حينما يبلغ الحزن مداه، والهم أقصاه، ويقطر القلب دمعاً حاراً، فاعلم بأن سبتمبر قد أقبل.!في شهر سبتمبر تلاطمت الأمواج، وتبعثر الأمل، وأغلقت نوافذ التفاؤل، واطفئت شموع الفرح، واهتزت الجُدُر القوية، وانهارت السدود المنيعة، وما ذلك إلا لفراق والديّ، كانا على توافق وانسجام، وحب ووئام، لذا كان فراقهما في سبتمبر متشابهين، فقدتها في العام (2005)، ثم فقدته في العام (2010)، لقد تفانا بالعطاء والتربية، وأعدانا للحياة، وكوّنا عقولنا وأنفسنا على نحو سوي يمكننا من العيش بزماننا بكفاءة واستقامة، وأحاطانا بالاهتمام والرعاية، وقضيا حاجاتنا، ونمّيا مهاراتنا، دعمونا وساندونا كلما شعرنا بالفشل والخذلان، حفزانا لتعلم العلم وطلب المعالي.كانت أسرتنا متماسكة، صاغوها على أسس تربوية ناجحة، هندسوا حياتنا على تعاليم الإسلام وتقاليدنا الموروثة، شكلوا سياجاً منيعاً يحفظ شخصيتنا من الذوبان في المادية والمغريات والملهيات. والديّ نبلاء كرماء أهل مروءة، حرصا أن يرسخا في أذهاننا قاعدة جليلة، هي.. من يحترم نفسه يحترم الناس، ومن يحترم الناس يحترمه الناس، أصلحا سلوكياتنا بصبر ومثابرة، كانا يتراوحان في التربية بين ثواب وعقاب، وقدوة ونصيحة وتودد، وترغيب وترهيب، رسخا فينا أن المهم في النجاح -بعد توفيق الله- هو الاجتهاد والتعلم الجيد والمثابرة والاستقامة في السلوك.لقد تعاملا معنا بصدق وعدل ولطف، من دون ازدواجية المعايير، حتى لا نندفع إلى عدم الثقة بين ما نقوله ونفعله، شحذا هممنا، بثا الطمأنينة في نفوسنا، نمّيا لدينا حب الاستطلاع، ودعمّا روح التساؤل، والمشاركة والمناقشة للقضايا المختلفة. لن ولم انته من ذكر مناقبهما، ما خفي أعظم، وما بقي أكبر وأكثر. لم تعد للحياة حلاوة بعد ما فقدنا من كانا للروح أنفاسا، وللقلب نبضا وحياةً، ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا، واغفر لي كما بررت بهما كبيرا.twitter: @mona_alwohaim.alwohaib@gmail.com