أعطت التعديلات التي أقرها مجلس الامة أخيراً على القانون رقم 7 لسنة 2010 وما قد يترتب عليها من مرونة إضافية لدى تغيير اللائحة التنفيذية للقانون دفعة معنوية للاوساط المالية والاستثمارية التي تترقب عودة وتيرة التداول في البورصة الى سابق عهدها من النشاط.وسرعان ما بدأ بعض المضاربين في ترتيب أوضاعها للعودة الى السوق بعد غياب دام طويلاً، إلا أن ربط تفعيل التعديلات بمدة تصل الى ستة أشهر جعل البعض يتريث قليلاً، إلا أن الشكل العام بات مختلفاً.ورصدت «الراي» ردود فعل بعض مسؤولى إدارات الأصول في شركات الاستثمار حول تلك التعديات وما اذا كانت توفر أجواءً لعودة الاستثمار المؤسسي الى السوق مرة أخرى، إذ تباينت آراؤهم، إلا أن الغالبية أكدت أن تلك التعديلات ستصب في صالح البورصة.ويرى مدير قطاع الصناديق الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية مثنى المكتوم ان التعديلات التي أقرها مجلس الأمة على قانون هيئة أسواق المال وتحديداً على مستوى المواد العقابية مثل المادة 122 سيكون لها أثرها الإيجابي في زيادة أحجام السيولة المتداولة في البورصة، خصوصاً السيولة المضاربية التي بشكل شبه كامل خلال الفترة الاخيرة.6 أشهر للتطبيقوقال المكتوم: «إن تأجيل تفعيل التعديلات لستة أشهر قد تؤجل دخول السوق في موجة نشطة، فهناك حالة من التحفظ لدى مديري الصناديق والمحافظ لما قد يترتب على تحركاتهم، ما انعكس على وتيرة التداول خلال الثلاثة أشهر الاولى من العام الحالي التي غلب عليها (الركود) لاول مرة منذ ثلاث سنوات تقريباً، إذ جرت العادة على حدوث تفاعل جيد مع الارباح السنوية التي تكشف عنها الشركات المُدرجة والتي عادت ما تأتي خلال الشهور الثلاثة الأولى من كل عام».واضاف المكتوم ان الاوساط الاستثمارية، لاسيما شريحة الأفراد كانت وما زالت تخشى الوقوع في أخطاء غير مقصودة يترتب عليها الوقوف اما قاضي محكمة أسواق المال بتهمة مخالفة القواعد، لافتاً الى ان اصحاب السيولة فضلوا الابتعاد عن السوق والبحث عن فرص أكثر أماناً، فيما ترتب أثر ذلك ايضاً على نفسيات وكلاء الاستثمار الاجنبي من شركات ومؤسسات في الكويت.الرؤية والأرباحوعن إمكانية عودة الاستثمار المؤسسي بدلاً عن الاعتماد على التحركات المضاربية في البورصة الكويتية قال المكتوم: «السوق بحاجة الى وضوح للرؤية الى جانب التعديلات المقررة على قانون هيئة أسواق المال، ومع اتضاح تلك الرؤية ستعود معدلات السيولة الى سابق عهدها وبالتالي سيكون للاستثمار المؤسسي في السوق نصيب كبير».وبين المكتوم ان تحقيق الشركات المدرجة لارباح مصحوبة بنمو جيد في العام 2014 مقارنة بـ 2013 لم يشفع للسوق، إذ مرت إفصاحات الشركات والبنوك والمجموعات مرور الكرام دون تفاعل يُذكر، فيما تكرر نفس السيناريو مع توصيات التوزيع النقدي والمنحة المُعلنة من الشركات ( توزيعات الكاش تفوق 1.1 مليار دينار)، فيما انخفضت القيمة السوقية للاسهم المدرجة في الربع الاول من العام الحالي بنسبة 11.4 في المئة مقارنة بما كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي لتصل الى 29.05 مليار دينار.وذكر المكتوم أن الاوضاع الاقليمية والتطورات السياسية التي تشهدها المنطقة لا يزال لها حضورعلى نفسيات الاوساط الاستثمارية في السوق، والامر ذاته انعكس فعلياً على باقي أسواق الخليج، ما يمثل عامل ضغط مزدوج على السوق (التطور السياسي بالاضافة الى تراجع أسواق الخليج مثل السعودية)، فيما اشار الى البورصة الكويتية تخلفت عن ركب اسواق المال الاقليمية والعالمية لفترات طويلة.ومن جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لادارة الاصول في شركة كاب كورب للاستثمار فوزي الشايع ان السوق به فرص تشغيلية جيدة تشجع على عودة الاستثمار المؤسسي مرة أخرى بعيداً عن السيولة الساخنة التي تركز فقط على الاعمال المضاربية.واضاف الشايع ان التعديلات التي طرأت على بعض مواد قانون هيئة اسواق المال تضمنت صيغ توافقية بها شيء من الايجابية، على عكس النص السابق، لاسيما المواد العقابية التي جعلت اثبات المُخالفة من صميم عمل الهيئة بدلاً من تحويل الملف الى النيابة لاتخاذ ما تراه مناسباً عن وجود اثبات بأن هناك تعمدا للخطأ.الاعتماد على المضاربينوألمح الشايع الى انه يختلف مع من يربط وتيرة التداول في السوق بنصوص قانونية عقابية، منوهاً الى أن التوقف عن دخول السوق بسبب تلك النصوص جعلت المستثمر هو الخاسر الأول، وعليها فإن المسؤولية تقع عليه ايضاً الى جانب الجهة الرقابية المنوط بها تطبيق تلك النصوص، لافتاً الى ان خروج المضاربين من السوق أخذ أكبر من حجمه الطبيعي، ما أثر على نفسيات المتعاملين عامة، فقد تم ربط السوق بعدد من الأشخاص وهذا امر غير صحي.وانتقد الشايع غياب كبار اللاعبين من شركات الاستثمار التي كانت تقدم دورا محورياً في السوق لفترات طويلة، منها صناعة السوق على أسهم قيادية، مثل البنوك وشركات الخدمات وغيرها، فقد اختفت بلا سبب واضح وكأن حجم الدعاية التي كانت تحصل عليه تلك الشركات لم يكن صحيحاً، أين الاستثمارات المليارية التي كان البعض يتحدث عنها؟وفي رده عن إمكانية ضخ سيولة استثمارية في البورصة قال الشايع: «من لديه كاش فليتحرك في اتجاه الاسهم التشغيلية اعتباراً من الآن، نحن دائماً متفائلون، ولعل خير دليل على تفاؤلنا ما تتضمنه الشركات والسوق بوجه عام من عوائد مرتفعة ومعدلات P/E منخفضة جداً مقارنة بأسواق خليجية واقليمية أخرى».تشويه البعضوعلى صعيد متصل، يقول مدير إدارة الاصول في شركة «كُبرى»، لقد تسبب قانون هيئة أسواق المال في تشويه العديد من المتعاملين، من شركات وأفراد، ويجب أن تعي الهيئة ذلك جيداً لدى صياغتها للائحة التنفيذية من القانون، وفقاً للتعديلات التي اعتمدها مجلس الامة أخيراً.وعن الاستراتيجية التي يمكن ان تتبعها شركته خلال الفترة الحالية والتي يواكبها دخول الصيف، أوضح المدير ان شركته تترقب حالها في ذلك حال الكثير من الشركات، لافتاً الى أنها خرجت من السوق بحثاً عن فرص آمنة في قطاعات أخرى، إلا أنها ما زالت تحتفظ بمراكزها في الشركات المُدرجة.واضاف:«ماتم إقراره من تعديلات في المواد العقابية بالقانون رقم 7 لسنة 2010 (مقبول)، نأمل ان يكون له أثره في عودة السيولة الى السوق كما في السابق، هناك فرص تحتاج لمن يقتنصها، لكننا سنظل مترقبين حتى وضوح الرؤية وهدوء الوضع الاقليمي».أما الرئيس التنفيذي في شركة اكتتاب القابضة والمسؤول السابق عن إدارة الاصول في مجموعة شركات المدينة محمد صلاح الايوب فقد أكد ان التعديلات التي أقرها مجلس الامة أزالت الهواجس، وأعطت الضوء الاخضر للدخول مرة أخرى في السوق.وقال الأيوب:«التعديلات جيدة، وأداء الشركات مقبول والتوزيعات تضمن عائداً مجزياً يفوق ما تمنح الوادائع البنكية من ارباح، إذاً لدينا فرص تستحق البحث والتحليل والاقتناص».الحاجة الى أدواتأفاد مساعد مدير قطاع الاصول في شركة تحتفظ بمركز رائد في إدارة الصناديق الاستثمارية حتى الآن بأن السوق لم يعد مشجعاً على ضخ السيولة. واختلف مع من يدعو الى العودة الى السوق في الوقت الحالي، إذ قال:«تعديلات قانون هيئة الاسواق عالجت جزءا من «العلة» لكنها لم تُعالج المشكلة كلها، لدينا قطاع صناديق يمثل لاعباً رئيساً في السوق بحاجة الى إعادة نظر في القواعد الرقابية المنظمة لعمله، لا بد أن تكون هيئة الاسواق أكثر مرونة خلال الفترة المقبلة، وأن تهتم بطرح الأدوات الاستثمارية الجديدة التي يحتاجها السوق مثل «صانع السوق» والاوبشن بشقيه إضافة الى الادوات الاخرى التي من شانها أن تُزيد السيولة في السوق.وألمح الى أن السيولة المتوافرة في السوق لا تمثل سوى جزء بسيط من الاموال الكاش المتوافرة في المحافظ، هناك شركات غيرت مسارها الاستثماري بسبب ما يشهده السوق من كساد وغياب الزخم، إذاً فإن السوق يحتاج الى نفضة تشجيعية تشارك فيها المؤسسات الحكومية مثل الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسات التأمينات بشكل يختلف عن حضورهما الحالي المتواضع.أوضاع سيئةوفي السياق ذاته، قال مسؤول في شركة يونيفيرس للاستثمار المالي (غير مدرجة)، ان اوضاع السوق لا تساعد، ما يتطلب بحثاً عن عوامل دعم حتى يستعيد الجميع الثقة في السوق مرة أخرى.وقال الكثير من متعاملي البورصة الذين حققوا خسائر خلال الفترة الماضية، بسبب ضبابية الشكل العام للسوق وليست بسبب قرارات استثمارية خاطئة اتخذوها، لافتاً الى أن هناك عوامل ساعدت في حدوث فجوة بالسوق، منها الاسراع نحو تسييل الرهونات من قبل المؤسسات المالية (بنوك وغيرها) ما ساهم في تراجع الاسعار السوقية للأسهم المدرجة، فيما اشار الى ان التعديلات التي شهدتها المواد العقابية في قانون الهيئة مثل المادة 122 ستشجع على عودة المضاربات على الاسهم الصغيرة فقط، ولن تكون حافزاً لعودة الاستثمار المؤسسي في السوق.وبين أن هناك شركات خرجت من السوق منذ الازمة المالية ولم تعود حتى الآن، إلا أن القائمين على تلك الشركات يراقبون كل التطورات ويمكنهم العودة في الوقت المناسب، لافتاً الى ان بعض الشركات غيرت نموذج عملها المعتاد بحثاً عن فرص في قطاعات أخرى أكثر أماناً من سوق المال.

6 أسباب لغياب المحافظ

خلصت آراء مديري الاصول في شركات الاستثمار الى ان الأسباب الرئيسية وراء اختفاء الاستثمار المؤسسي طيلة الفترة الماضية عن سوق الاوراق المالية تتمثل في التالي:- ضعف المبادرات المُقدمة من الجهات الحكومية وعدم قدرتها على اجتذاب شركات القطاع الخاص كما في السابق.- الدخول في سجال تعديلات قانون هيئة أسواق المال منذ الثاني من ابريل 2014 وحتى ابريل 2015.- هلع صغار المتداولين والذين يمثلون الشريحة الاكبر من متعاملي السوق من عدم وضوح الرؤية.- عدم وجود صناعة حقيقية للسوق ما أدى الى تردي معدلات السيولة المتداولة على الاسهم المدرجة.- خروج المستثمر الاجنبي من السوق، إذ لم يعد له حضور في نطاق عدد قليل من الأسهم القيادية.- لا تزال القيود المفروضة من الجهات الرقابية على الصناديق تمثل عاملا سلبيا امام القائمين عليها ما يستدعي إعادة بحثها.

تجاهل التوزيعات

بين أحد مديري الأصول أن التوزيعات المقررة من الشركات تمثل عامل جذب، لكن البورصة عامة تجاهلتها وكان الامر بحاجة الى مبادرات وهذه المبادرات لن تأتي هذه المرة من القطاع الخاص فقط، بل بحاجة الى تحرك مشترك من المحافظ الحكومية المُدارة من قبل مؤسسات متخصصة، بالاضافة الى تحرك من الشركات الاستثمارية المُدرجة في السوق على أن يكون الهدف الاستثمار المؤسسي وتكوين المراكز والدخول على الفرص التشغيلية، لافتاً الى أن هناك سوء تقييم للفرص السانحة في الاسهم المدرجة.

أسعار مغرية

قال الايوب ان تراجع الاسعار في ظل الاوضاع السيئة التي عاشها سوق المال خلال الفترة الماضية أفرز مستويات سعرية مغرية أمام المحافظ والصناديق، إلا أن التحرك الفعلي بحاجة الى محفزات وعوامل دعم إيجابية، لدينا سيولة كبيرة في السوق لكن «رأس المال جبان» دائماً ما يبحث عن منطقة آمنة ومعطيات واضحة. ولفت الايوب الى ان المضاربات العشوائية لم يعد لها مكان في السوق، والعودة الى التداول ومعدلات السيولة المرتفعة سيكون وقودها الاستثمار المؤسسي هذه المرة، فهناك مراكز مالية في شركات بحاجة الى اقتناص، ولا بد ان نقارن بين السوق قبل الازمة والسوق اليوم، سنجد فرقاً شاسعاً بين الاسعار وأداء الشركات، فهناك فقاعات كانت تعطي صورة متضخمة عن السوق والاسعار، أما اليوم فقد اختفت تلك الفقاعات من معظم الأسهم وباتت القيم العادلة أكثر وضوحاً.

عودة تدريجية

توقع مدير قطاع الاصول في شركة استثمارية اسلامية أن يشهد السوق عودة تدريجية الى النشاط، مؤكداً ان هناك فرصا جيدة لكن الانتقائية ستفرض نفسها على مديري المحافظ والصناديق، فيما تظل بعض هذه الصناديق تراقب دون تدخل، خصوصاً انها بلغت الحدود القصوى من التركيز في شركات تراجعت كثيراً، ما يعني وقوعها في مخالفات يُعاقب عليها القانون حال اشترت سهماً واحداً من سلع بعينها.