في تقبل المجتمع لأفكار «أفراد» و«غير منظمين» لتبني العملية «التوافقية» وإيجاد صوت ثالث داخل المشهد السياسي.وبينما يؤكد الشباب أنهم على قدر من الوعي والمسؤولية، في تقديم مبادراتهم الإصلاحية خاصة وأنهم متحررون من القيود التي ترزح تحت وطئها التنظيمات السياسية التقليدية، يشكك البعض في مصدر تلك المبادرات، وهل إذا كان الشباب على قدر من الوعي السياسي لتصدر المشهد وطرح حلول يتفق عليها الغالبية في المجتمع.ويرى البعض أنه حتى يحظى الشباب بالدعم «المجتمعي» لمبادراتهم فإن عليهم تحديد مسارات العمل نحو تحقيق الهدف من الإصلاح الديموقراطي بشكل واضح بعيدا عن دغدغة العواطف، وتطبيق الشعارات التي ناضل الشباب من أجلها بالسعي إلى مزيد من الإصلاح ومزيد من الحريات على أرض الواقع من خلال مبادرة شبابية واضحة المعالم تتبناها القوى الجادة في الإصلاح السياسي.«الراي» استطلعت آراء عدد من الشباب حول أثر المبادرات الشبابية وجديتها، إذ أكد وائل العلاطي ابتداء، على «أهمة وتأثير المبادرات الشبابية في الحراك السياسي، وقال إنها أثرت بشكل كبير وبشكل مفصلي في فترة المقاطعة، حتى أصبح الشباب أكثر وعيا سياسيا من ذي قبل».وأشار إلى أن «الشباب يفضلون الاستماع لمبادرات أقرانهم فهم الأقرب إليهم هماً وآمالاً مستقبلية.وعزا العلاطي كثرة المبادرات الشبابية في الآونة الأخيرة إلى أن «السياسيين لهم اعتباراتهم وتوجهاتهم المسبقة، لكن الشباب ليست لديهم تلك الحسابات»، لافتا إلى أن «الوضع السياسي في الكويت، مسألة عناد فالكل متشبث برأيه، والسياسيون غير راغبين بالتنازل»، مؤكدا أن «المخرج للمأزق السياسي في الكويت يجب أن يكون من الشباب وهذه فرصتهم بأن يتصدوا للمشكلة وأن يتبنوا حلها»، آملا أن «يكون هناك حراك شبابي منظم حتى تكون هناك موجة شبابية تترشح لانتخابات مجلس الأمة في دورته المقبلة لتجديد الدماء، وإيجاد وجوه شابة بلا خلافات سابقة أو توجهات حزبية لا يستطيعون الفكاك منها».مخرج الأزمةوبين العلاطي أن «الحل يجب أن يكون من الشباب فهم المخرج الوحيد للأزمة، مضيفا أن جميع القوى السياسية خاسرة ولا تملك أن تفرض شيئا على أرض الواقع».ولفت إلى أن «الناشطين الشباب هم النخب السياسية الحالية، وأنهم وصلوا إلى مرحلة عالية من الوعي، ولديهم القدرة ليكونوا الراسم الرئيسي لخارطة الطريق الجديدة، مدللا على ذلك بأنهم كانوا المحرك الرئيسي لأعضاء المجلس السابق».وبين العلاطي أن «الشباب انتظروا كثيرا، مضيفا أن الخطوة المقبلة ستكون مبادرة فعلية للتنسيق وخوض الانتخابات وإيجاد حراك شبابي مختلف إذ ليس من الضروري للحراك مبدأ الخروج للشارع».مطالبات مؤثرةمن جهته، علق محمد الفهد على أثر المبادرات الشبابية في مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على أن تصحح مفاهيم وتعدل أخطاء، بالقول: إن «المطالبات الفردية في مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون مؤثرة و ايجابية وتأخذ جانب الصواب و التأييد»، لافتا إلى أنه «بالإمكان المطالبة بالإفراج عن ناشط سياسي أو دعوة لفعالية معينة، وقد تكون ولادة لموجة ضغط أو بمسمى آخر قوة ضاغطة تطالب وتناقش وتطرح حلولا لكن العمل السياسي السليم هو العمل الحزبي المنظم».وطالب الفهد «الشباب بالانخراط بالعمل الحزبي المنظم والتحرك من خلاله لأنه السبيل الوحيد لوصول الصوت بين مجموعة وهو أفضل من أن يكون مستقلا لوحده».وعن تقبل السياسيين لمبادرات الشباب، أوضح الفهد أن «كل فكرة ناجحة لها مؤيدوها و لها معارضوها، والشباب الآن يطالبون بإصلاحات سياسية شاملة توصل الكويت إلى الديموقراطية الكاملة بحكومة منتخبة، وهذا المطلب لا يطرحه ويطالب به إلا شباب واعٍ مُطلع، مردفا بالقول: ولا أعتقد أن القوى السياسية تستطيع تجاهل مطالبهم التي تتفق بعض منها معهم»، مبينا أن «العمل السياسي المنظم الحزبي هو الأقرب إلى طرح الحلول، لكن القوى السياسية الكلاسيكية بمعارضتها التقليدية لا تستطيع طرح حلول أو إيجاد خارطة طريق ونراها تقف في مكانها بلا تقدم ودائماً تتراخى وتتراجع وعندها تتصدى القوى الشبابية وبعض القوى السياسية للمشهد السياسي و تحاول طرح حل يناسب الجميع وحل جذري لواقع تعيس»على حد تعبيره.وأكد الفهد على أن «الشباب لهم الحق في تقديم الحلول للأزمة الحالية ولكنها لن تكون سوى حركة ضغط توجه ضغطها للقوى السياسية لتتبنى مطالبها»، لافتا إلى أن «كل فكرة تطرح على الساحة السياسية لها مؤيدوها و معارضوها»، مشيرا إلى أن «هناك عددا كبيرا من الشباب الواعي جدير بأن يشارك النخب السياسية، وقد يكونون قريبين من القوى السياسية المطالبة بالإصلاح الحقيقي بعيداً عن الشعارات، وقال: لا ننكر بأن هناك عملا فوضويا من الشباب الأمر الذي يجعل منهم حملا ثقيلا على المعارضة بشكل عام حالهم كحال المعارضين التقليديين الذين لا يتعدى طموحهم كرسي البرلمان».تفكك الحراكبدوره، قال عادل المطيري إن «كثرة الاقتراحات الشبابية يعود سببها إلى تفكك الحراك وتعدد وجهات النظر بين الشباب والقوى السياسية والحلول التي تستخدمها الحكومة جعلت بعضهم يدعو إلى فتح خطوط اتصال لهم مع الحكومة للوصول إلى حلول مرضية خاصة بعد كثرة الاعتقالات بينهم في الفترة الأخيره وطريقة استدعاء المطلوبين منهم للمثول أمام الجهات الامنيه وجهات التحقيق»، مشددا على أنه «من الضروري أن يتم توحيد صفوف الحراك الشبابي والقوى السياسية تحت هدف واحد وإيجاد رؤية كاملة وواضحة تحدد مسار الحراك في الفترة المقبلة وتحدد أهدافه».وعن المبادرات الشبابية وما إذا كانت تعبر عن حالة «غضب» على أداء القوى السياسية، أوضح المطيري، إنها «تمثل وجهة نظر من قدم المبادرة، وهي اجتهادات يشكرون عليها مع وجود نخب سياسية تستطيع رسم خارطة طريق للشراكة السياسية في الكويت»، آملا من «الحكومة أن تمد يد العون للشباب وأن تجد حلولا ترضي كافة الأطراف،،وفي خاتمة الأمر على ما قال فإن الجميع يبحثون عن مصلحة الكويت».ولم تغب التحركات الشبابية عن الحراك السياسي في البلاد بعد سلسلة طويلة من المشاريع الإصلاحية التي قدمت باسم الشباب منذ أكثر من أربعة أعوام إلا أنها ظلت بلا آلية عملية تترجمها على أرض الواقع مما يؤكد غياب التواصل الحقيقي بين التوجهات الشبابية والأخرى المتباينة في الميدان السياسي.ويرصد المراقبون في هذا السياق تلاشي التحركات الجادة التي تعطي الشباب فرصة إدارة الحراك السياسي بعيدا عن الحسابات الانتخابية التي بدا البعض يضعها في مقدمة أولوياته وأهدافه، في حين تبقى طموحات الخروج من نفق الأزمة السياسية هاجسا شبابيا تسعى إليه القوى الشبابية انطلاقا من مصلحة الكويت .وأكد المراقبون أن الشباب هم الأكثر قدرة على إدارة الحراك في حال اقتنع «الكبار» أن القرار يجب أن يكون في أيديهم وحدهم، لا أن تكون هناك مساع لفتح قنوات حوار مع الحكومة بعيدا عن العيون الشبابية الأمر الذي من شأنه إفساد كل التحركات الجادة في هذا الصدد علما أنه خلال المرحلة الأخيرة فتحت قنوات حوار بعيدا عن مشاركة الشباب وتاليا باءت كل هذه المحاولات بالفشل ولم تثمر بخطوة هادفة إلى إنهاء هذا المأزق السياسي الذي وجدت المعارضة نفسها فيه منذ أكثر من ثلاثة أعوام من دون أن يكون هناك تحرك حقيقي يؤدي إلى نتيجة تعيد الوهج لهذه المعارضة بحسب رؤية المراقبين.