غياب المنهجلكل مجتمع سمات تميزه عن غيره من المجتمعات، هذه السمات ماهي الا انعكاس لثقافة أفراد المجتمع خصوصا أولئك الذين ينتمون للمجموعات المسيطرة أو (المجتمع المصغر Community) والذين يسهمون بشكل كبير في رسم سمات المجتمع، وللتوضيح هذه المجموعات قد تتشكل بسلطة أو طبقة معينة أو طائفة معينة أو مجموعة اقتصادية أو بتيارات سياسية، أو بنخب.كما ذكرنا بالجزء الاول لهذا المقال، أن من رسم سمات المجتمع الكويتي في السابق كانت مجاميع مخلصة انعكست ثقافتها بتحديد ثقافة المجتمع فعرف عن المجتمع الكويتي ذكاؤه في التجارة وصلابته بتحدي معطيات الواقع لتوفير لقمة العيش كما كانت ثقافة مساعدة الناس والاكتراث لهموم البعض سمة مهمة من سمات المجتمع الكويتي، وكان أيضا مجتمعا منفتحا ومواكبا للتطورات الاقليمية، ولعل أكبر دليل هو نضال النخب حينها في تحقيق الحياة الديموقراطية من خلال الدستور والبرلمان، وفي هذه الفترة تحديدا قامت السلطة بخلق مجاميع أخرى (اقتصادية وسياسية) ودعمها دعماً لا حدود له حتى تخلق الموازنة لمصالحها.فمن الناحية الاقتصادية، استطاعت السلطة خلق تجار جدد توزع عليهم ثروات البلد ومنعها عن التجار الصادقين الذين بنوا هذا المجتمع الأمر الذي أدى مع مرور الوقت الى رضوخ بعض «أبناء وورثة» بعض المجاميع التجارية لهوى السلطة، حيث ان بعض أبناء التجار ورثوا التجارة من آبائهم ولكنهم لم يرثوا القيم وحب المجتمع هذا ما جعل الاهتمام بالذات يطغى على الاهتمام بالمجتمع، ومن هنا انتشرت ثقافة تحقيق المصالح الخاصة بأي طريقة ممكنة ما انعكست على ثقافة المجتمع بل أصبحت سمة من سمات مجتمعنا الكويتي.أما من الناحية السياسية، نجحت السلطة بخلق متنفذين ومجاميع تابعة لها بشكل كلي وفتحت لهم كل أشكال المعاملات حتى يلجأ المواطن لهم، وهنا خلقوا ثقافة الواسطة على أتفه الأمور، الأمر الذي انعكس سلبا على سمات المجتمع الكويتي، بل انعكس سلبا على طموح وابداع الشاب الكويتي!، بل ذهبت السلطة حينها الى أبعد من ذلك من خلال دعم بعض الجماعات السياسية التي تستغل الدين في عملها السياسي حتى تمسح ثقافة «العمل وفق الدستور» ظنا منها (أي السلطة) بأن مواد الدستور تسحب من صلاحياتها ما أدى الى لخبطة في المنهج العام للمجتمع فالظاهر مجتمع ديموقراطي وبالواقع هدم كل أعمدة الديموقراطية.ان ما سبق جعل لكل متنفذ مجتمعه الخاص! وقوانينه الخاصة! وهذا ما قاد الى خلق دويلات داخل الدولة، وخلق ولاءات قدست ولا تزال تقدس الأشخاص لا القيم ولا الوطن، ولاءات أعمدتها المصلحة الخاصة للمتنفذ لا المصلحة العامة للمجتمع.كل ما سبق ما هو الا بعض الحقائق التي ساهمت في غياب المنهج العام للمجتمع وما هو الا بداية انحدار الثقافة العامة التي يتغذى منها المواطن الكويتي والتي سنبينها في سلسلة المقالات المقبلة.د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:المجتمع الناجح الفعال هو ذلك المجتمع الذي يبني الإنسان!@Tabtabaee