مع انخفاض تكلفة إنتاج النفط الصخري إلى نحو أربعين دولاراً للبرميل في كثير من المواقع، تجد الدول النفطية التقليدية (وبالأخص دول الخليج) نفسها أمام اقتصاديّات جديدة تماماً في سوق النفط، تنذر باستمرار انخفاض الأسعار إلى مستويات أقل بكثير من المستويات الراهنة.ولوقت طويل، ظل المحلّلون يعتقدون أن ارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخري يوفّر أرضيّة لانخفاض الأسعار، إذ إن تراجعها إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل يجعل الإنتاج غير مجدٍ في الولايات المتحدة، وعندها ينخفض المعروض في السوق فتعود الأسعار إلى الارتفاع.لكن المعطيات الجديدة تشير إلى أن الشركات العالمية المنتجة في الولايات المتحدة نجحت في تخفيض تكاليف الإنتاج بشكل ملموس، وبات بإمكانها تحقيق أرباح حتى لو انخفضت الأسعار إلى 50 دولاراً، ما يحتّم على الدول المنتجة التفاهم لتخفيض الإنتاج في جهد منسّق إذا ما أرادت للأسعار أن تتماسك.وتشير المعطيات إلى أن تكلفة استخراج النفط الصخري وصلت في كثير من المناطق الأميركية مثل تكساس التي يصل إنتاجها اليومي إلى 2.5 مليون برميل يومياً، إلى 40 دولاراً مع الضرائب والرسوم، ما يعطي مجالاً للولايات المتحدة لخفض تكلفة الطاقة، مع ما لذلك من آثار إيجابية على النمو الاقتصادي لديها.وتتوقع مصادر عديدة أن تتغير الخريطة النفطية العالمية ومراكز القوى للاعبين الأساسيين وقد تدخل معه أسعار النفط إلى نفق مظلم عند حاجز الـ40 دولارا كلفة النفط الصخري، لتصبح الدول النفطية التقليدية في موقف أضعف، خصوصاً الدول التي لم تستثمر فوائض السنوات السمان في مشاريع تعوضها عن النفط وتخرجها من تحت رحمة اسعاره.وتؤكد المصادر أن أوروبا والعالم على أعتاب انكماش اقتصادي، وعلى الدول الخليجية مراجعة أوجه صرفها لميزانياتها واستثمار فوائضها.وفي جديد أسعارالنفط، سجل سعر برميل النفط الكويتي تراجعاً جديداً بنحو 2.12 دولار أول من أمس، ليستقر عند مستوى 71.4 دولار، في مستوى قياسي منخفض جديد منذ أربع سنوات، ليبتعد بنحو أربع دولارات عن سعر التعادل للميزانية العامة.عالمياً، قفز سعر برنت نحو ثلاثة في المئة معوضاً خسائره التي مني بها يوم الخميس ومقلصاً ثامن خسائر أسبوعية على التوالي جعلت الخام القياسي العالمي فرصة جيدة للشراء بالنسبة للبعض.يشار إلى أن أسعار النفط الكويتي تصدر متأخرة في اليوم التالي للتداولات، وغالباً ما تحذو حذو الأسعار العالمية مع الحفاظ على هامش الفرق في الأسعار، ولذلك يُتوقع أن تكون أسعار الخام قد ارتفعت أمس.وارتفعت أسعار خام النفط برنت نحو دولارين أمس مسجلة أكبر مكسب يومي في ثلاثة أسابيع مع ظهور الدعم لها بعد يوم من هبوط الأسعار لأدنى مستوى في أربعة أعوام من دون 80 دولارا للبرميل لكن المحللين يشككون في إمكانية استمرار التعافي بسبب المخاوف من تخمة المعروض.وقفز سعر برنت نحو ثلاثة في المئة معوضا خسائره التي مني بها يوم الخميس ومقلصا ثامن خسائر أسبوعية على التوالي جعلت الخام القياسي العالمي فرصة جيدة للشراء بالنسبة للبعض. ولا يزال برنت دون 80 دولارا مقارنة مع أكثر من 115 دولاراً للبرميل في يونيو.وزاد الخام الأميركي اثنين في المئة وهي أكبر مكاسب له منذ الثالث من سبتمبر بعدما خسر أربعة في المئة يوم الخميس حيث حصل على دعم من تكهنات بزيادة الطلب على وقود التدفئة في ظل توقعات بطقس بارد في عطلة نهاية الأسبوع في مناطق الشمال الشرقي والغرب الأوسط بالولايات المتحدة.وارتفع عقد برنت لشهر أقرب استحقاق يناير 2.5 في المئة إلى 79.41 دولار للبرميل عند التسوية.وأنهى الخام الأميركي التعاملات مرتفعا 1.61 دولار إلى 75.82 دولار للبرميل بعدما نزل إلى 73.25 دولار للبرميل أدنى مستوى له في أربع سنوات.وقال الخبير النفطي رئيس مركز الافق للاستشارات الادارية الدكتور خالد بودي ان سعر البرميل قد يصل الى 50 دولارا ما لم تتحسن اوضاع الاقتصاد العالمي وتتخذ الدول المنتجة اجراءات لخفض الانتاج والحد من وفرة المعروض.ورأى بودي ان هناك مخاوف من ضعف الطلب على النفط في ظل وفرة في المعروض تقدر بنحو مليوني برميل يوميا مشيرا الى ان هذه الكمية ليست بالضخمة لكنها تمثل عنصر ضغط على الاسعار.واشار الى انه لا يمكن ان تعود الاسعار للارتفاع مرة اخرى الا اذا تحسنت اوضاع الاقتصاد العالمي وكانت للدول المنتجة قرارات وبالأخص منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) بخفض الانتاج مؤكدا ان هذا القرار ليس سهلا وإن كان هو الحل لوقف تدهور الاسعار.وحذر بودي من ان الاسعار قد تصل الى 50 دولارا للبرميل وربما ادنى من ذلك اذا لم يكن هناك دعم للاسعار من قبل المنتجين وبالاخص «اوبك» التي تنتج نحو ثلث الانتاج العالمي من النفط.وتوقّع بودي ان تتخذ منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) خلال اجتماعها في الـ27 من نوفمبر الجاري عدة اجراءات لوقف تدهور الاسعار اولها خفض الانتاج مشيرا الى ان الحديث عن ان هذا التدهور في الاسعار قرار سياسي غير دقيق وانما هي مجرد تكهنات يصعب اثباتها حيث لا يمكن بسهولة التحكم في السوق النفطية من قبل دولة او حتى عدة دول.ورأى بودي ان اسعار النفط قد تسترد بعضا من عافيتها مع قدوم العام 2015 لتصل الى 80 دولارا او أكثر بحسب عودة النمو الاقتصادي أما اذا لم يحدث ذلك النمو فلن تعود الاسعار لهذه المعدلات.