أخيرا... سيشاهد الجمهور في الكويت عملا «أوبراليا»، يعكس الجوانب الثقافية والفنية الناهضة في الكويت، تلك التي تتشكل عبر جهود نخبة من الأكاديميين والفنانين والمثقفين، أولئك الذين يؤمنون بأن الطريق الصحيح لأي تطور يجب أن تكون نقطة انطلاقه مستوحاة من عناصر إنسانية راقية.ومن ثم جاءت فكرة «أوبرا ديرة»، تلك التي تبلورت مفاهيمها ورؤاها من خلال نص كتبه الدكتور علي العنزي راعى فيه أن تحتل مسألة شهداء الكويت لغته ومشاهده، والإخراج الذي اضطلع به الدكتور فهد العبد المحسن، ورغبته في أن يعكس في رؤيته الكثير من المضامين الوطنية، المطلوب تأصيلها في النفوس والمشاعر، في حين أوكلت مهمة الموسيقى للدكتور رشيد البغيلي والذي نتوقع- كما عهدناه- أن تتناغم موسيقاه مع محتوى النص تأليفا وإخراجا.وفي سياق تضامني مبهر... مع التوجه المرصود في إضفاء إضاءات متوهجة على المشهد الثقافي والفني الكويتي... جاءت رعاية «أوبرا ديرة» من مكتب الشهيد... في الديوان الأميري وبحماس شديد من المدير العام للمكتب فاطمة الأمير.والعمل أخذ عنوانا وطنيا جامعا «أوبرا ديرة... نبقى كويتيين»، إشارة إلى التأكيد على وحدة الحلم والمصير والطموح، تلك التوجهات لن تتأتى إلا من خلال الإخلاص في الفداء والتضحيات الوطنية... وهذه الأمور تتجسد في أبهى صورها من خلال بطولات شهداء الكويت، وهي بطولات كان أساسها ومنهجها البذل بالروح والدم والعمر، من دون انتظار أي مقابل.وتبلورت فكرة نص العمل... في مخيلة القائمين عليه... سريعا، حينما رأوا أن التعبير عن الفداء والتضحية، لا ينعكس صورته إلا في أشخاص يقدمون الوطن والواجب على أرواحهم، وأن الصور الوطنية لا يمكن لها أن تكون مؤثرة وناصحة ومعبرة إلا من خلال هؤلاء الشهداء الذين اطلعنا على تاريخهم البطولي وحفظنا أمجادهم الوطنية الخلاقة.ومن أجل التعريف بالمشروع وإلقاء الضوء على محتواه الوطني عقدت الوكيل المساعد المدير العام لمكتب الشهيد، فاطمة الامير مؤتمرا صحافيا في مكتب الشهيد معلنة فيه اطلاق أول عمل «أوبرالي» في تاريخ الكويت لتخليد شهداء الكويت تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.وقالت: «إن من أهم أدوار مكتب الشهيد بالإضافة لرعاية ذوي الشهداء، تخليد شهدائنا من خلال استذكار بطولاتهم تذكيراً لحبنا لهذه الأرض، وتأكيداً لروح الولاء لوطننا الحبيب واعترافاً بفضل من ضحوا بأرواحهم في سبيل وطننا الغالي الكويت وسنكون يداً واحدة لحفظ هذا الوطن».وأضافت الأمير: «في كل عـام يقوم المكتب بعمـل تخليدي معين، وفي هذا العـام كان لنا شرف التعاون مع مجموعة من الأساتذة تشجيعاً للشباـب الكويتي على الإسـهام بالأعـمال الفنية الوطنية التي تعمل على بث الروح الوطنية وتعكس مدى ثقافة دولة الكويت وحضارتها في تنفيذ (أوبرا ديرة... نبقى كويتيين) والتي ستقام خلال احتفـالات الأعيـاد الوطنية، ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نرفع أسمـى آيـات الشكر والتقدير لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح- حفظه الله ورعاه- على رعايته السامية لهذا العمل الفني والوطني الذي آمل أن يكون بمستوى يليق بهذه الرعاية».وشكرت وزيـر شؤون الديـوان الأميـري الشيخ نـاصر صباح الأحمد الجابر الصبـاح ونائب وزير شؤون الديـوان الأميـري الشيخ علي الجراح الصباح، على دعمهما لكافة أعمال المكتب ورسالته».وتحدث في المؤتمر- بالإضافة إلى فاطمة الأمير- كل من أعضاء هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون الموسيقية، والمعهد العالي للفنون المسرحية، المؤلف الموسيقي الدكتور رشيد البغيلي، ومؤلف النص الدكتور علي العنزي، ومخرج العمل الدكتور فهد العبد المحسن.وأكد العنزي أن «أوبرا ديرة نبقى كويتيين تسير على خطى ما سطرته الحكومة الرشيدة من رعاية كريمة لأبنائها أبناء وذوي الشهداء وتخليد ذكراهم، حيث يحاول العمل تسطير ملاحم بطولاتهم، بأقلام وألحان كويتية، تنحني لهم إجلالاً وإكباراً لمنزلتهم، مستذكرين في هذا السياق الملحمة التي يسطرها على هذا الصعيد، سمو أمير البلاد القائد الإنساني المفدى الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله، ومن قبله حكام الكويت جميعا لرعاية أبناء الشهداء».ومضى يقول: «يستوحي العمل حكاياته من وحي حكايا شهداء الكويت عامة، بما فيها ملحمة بيت القرين، واستشهاد الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل، ومجموعة أخرى من الشهداء ممن افتدوا الكويت بأرواحهم، وما هذا العمل إلا جزء يسير من الدور الوطني للفنانين الأكاديميين والموسيقيين الكويتيين، تعبيراً عن مشاعر الإخلاص والولاء الحق لوطننا الطيب، حيث ينطلق المشروع من القول المأثور لسمو الأمير حفظه الله، بـ (إن ثروة الوطن الحقيقية تكمن في شبابه، فهم عدته وعماده وأمله في بناء حاضره ومستقبله)، مستذكرين حرص سموه الدائم على الابتهال إلى المولى عز وجل أن يتغمد بواسع رحمته و مغفرته شهـداء الكويت الأبرار، ويسكنهم فسيح جناته، وينزلهم منازل الشهداء».وأوضح البغيلي... «أن هذا النمط من الأوبرا، سيأتي في «أوبرا ديرة» برؤية جديدة؛ أعني أنني سأجمع بين نمط الأوبرا المعروف القائم على الجمع بين الإمكانيات الصوتية، بأسلوب غنائي أوبرالي ايطالي، يعرف بـــ (البيلكانتو)... بمصاحبة رؤية فنية وأسلوب موسيقي/غنائي شرقي... وبشكل أساس على لحن وحكاية، وبكل صدق، فإنني لم أجد ملحمة تضاهي ملحمة شهداء الكويت وقصص بطولاتهم وتضحياتهم، لهذا السبب فقد تم بناء العمل من وحي القصائد التي كتبها هؤلاء الأبطال وفي مقدمهم الشاعر الشهيد فايق العبدالجليل وغيره من الشعراء الذين كانت تبعات قصائدهم حياتهم، بعد أن فدوا الكويت بفنهم». موضحا أن أوبراه ستتكون من اوركسترا سيمفوني كويتي، يقودهم المايسترو الهولندي إستاين سا?ينيرز، وذلك بمشاركة عازفين من عدة دول مهمة، نذكر منها هولندا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وأخيرا وليس آخر الشقيقة مصر، وهو ما يؤكد أن الأوبرا فن عالمي، حيث ستستمعون إلى الموسيقى الكويتية يعزف إلى جوار شقيقه العربي ونظيره الأوروبي».وأكد العبدالمحسن... « أن أوبرا ديرة تأتي لتكمل المشهد الحضاري لكويت الإنسانية»، معبرا عن السعادة بأن دولة الكويت لا تزال منارة حضارية مشعة، وحاضنة إنسانية متألقة لمختلف الفنون والثقافات.وختم العبد المحسن مسجلا شكره وتقديره لفارس فايق العبدالجليل على تعاونه الدؤوب لتخليد ذكرى والده، وخص بالشكر والعرفان جميع الزملاء في المعهد العالي للفنون الموسيقية وفي مقدمهم عميد المعهد الدكتور محمد الديهان، وبقية أساتذة معهد الموسيقى، فضلاً عن إخوانه وأخواته الفنانين أعضاء فريق أوبرا ديرة الدكتور لود الرشيدي، والدكتور حسين الحكم، والدكتور خالد أمين،و الدكتورة أحلام حسن، وعبدالله الزيد، ومحمد الحملي، وحنان السماك، وعبدالرحمن المحميد، والدكتور بدر ال هيد، وأيمن عبدالسلام ، وعذاري العوضي، يوسف المنصور، عبدالوهاب القطان، وائل الخراز، عبدالله الضليعي، لوبانة القنطار، نورة القملاس، احمد الكندري، عبدالرحمان المحميد، عبدالله المراغي، فتحي الصقر، وذلك تعبيرا عن الشكر لدورهم وروحهم الوطنية العالية وحسهم الفني الرفيع، والإحساس العالي بالمسؤولية الذي تمثلوا به تجاه هذا الحدث الفني بكل تفاصيله وعناصره، متمنياً أن يشكل حدث أوبرا ديرة نقطة مضيئة في تاريخ الحركة الفنية في الكويت، وانطلاقة جديدة تضاف للإرث الثقافي والفني الذي سعى الرواد لتكوينه وتمكينه للمساهمة في بناء الإنسان.