دشن الملتقى الثقافي، وصاحبه الروائي طالب الرفاعي، موسمه الثقافي الرابع، بندوة أدبية بعنوان «الإبداع الشبابي وقضايا المجتمع: المجموعة القصصية النيرفانا... أحياناً مغلقة»، والتي كان فارسها قاصاً كويتياً شاباً مثابراً يدعى عبدالله عفتان العتيبي.ومن خلال قراءتي للمجموعة، وحديثنا ونقاشنا في الملتقى، وجدت شابا صادقا، اجتمع عنده الحديث عن تجربته الأولى والهموم التي تؤرقه بعدم الانفعال، وذلك على النقيض من نصوصه القصصية الأولى، التي امتلأت عوالمها بالصخب وتشابك العلاقات، واحتشاد القلق الدائم لدى الأبطال... وما هذا الحضور الهادئ المتلازم لهذا الشاب، مع هذا الصدق، إلا - على ما يبدو - ممارسة ستغني هذه التجربة الإبداعية، وتعمق من بعدها مستقبلا بإذن الله.وكانت المجموعة القصصية «النيرفانا... أحياناً مغلقة» قد تميزت بعدم انزلاقها في مزالق الكتابة الشبابية الشعبوية، التي أفضت في محصلتها الأخيرة إلى تداخل رخو بين الإنتاج الأدبي الشبابي الجاد وضده الشبيبي الكسلان، الممتلئ بفيض من الركاكة العامية السخيفة، متميزة أيضا بابتعادها عن المظاهر السائدة لبعض الشباب الباحثين عن شهرة سريعة متوهمة.ويبرز لدى هذه المجموعة أيضاً - على النقيض من الإنتاج الأدبي الشبابي المُقصر إذا جاز التعبير - ابتعاد الكاتب عن التلقين السطحي، والكتابة الخطابية، ما ميز المجموعة وصاحبها، حيث انه لم يسلك مسلكا أسميه أحياناً بــ «الكتابة التلفزيونية»، مدركاً - بمقصدية بالتأكيد - الفرق الجوهري بين النص الأدبي المزعوم، وبين الكتابة التأصيلية والجادة.والحق أنني تسمرت بعض الشيء، حينما اطلعت على «النيرفانا... أحياناً مغلقة» في المرة الأولى، وذلك لمهارة عبدالله في الوقوف على التفاصيل الصغيرة غير البارزة في الحياة... ولفته الانتباه في سياق قدرته على نقش أهواء ونوازع الشخصيات على الصفحات، بما يومئ بقدوم قاص سيكون له حضوره، متى ما استمرت التجربة بالاندراج في السياق الجاد العام.ولفتني، أن كاتبنا لا يقدم في «النيرفانا... أحياناً مغلقة» حقائق سياسية/اجتماعية/تاريخية، وإنما يصوغ كتابة تمانع محدودية الوضع الإنساني، ما أسس نصوصه على قراءة الإنسان كنواة للحقيقة، المتحركة خارج الأعرف التي تصفدها بالأغلال والقيود... في كتابة لا تعطي أجوبة بقدر ما تطرح أسئلة!وبغض النظر عن المجموعة القصصية الشبابية المميزة، فقد كانت محصلة حواراتنا الطويلة في جلسة الملتقى الثقافي الأولى في موسمه الثقافي الرابع، هي قناعة تامة، بأن الحركة الأدبية الكويتية، سوف تظل واقفة وثابتة وراسخة، بالتحام أجيالها التي ترعى بعضها بعضا، وما كان دور باسمة العنزي «الكريم» بتشجيع عبدالله العتيبي في بداياته، فضلا عن تسليط الملتقى الثقافي الضوء على تجربة هذا الشاب، إلا نموذجا يرتفع إلى هذا المستوى.* أستاذ النقد والأدبaliali2222@hotmail.com