كل من يزور تركيا حاليا، ويتذكر كيف كانت قبل وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى سدة الرئاسة، يلحظ التغيير الكبير والتطور الملموس الذي بدت عليه تركيا الآن.تركيا اليوم أصبحت متفوقة - اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وسياحياً - على كثير من الدول التي لها ثروات وإمكانات أكثر منها، ومن أكبر الأسباب في ذلك التغيير - من وجهة نظري - هي الانتخابات الحرة والنزيهة، والتي أتاحت للشعب اختيار الحكومة التي تدير شؤون البلاد.عندما يدرك أي رئيس حكومة بأن الشعب هو الذي اختاره ليحقق له طموحاته وآماله، وأن هذا الشعب سيحاسبه، وأن استمراريته في المنصب من عدمها ستكون بيد الشعب، أجزم بلا تردد بأنه سيسعى جاهداً إلى تحقيق تلك الطموحات، وهي لن تتم بمجرد الأمنيات فقط وإنما من خلال العمل المتصف بالنزاهة والصدق والأمانة، وحسن اختيار القيادات المعروفة بالكفاءة والتي ستعينه على تلبية آمال الشعب.وعندما تنظر إلى الواقع العربي تجد أن كثيراً من الحكومات فُرضت قيادتها على الشعب ولم يقم هو باختيارها، ولذلك لن يبالي المسؤول - إذا لم يكن أميناً وصادقاً - بما يجري في البلد، ولن يكون لديه الحرص على تقويم الاعوجاج أو اصلاح الخلل، أو محاربة الفساد.ويزيد الطين بِلّة والمريض عِلة عندما لا يكون هناك مجلس نيابي -شعبي حر منتخب - يحاسب تلك الحكومات، فتُصبح الحكومات في مأمن من أي محاسبة، وينطبق عليها المثل المعروف «خلا لك الجو فبيضي واصفري».وقد يقول قائل إنه في بعض البلدان تُجرى انتخابات، ولكن الفوز لا يكون حليف الأفضل، ونقول هنا إن هذا الشعب عليه أن يتحمل سوء اختياره، وأن ليس له الحق في أن يندب حظه أو يتذمر من سوء إدارة حكومته لأنه هو من اختارها، وهناك مثل عربي يقول (يداك أوكتا وفوك نفخ)، وهو يضرب فيمن يقع في سوء عمله، وأصل المثل أن رجلاً نفخ في قِربة وربطها ثم نزل بها يسبح في النهر وكانت القِربة ضعيفة الوكاء (أي الرباط) فتسرب هواؤها وأوشك الرجل أن يغرق فاستغاث برجل كان واقفاً على الشاطئ فرد عليه قائلاً «يداك أوكتا وفوك نفخ» ويعني بذلك أنه هو الذي ربط ونفخ فلا يلومن إلا نفسه.في وطننا العربي هناك التجربة المغربية وهي جديرة بالاهتمام، كما أن التجربة التونسية بعد الثورة وإن واجهتها بعض الصعوبات من الثورة المضادة إلا أنني أتوقع أن تكون تجربتها الديموقراطية مثالاً يحتذى به، وهذا ما نتمنى من الشعب التونسي الشقيق تحقيق حسن ظننا فيه.Twitter: @abdulaziz2002