يمضي «حزب الله» في معاركه المتعددة الساحة... في لبنان على جبهات المعركة الرئاسية وتخوم القلمون السورية، وفي مواجهة تداعيات صعود نجم «التيار التكفيري» في المنطقة وفي سورية عبر القتال الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد، وفي العراق عبر تولي ضباطه تدريب متطوّعين لقتال «الدولة الاسلامية» (داعش).هذه «الاجندة المترامية» لـ «حزب الله» عبّرت عنها امس حركة مسؤوليه ومواقفهم، فأمينه العام السيد حسن نصرالله استقبل في «وقت ما» غير محدد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في تطور يتصل على الارجح بالانتخابات الرئاسية في لبنان ومصير الفراغ المستمر في رأس الدولة منذ اكثر من ثلاثة اشهر.ورغم التكتم على نتائج لقاء نصرالله - عون، فان المواقف المعلنة لرئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد فنائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم ركزت على «خريطة الطريق» نحو مواجهة التيار التكفيري، وهو ما عبّر عنه ايضاً اكثر من مسؤول في «حزب الله»، الذي سعى الى «اطفاء» التوترات التي شهدها الشارع على مدى الايام الاخيرة.وفُهم في هذا السياق ان «حزب الله» الذي يرفض وفي شكل حاسم تقديم جوائز «ترضية» لخاطفي العسكريين اللبنانيين، لم يطالب بإعدام اسلاميي «سجن رومية» بل دأب ومنذ اعوام على الدعوة الى تسريع محاكمات هؤلاء، وهو ما زال على هذا الموقف الذي كرره في مناسبات عدة.ومن غير المستبعد ان يكون لقاء نصرالله - عون تطرق الى الواقع اللبناني الشديد التأزم نتيجة خطف المجموعات الارهابية لعسكريين لبنانيين، اضافة الى ما تشهده المنطقة من وقائع لاهبة مع انفلاش «الدولة الاسلامية» وفرض تحديها على دول المنطقة وشعوبها وعلى العالم اجمع.الا ان الملف الاكثر حساسية الذي يُعتقد انه شكل «الصحن الرئيسي» على طاولة النقاشات يتصل بالمأزق الذي تعانيه عملية انتخاب رئيس جديد في لبنان، في ضوء تحول عون الى «قفل ومفتاح» لاسباب ترتبط بالمقايضة بين إما انتخابه رئيساً وإما تعطيل جلسات الانتخاب.ويدرك «حزب الله» الذي لم يبدأ بمناقشة اي خيارات بديلة عن العماد عون، انه لا يمكن الخروج من الفراغ الرئاسي الا عبر توافق بين طرفي الصراع في البلاد «8 و 14 آذار» على رئيس تسوية، وهو الامر غير المتوافر في حليفه زعيم «التيار الوطني الحر».وبحسب البيان الذي صدر عن الوحدة الاعلامية لـ «حزب الله» فقد عرض نصر الله وعون في لقائهما الذي حضره وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) والمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا «الأوضاع الخطيرة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، وبخاصة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل وتهديداتها المستمرة وأفعالها الجرمية الموصوفة، وخطر الموجة التكفيرية الإرهابية التي تؤسس للفوضى الشاملة والتي يتوجب مواجهتها».وكان الشيخ قاسم دعا في تصريح صحافي الى «معالجة شجاعة لمسألة عرسال وصولا الى تحرير العسكريين»، رافضا عمليات الخطف والانسياق في المسار الذي يريده الإرهابيون، داعياً «14 آذار» الى «الكف عن التبرير للتكفيريين»، ومؤكداً ان «الخيار الصحيح هو ان نجلس معا، ونتفق بطريقة موضوعية على معالجة كل القضايا، فلا الشتائم تأتي بحل، ولا بث السموم الإعلامية بل الطريق الحصري هو الاعتراف بأنّ لبنان بلد متنوّع ولا يحكم إلا بتفاهم أبنائه».