تتفاعل أعمال الفنان التشكيلي الكبير سامي محمد مع الشأن الإنساني، وذلك من خلال رصده المتقن والمتميز للمعاناة التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية، خصوصا في أعماله النحتية، تلك التي وصل بفضلها إلى مستويات راقية من الحضور الفني العربي والعالمي.وفي سياق هذه المستويات المتميزة التي وصل لها سامي محمد رأت قاعة «كاب»، أن تقيم معرضا استعاديا له، من أجل أن يستشرف الجمهور هذه الموهبة الكبيرة في مجال الفنون الجميلة، والاستفادة من تقنياتها، التي لا تزال متوهجة بالحيوية، ولا تزال مصدر إلهام للفنانين الكبار والصغار معا.والمعرض افتتحه الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة في قاعة كاب في الشويخ، بحضور نخبة من الفنانين التشكيليين والمتابعين لأعمال سامي محمد.وبدى المعرض- في صورته العامة- بانوراما فنية تحكي سيرة الإنسان في تفاعلاته المريرة مع الحياة، ومن ثم فقد اسند سامي محمد هذه التفاعلات إلى لغة فنية متوهجة بالحيوية والخضور، ومقتنعة بضرورة أن يكون الإنسان المهمش والذي يتعرض للمعاناة في صدارة أفكاره التي تتناغم مع رؤى فنية موغلة في الجمال والدهشة.والمعرض تضمن أعمال الفنان سامي محمد الفنية تلك التي أنجزها في فترات زمنية مختلفة، وتحكي سيرته الفنية التي قعها إبداعا وتميزا، ورصدا لحالات إنسانية متعددة الجوانب والاتجاهات، بالإضافة إلى بعض الصور التي تعكس حياة هذا الفنان وما قدمه للحركة التشكيلية الكويتية والعربية والعالمية، من عطاءات متنوعة، ومساهماته الرائدة في تكوين الحركة التشكيلية الكويتية في بداياتها، مع نحبة من الفنانين.في ما تضمن المعرض بعض المخطوطان النادرة والرسائل التي تخص سامي محمد، خصوصا البيان الذي نشرته الجريدة الرسمية والذي يشير إلى تأسيس الجمعية الكويتية للفنون والتشكيلية، تلك الجمعية التي كانت الانطلاقة الأولى والنواة الحقيقية لنهضة الفنون التشكيلية الكويتية.وقاعة «كاب»... من خلال هذا المعرض المتميز، تكون قد ساهمت بشكل فاعل وجدي في تفعيل الساحة التشكيلية الكويتية، وذلك بعرض أعمال للفنان سامي محمد بكل ما يحمله من تاريخ فني طويل، قضاه مبدعا ومهتما بالإنسان في كل حالاته، وبالتالي جاءت أعماله مبهرة، وبعناصر فنية متواصلا مع الحياة، وناقدة للأوضاع الإنسانية المتدهورة، التي ربما نعيشها بعواطفنا أو مشاعرنا، أو أنها تنعكس على أحلامنا وتطلعاتنا.وعلى هذا الأساس... استطاع سامي محمد أن يشرّف الكويت، بتمثيلها عبر أعماله التي تتداولها الأوساط الفنية والثقافية، وحتى الفكرية بالتأمل والتحليل والدراسة، نظرا لما تمثله من قيم فنية وإنسانية كثيرة التحرك في اتجاهات عدة، بالإضافة إلى قدرتها على أن تعكس ما يمر به الإنسان في حياته من ألم ومعاناة بقدر كبير من التكثيف والإيحاء.ولا يمكن النظر إلى أعمال الفنان الكبير سامي محمد بمعزل عن الرمز، والإيحاء والتحليل النفسي لحالات إنسانية تتعرض للأزمات المتلاحقة، كما لا يمكن إغفال عناصر تقنية مدهشة في أنسجة أعماله، تلك التي تعبر بشكل واضح وصريح، عن رغبة جامحة في التعبير عن مشاعر إنسانية مكبوتة، وذلك من خلال حركة الجسد وما يتضمنه من أعضاء كاليدين والقدمين والأصابع والوجه، ومن ثم فقد عملت كل هذه التقنيان على تفعيل دور الفنون التشكيلية في إيجاد حلول فنية، لإخراج الكبت الإنسان إلى مظاهر جسدية ملحوظة، وقادرة على التعبير عن الحالة المرصودة خير تعبير.إنه الفنان الذي ولد حي الصوابر في منطقة «شرق»، بكل ما تجمله من عبق كويتي أصيل ومن ثم دفعته رغبته في تطوير مهاراته الفنية في الالتحاق بالمرسم الحر، ثم يقوم بدراسة الفنون الجميلة في القاهرة ثم يسافر إلى بعض البلدان الغربية وأمريكا لدراسة الفنون الجميلة، ليساهم بشكل فاعل في نهضة الفنون الجميلة في الكويت، ومن ثم إقامة المعارض وانتاج أعمال لاقت استحسان الأوساط الفنية المحلية والعربية والعالمية، وحققت رؤى إنسانية متواصلة مع الحياة.
محليات - ثقافة
في معرض استعادي افتتحه علي اليوحة ونظّمته قاعة «كاب»
سامي محمد... تاريخ من العطاءات الفنية المبهرة
06:38 م