طغى «دخان» التطوّرات الدراماتيكية في قضية العسكريين اللبنانيين المخطوفين والمخاوف من تداعيات كارثية لها، على المشهد في بيروت التي وجدت نفسها أمام «كرة نار» يشكّلها هذا الملف الذي استدعى «استنفاراً» سياسياً وامنياً في محاولة لاحتواء «لهيبه» الذي صار يلفّ مجمل الوضع اللبناني في ظل فراغ رئاسي مفتوح منذ 25 مايو الماضي وبات مساره محكوماً بالتحولات الكبرى في المنطقة.وفيما كانت توقّعات في بيروت تشير إلى ان رئيس الحكومة تمام سلام يعتزم الايعاز بطلب انعقاد مجلس الامن لبحث الواقع في عرسال وسط المخاوف من انفلات الوضع فيها بعد الاعتداء الذي تعرض له الجيش داخلها الجمعة ثم إعدام «جبهة النصرة» الجندي محمد حمية وتجدُّد مسلسل التفجيرات الانتحارية بقاعاً، بدا واضحاً ان سلام الذي يغادر بيروت اليوم متوجهاً إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة سيحمل معه «لغم» ملف العسكريين الذي بات العنوان المرادف لـ «مواجهة الارهاب»، إلى جانب قضية اللاجئين السوريين في لبنان الذي يتحمّل عبء نحو 1.3 مليون نازح يشكلون نحو ثلث سكانه ولم تف الدول المانحة سوى بـ 17 في المئة من التزاماتها تجاههم، من دون ان يغيب ملف الانتخابات الرئاسية من بوابة التشديد على وجوب إنهاء الفراغ في أسرع وقت لتحصين الواقع اللبناني حيال ما تشهده المنطقة.وسيترجم سلام في نيويورك، حيث سيشارك ايضاً في اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان، الاستراتيجية السياسية التي تم الاتفاق عليها «بعد جدال» في مجلس الوزراء قبل ايام حيال ملف الارهاب ومحاربة «داعش» والتي تقوم على ثلاثة مرتكزات هي «استفادة لبنان من ضرب داعش من دون تحمّل أي أعباء أو المساهمة بأخذ أي حصة أو تعهد بعمل ميداني خارج الأراضي اللبنانية، والاكتفاء بالمشاركة في الاجتماعات التي تعقد ومتابعة الاجراءات من دون الالتزام والانضمام إلى أي حلف على غرار ما هو حاصل بالنسبة إلى العراق وبعض الدول الأخرى، واعتبار لبنان نفسه معنياً بمكافحة الارهاب بكل الوسائل، لكنه في الوقت نفسه حريص على تحييد نفسه عن سياسة المحاور وعن الصراعات داخل الدول».وسيظلل هذا السقف المحادثات الثنائية المرتقبة لرئيس الحكومة مع كل من الرئيسين الفرنسي فرنسوا هولاند والتركي رجب طيب اردوغان والعاهل الاردني الملك عبد الله فضلا عن وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف والسعودية الأمير سعود الفيصل، وهو ما يُنتظر ان يساهم في تكوين صورة واضحة عن مقاربة هذه الدول للواقع اللبناني كما لآفاق التطورات في العراق وسورية في ضوء الحرب على «داعش» وارتداداتها المحتملة لبنانياً.ولم تحجب هذه الوقائع الأنظار عن ملامح التدافُع بين معادلتيْن ارتسمتا في المشهد السياسي اللبناني وقوامهما: إما انتخابات نيابية في موعدها اي 16 نوفمبر المقبل و«على الطريقة العراقية» تفتح الباب امام انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، او انتخابات رئاسية بتسوية مفاجئة قبل انتهاء ولاية البرلمان في 20 نوفمبر تترافق مع تمديد «تقني» لمجلس النواب. وبين المعادلتين لا يسقط احتمال «لا انتخاب رئيس جديد» و«لا انتخابات نيابية» بل «نعم» لتمديد الضرورة للبرلمان تفادياً للفراغ «القاتل».وتَعزّزت هذه السيناريوات بعد لجوء طرفيْ الصراع، وإن تحت سقف «الستاتيكو» الذي يحكم الوضع اللبناني والذي تعبّر عنه حكومة سلام، إلى سقوف «الحد الاقصى» في لعبة «عض الاصابع» حيال ملفيْ الانتخابات الرئاسية (تضرب موعداً مع جلسة انتخاب جديدة غداً) والنيابية بعدما حسم الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» خياره بإعلان «الرئاسية اولاً، وهو ما قابلته 8 آذار برفْع التحدي عبر التلويح بوضع اتفاق الطائف على طاولة البحث باعتبار ان أزمة الحكم في لبنان تستدعي اعادة النظر في النظام القائم، وهو ما يشكل امتداداً للدعوات السابقة إلى «مؤتمر تأسيسي» يعيد تقاسُم كعكة السلطة في لبنان.

الراعي: لا أحد أهمّ من رئاسة الجمهورية

بيروت - «لراي» |واصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي انتقاد العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، معتبراً انه «في لبنان، أدى التسلط والاستكبار والانقسام السياسي والمذهبي والارتهان والتحجر في الموقف والتعلق بالمصالح الشخصية والفئوية، إلى مخالفة كبيرة للدستور، وهي عدم انتخاب رئيس منذ ستة أشهر، وبالتالي إلى شل انتظام المؤسسات الدستورية».وأكد الراعي في عظة الأحد أن «لا أحد أكبر من الوطن والدولة، ولا أحد أهم من رئاسة الجمهورية، وأمامها وأمام مصلحة البلاد العليا تسقط كل الاعتبارات الشخصية والفئوية».