يبدو أن الصورة الوردية التي طبعت العلاقة بين السلطتين خلال السنة الماضية، في طريقها إلى السوداوية، في ظل ما تشهده الساحة من تصعيد على جبهتين، المواجهات بين النواب والوزراء من جهة، والنواب أنفسهم من جهة ثانية.ولعل المتابع لأحداث الشأن المحلي، ولا سيما ما يصدر عن مجلس الأمة يلمح أن «في الجو غيم» وأن هناك توجها ما لنوع من الصدام بين السلطتين، فأكثر من نائب وجهوا بوصلات رقابتهم وأدواتهم الدستورية نحو وزراء معينين، يأتي في مقدمتهم النائبان الدكتوران عبدالله الطريجي وعبدالحميد دشتي، اللذان يحدث بينهما تناغم محير، وهما «يتغازلان» بالتصريحات والأسئلة، قاصدين نائب رئيس الوزراء وزيرالتجارة والصناعة وزير التربية والتعليم العالي بالوكالة الدكتور عبدالمحسن المدعج، ففيما طلب الأول من الوزير «أن يقتص الحق من نفسه ويرتاح ويريحنا» بالاستقالة، أكد الثاني أن «تجاوزات المدعج قد أحصيت ليوم حساب اقترب.. إن أمهلها لأجل»!وفي سبيل هذا التصعيد وجه الطريجي خاصة خلال الأسبوع الماضي كما هائلا من الأسئلة البرلمانية للمدعج، يحتاج الوزير، حقيقة إذا ما أراد الإجابة عنها، إلى أن يترك كل مهامه الوزارية في التجارة والتربية والتعليم، ويتفرغ لكتابة الإجابة وتلقي المعلومات من الجهات ذات الاختصاص في الوزارات التي يتولى حقائبها، ولن يستطيع إنجاز ما سئل عنه خلال شهر من تفرغه. فلا أبالغ إن قلت إن ما وجه للوزير من أسئلة يتجاوز المئة بين أسئلة رئيسية وفرعية، سيجد المدعج نفسه أمامها عاجزا عن الإحاطة بها كاملة.دشتي من جانبه لم يقصر في توجيه الأسئلة، وإن كان جنح للتصريحات المنتقدة والمهاجمة لسياسة الوزير، حتى وصل إلى اتهامه بـ «الطائفية»، في صورة تشير بما لا يدع مجالا للشك - تصريحا لا تلميحا - إلى أن درب الوزير المدعج نحو المنصة «خَضَر» مع بداية دور الانعقاد الجديد.من جانبه، سل النائب طلال الجلال سيف أدواته الدستورية، ووجه سيلا من الأسئلة على مدى يومي الأربعاء والخميس الماضيين، مسددا من جانبه باتجاه وزير الأوقاف بالنيابة، وإن كانت الأسئلة لا تستهدف الوزير بذاته، فإنها تقصد قيادات الوزارة ومفاصلها الإدارية.وعلى الجبهة ذاتها تبدو وزيرة الشؤون وزيرة التنمية هند الصبيح مرشحة للتصعيد ضدها من قبل النائب عبدالله المعيوف الذي قال إنه بصدد توجيه حزمة اسئلة برلمانية لها حول «عودة التعيينات السياسية في المناصب القيادية للوزارات والمؤسسات الحكومية» ومدى الالتزام بتطبيق قوانين الخدمة المدنية وعلى ضوء الردود التي سيتلقاها سيتحدد تحريك المساءلة السياسية.ووزير النفط يواجه تصعيدا على جبهة الشركات العاملة في مجال البترول، ووزير الإعلام تحت المجهر بعد إحالة نجوم الفن الكويتي للنيابة، ولم يسلم وزير الكهرباء من سهام النقد والتهديد..وغير ذلك هناك كم كبير من الأسئلة البرلمانية تواجهنا هناك، ويبدو أن لها غايات وأهدافا ستتضح مع انطلاق دور الانعقاد المقبل.وبالمقابل، وللتدليل على أن مجلس الأمة يفتقد للتجانس والتنسيق، فقد وقف عدد غير قليل من النواب مع الوزير المدعج في وجه هجوم النائبين الطريجي ودشتي، مؤكدين أنه وزير إصلاحي ويعمل للمصلحة العامة، وأن هناك أهدافا شخصية وراء التصعيد ضده، كما دافع نواب عن وزراء آخرين، الأمر الذي يوحي بأن قاعة عبدالله السالم على موعد مع السخونة و«الانشقاق» في الصف النيابي بين مؤيد لهذا الوزير أو ذاك ومعارض.وبين «التي واللتيا» تقف خطة التنمية حزينة، ولاسيما أن وتيرة العمل في مشاريعها توقفت، وفق آخر التقييمات، التي دفعت عددا من النواب يتقدمهم يعقوب الصانع لاعتزام تقديم طلب عقد جلسة خاصة لمجلس الأمة، لمناقشة سياسة الحكومة في معالجة بطء الدورة المستندية المتعلقة بتنفيذ المشاريع التنموية، وأنه بدأ بجمع توقيعات النواب لعقدها. ولا شك أن ما سنشهده من تصعيد في بدء جلسات المجلس في دوره المقبل الشهر المقبل سيزيد من معاناة خطة التنمية وسيوقف حالها ويعيد الأمور في الساحة المحلية إلى المربع الأول!@Dr_alasidanh.alasidan@hotmail.com
مقالات
د. حمد العصيدان / كلمات ناطقة
«انشقاق» نيابي ... وتنمية نائمة!
09:19 ص