على الرغم من انتظاره الذي طال كثيرا، فإن واقع الحال يقول إن قانون البيئة الجديد الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم حكم عليه بالموت قبل أن يولد، وسط عقبات «كبرى» تجعل تطبيقه مستحيلا.فبخطوات متعثرة خرج إلى النور عمليا القانون الجديد الذي يخطو اليوم خطوته الأولى في ظل غياب التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية التي وقعت في ورطة 181 مادة أشبه بـ«البلوى» لافتقار آلية التنفيذ وعدم توافر الشرطة البيئية، حسب متخصصين ومراقبين للوضع البيئي.القانون الذي سيكفل صون البيئة في الكويت، يواجه قصورا حكوميا اتضح جليا في ربكة الجهات والمؤسسات الملزمة بالتقيد بجميع التشريعات وبالمعايير والاشتراطات البيئية اللازمة في هذا الشأن، بغية الحد من التلوث الناجم عنها، مما يكفل حماية البيئة ويصون مواردها الطبيعية على الوجه الأمثل.«الراي» رصدت آراء الجهات الحكومية ومدى استعدادتها لتطبيق مواد القانون، فكانت التباينات في تلك الآراء. ففي حين أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح أن الحكومة مع تطبيق جميع القوانين، «وأن أي قانون لابد من تطبيقه في أي جهة، سواء كانت حكومية أو غير حكومية»، أبدى رئيس لجنة البيئة في المجلس البلدي عبدالله الكندري تخوفه من القانون الجديد الذي يكمن في ازدواجية النصوص المتعلقة بالبيئة وما يترتب عليها من عدم الوضوح في اعتماد النص الواجب التطبيق، لافتاً إلى أن القانون يعتبر نقلة نوعية للكويت في مجال تعاطيها بالجانب البيئي.وقال الكندري لـ«الراي» ان تطبيق القانون يجب أن يكون وفقاً لجدول زمني محدد حتى لا يطبق بشكل عشوائي، ويترتب عليه ردود فعل لدى الشارع الكويتي، مؤكداً أن العقوبات موجودة ولكن المشكلة تكمن في آلية تنفيذ العقوبات، ولاسيما أن القوانين رادعة جداً، مما يدفعنا للمطالبة بضرورة توفير شرطة خاصة لجميع وزارات الخدمية وخاصة البيئة.وبين أنه قبل صدور القانون كان دور الهيئة ضعيف، إلا أنه مع صدور القانون الجديد لاعذر للهيئة من القيام بواجبها المنوط بها، موضحاً أن الأضرار التي تنتجها القطاعات الحكومية والوصلات غير القانونية، وبعض المصانع ضررها أكبر على البيئة ولذلك يفترض ملاحقة المخالفين منهم وفرض أقصى العقوبات.من جانبه، أشار مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور ناجي المطيري « أن قوانين البيئة وضعت ليس للتضبق على المواطنيين والمقيمين بل وضعت من أجل المحافظة على البيئة التي تتعرض للتدمير بشكل كبير بفعل أفعال الإنسان التي نجني ثماره الآن من تغيرات مختلفة على سطح الأرض، سواء في المناخ والماء والهواء وسطح الأرض.ولفت المطيري إلى أن دور المعهد يقتصر على المرحلة الأولى من وضع المعايير والدراسات والمعلومات المتوفرة نتيجة الابحاث والدراسات التي تطلب من المعهد، مشيرا إلى أن دور المعهد يقتصر علي وضع القانون فقط وتقديم الدراسات والاقترحات لكن تطبيق القانون يقع على عاتق الهيئة العامة للبيئة.أوضح المطيري أن الكويت تتعرض لتلوث بيئي كبير في البر والبحر والجو، حيث تتعرض الكثير من الحيوانات المائية إلى تلوث كبير جراء التلوث في البحر ومن أفعال الإنسان التي تضر بشكل مباشر الكائنات البحرية، وكذلك التلوث في الصحراء من مخلفات تلقى في غير الأماكن المعدة لذلك، وكذلك المخلفات الناجمة من الحرب العراقية.ولفت المطيري إلى أنه من الضروري على جميع الجهات في الكويت ان تعمل على الحفاظ على البيئة التي هي العنصر الرئيسي للحياة، مشيرا أن صدور القانون جاء متأخرا حتى نحافظ على الجزء المتبقي القليل الذي لم يتعرض لتلوث واعتداء من قبل الإنسان.وبين أن معهد الابحاث يقدم بشكل مستمر الدراسات التي تعمل على الحفاظة على البيئة سواء طلبت منه أو لم تطلب ويقدمها إلى جهات الاختصاص بصفة مستمرة.في السياق ذاته، قال مدير العلاقات العامة الاعلام الأمني عادل الحشاش أن «وزارة الداخلية تنسق مع أجهزة الدولة المختلفة لتطبيق قانون البيئة الجديد وتساند جميع الجهود الرامية لتنفيذ القانون مؤكدا أن «رجال الامن سيطبقون القانون بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة».وأضاف الحشاش في تصريح لـ«الراي» أن «رجال وزارة الداخلية يشرفون في تطبيق 26 قانونا إضافة إلى قانون البيئة الجديد، ولن نتهاون في تطبيق القانون من خلال تضافر الجهود وتعاونها.وأكد انه لا يوجد في وزارة الداخلية شرطة بيئية حتى الآن، وسيقتصر تطبيق القانون على رجال الامن العاديين.بدورها، أعلنت أمين عام جمعية حماية البيئة وجدان العقاب أن «الجمعية ستطلق حملة تعريفية وتوعوية بقانون البئية الجديد الذي سيطبق اليوم مشيرة أن الحملة ستعنى بالتوعية المجتمعية بقانون حماية البيئة ومواده المختلفة.وأكدت العقاب لـ«الراي» أن الحملة تهدف إلى التوعية والتعريف بأحكام ومواد القانون الذي يعتبر حجر الأساس لحماية البيئة الكويتية والتطوير الدائم لأداء العمل البيئي بغية الاستخدام الأمثل للموارد في البلاد وصيانتها.ودعت العقاب الشركات والمؤسسات كافة الى المشاركة في هذا العمل الوطني الذي سيعود بالنفع على المجتمع وصحة أبنائه وسلامة ممتلكاته وموارده وزيادة الوعي بأهمية المسؤولية المجتمعية حيال البيئة الكويتية.وأضافت أن الحملة ستشهد انتاج «فلاشات» اعلانية متلفزة موضوع كل منها إحدى مواد القانون موضحة أنه سيتم اختيار المواد ذات التشابه باختصاص أي من الشركات والمؤسسات المشاركة في الحملة.وذكرت أن مدة كل فلاش اعلاني ستكون 40 ثانية، وسينشر في القنوات الفضائية وعبر قناة الجمعية على «يوتيوب» فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعي وتنال الجهة المشاركة في الحملة شهادة المسؤولية المجتمعية البيئية.وبينت العقاب أن القانون الاول من نوعه في الكويت ويعد من أكثر القوانين شمولية لمختلف جوانب العمل البيئي في البلاد ويأتي بناء على مقتضيات الواجب وضرورة العمل على تقديمه للمجتمع بمختلف شرائحه وأفراده ومؤسساته ليكونوا على اطلاع ودراية به.وناشدت الحكومة الالتزام بتحديد فريق متخصص بعملية متابعة تنفيذ القانون وما يحويه من التزامات بيئية بالتعاون مع قطاعات الدولة خصوصا قطاعات المجتمع المدني والخاص، مشيدة بأعضاء لجنة المرافق العامة وبتجاوب الحكومة وتوافقها ممثلة بوزير النفط ووزير الدولة لشؤون مجلس الامة ورئيس المجلس الاعلى للبيئة الدكتور علي العمير والهيئة العامة للبيئة، مشيرة الى الدور الفني المتخصص الذي اضطلع به فريق عمل القانون والذي تم تشكيله بالجمعية لهذا الشأن.وفي السياق نفسه أكد رئيس قسم المتابعة البيئية وكبير الجيولوجيين في وزارة الاشغال العامة المهندس منذر بوعباس أن الوزارة لا تملك مخالفة أي جهة تقوم بالتعدي على البيئة والإضرار بالحياة البحرية أو البرية في حال قامت تلك الجهة بإلقاء أي مخلفات سواء كانت صناعية أو صرف صحي، مبينا أن الأشغال لا تملك حق الضبطية القضائية التي تخولها محاسبة ومعاقبة كل من يتعدى على البيئة برمي مخلفاته، سواء كانت صرفا صحيا أو زيوتا يتم إلقاؤها في شبكات الصرف الصحي أو صرف الامطار من قبل الكراجات أو المطاعم.وقال بوعباس في تصريح لـ«الراي» ان الاشغال تقدمت منذ فترة طويلة بطلب حصولها على حق الضبطية القضائية، إلا أنها لم تحصل عليه حتى اليوم ومازالت الوزارة بانتظار رد الفتوى والتشريع بخصوص ذلك، لافتا إلى أن دورها يقتصر حاليا على معاينة مواقع التلوث ووضع تقرير حول ذلك ورفعه إلى الهيئة العامة للبيئة أو الجهات الحكومية المختصة الاخرى لاتخاذ ماتراه مناسب تجاه تلك الممارسات وأضاف أن وزارة الاشغال تبذل جهدا كبيرا في مجال حماية البيئة لمنع التلوث والحد منه ومكافحته للحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية وعد الإضرار بالحياة البحرية والبرية من أي تلوث قد ينتج من مرافق الصرف الصحي، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للبيئة والجهات الحكومية الاخرى لحماية البيئة والحد من اي أضرار قد تتعرض لها الحياة البيئية
محليات
غياب التنسيق بين الجهات الحكومية المعنيّة أفقده آلية التنفيذ مع عدم توافر الشرطة البيئية
قانون البيئة الجديد... عقبات تجعل التطبيق مستحيلاً!
09:13 م