تنتهي غدا ولاية أول مجلس مفوضين لهيئة أسواق المال ليسدل الستار على تجربة قاسية جداً مرت على أول مجلس يدير هيئة حكومية، بل أكاد أقول انه لم يمر على هيئة حكومية أخرى مثل تلك التجربة، إذ بدأت بإنهاء عضوية ثلاثة من المفوضين ثم استمرت لتلحقها استقالة مفوض، ثم انتهت باختزال مدة عضوية مجلس المفوضين لتصبح أربع سنوات بعدما كانت خمس سنوات، ولمن لا يعلم، لم تكن الأشهر الستة الأخيرة عادية جدا على المتابعين لهيئة أسواق المال، ففيها اتحد الأضداد، وتنحت المجاملة، وانتشر مفهوم «الكلمة التي تستحي منها بدها»، ولا أنكر أن الكفتين كانتا متعادلتين في البداية، ثم أصبح لكل كفة مد وجزر، تارة تميل ناحية المنتقدين، وتارة تميل ناحية المدافعين، لربما كان للسياسة وللإعلام دور جوهري في حركة المد والجزر، كما أن لممثلي كل كفة دوراً جوهرياً في الدفاع عن وجهة النظر الخاصة بكل كفة، بل ان مصداقية ممثلي كل كفة أصبحت محل اعتبار في الترجيح.لا أريد أن أدخل في إبراز كشف حساب لأداء مجلس المفوضين السابق، فتلك صفحة وطويت، فالخلاف لم يكن خلافا شخصيا بل كان خلافا فكريا ومنهجيا، ولم يكن طموحا لتولي منصب بل كان فرض فكر ونهج جديد، ولا يعني أن عودة بعض المفوضين والتجديد لهم أن النهج القديم ما زال مستمرا، بل لنتفاءل أكثر ونمنحهم فرصة على الأقل ليفكروا في تغيير النهج السابق، أو على الأقل كيفية تلافي السلبيات السابقة والتفكير بطرح إيجابيات جديدة.لدي رسالتان، الرسالة الأولى هي لمجلس المفوضين الجديد، إذ يجب عليكم تكريم رئيس وأعضاء مجلس المفوضين السابق الذين لم يعودوا إلى مجلس المفوضين التكريم اللائق، وعندما أقول أعضاء مجلس المفوضين السابق فأنا أقصد العم صالح الفلاح والدكتور مهدي الجزاف وصالح اليوسف وباسل الهارون واستاذنا الدكتور يوسف العلي، كل منهم اجتهد وكل منهم كانت له رؤية، قد تختلف معه اختلافا عميقا أو تتفق معه اتفاقا بسيطا لكن يبقى أن وقته وجهده وفكره الذي منحه للهيئة يجب أن يكون له مقابل معنوي ولو على الأقل من زملائهم.أما الرسالة الثانية فهي للعم صالح الفلاح والدكتور مهدي الجزاف، ها قد انتهت ولاية مجلس المفوضين ولم أجاملكما وأنتما فيه ولن أجاملكما وأنتما اليوم تغادرانه، ويعلم الله أنني كنت ناصحاً لكما ومتوقعا (ولا أقول أعلم) لما سيجري، وأؤكد لكما أنه لا خلاف شخصياً معكما فأنتما لم تسيئا لي شخصيا، ومنازلتكما لي كانت منازلة الفرسان ومعركة فكر بفكر، ولا أنكر تبنيكما أحيانا لما طرحته من أفكار أو انتقادات وهذه تحسب لكما ولا تحسب لي، لذلك كل الشكر والتوفيق لكما.باختصار، وداعاً العم بو مبارك، وداعاً الدكتور مهدي، كفيتوا ووفيتوا.baderalmulla@hotmail.comtwitter : @maseelaq8