اتخذ ملف العسكريين اللبنانيين الأسرى لدى «داعش» و«جبهة النصرة» منحى جديداً مع الدخول العلني لقطر بطلب من بيروت على خط التفاوض مع التنظيمين في محاولة لإنهاء هذه القضية التي بدأت تتحوّل «كرة ثلج» تتدحرج في السياسة والأمن على طول «خط النار» الممتد من العراق الى سورية.وانهمكت بيروت، امس، بالتقارير التي تحدثت عن عبور وفد قطـــري من عرسال الى القلمون السورية حيث حصل لقاء مع امير «النصرة» في المنطقة ابو مالك التل استمر خمس ساعات من دون التمكن من لقاء مسؤولين عن «داعش» لأسباب أمنية، وسط معلومـــــات عن ان الوفــــــد اقترح تكليف الشــيخ مصطفى الحجيري المفاوضات مع «الدولة الاسلامية» بالنيابة عنه وهو ما رفضه التنظيم، علماً ان الحجيري هو الذي دخل على خط الوساطة مع «النصرة» منذ بدء احداث عرسال في 2 اغسطس الماضي وخطف العسكريين.وذكرت تقارير أخرى ان شخصية سورية موفدة من القطريين هي التي عبرت الى القلمون والتقت أمير «النصرة»، من دون ان تتضح طبيعة ما حملته الوساطة القطرية ولا ما تقدّم به الخاطفون من الجبهة التي ما زالت تحتجز ما بين 15 و 18 عسكرياً ورجل أمن ظهر 9 منهم امس في شريط فيديو بثّته تحت عنوان «مَن سيدفع الثمن»، في مقابل احتجاز «داعش» عشرة عسكريين.وجاء هذا التطور، غداة نجاح الحكومة اللبنانية في التفاهم على مقاربة واحدة لملف الأسرى بدت معها كأنها «اشترت» تضامُنها وتماسُكها وفي الوقت نفسه كأنها مثل مَن «يبيع السمك قبل صيده».فحكومة الرئيس تمام سلام التي خرجت من جلستها «الماراثونية» اول من امس بتفاهم كل مكوّناتها على مقاربة واحدة لملف الأسرى تحت عنوان «رفض المقايضة او المساومة على حياة المخطوفين العسكريين» والقبول بمفاوضات عبر دول وليس مع أطراف لاستردادهم، بدت كأنها امام معادلة «سلبية» أنقذت معها وضعيتها وطوت صفحة «الإرباك الفاقع» الذي ساد تعاطيها مع قضية المخطوفين، ولكنها في الوقت نفسه رسمت «خريطة طريق» لحلّ على طريقة «السمك في البحر» الذي أثبتت الوساطة القطرية انه لن يكون ممكناً «صيْده» الا بالتفاوض الذي أقرت الحكومة نفسها بمبدئه مع الخاطفين، وإن عبر وسيط (دولة)، وهو التفاوض الذي من شبه المستحيل ان ينجح في «تصفير» كل شروط «النصرة» و«داعش» بمبادلة الأسرى بموقوفين اسلاميين، مع العلم ان المرونة التي يمكن ان تبديها «النصرة» في هذا السياق لا تنسحب على «داعش» الذي أطلق بذبح الجندي علي السيد مرحلة التفاوض بـ «السلاح الابيض».وبحسب دوائر مراقبة في بيروت، فان الحكومة اللبنانية محاصَرة بضغط شعبي تصاعُدي من أهالي الأسرى الذين طالبوا قائد الجيش العماد جان قهوجي بـ «اعتقال جميع الوزراء ومبادلتهم بالجنود المخطوفين» ورفضوا لقاء «خلية الأزمة» التي يترأسها الرئيس تمام سلام ولوّحوا بـ «فتنة مذهبية» ما لم يسترجعوا ابناءهم وأمهلوا 24 ساعة (انتهت امس) وإلا «التصعيد الكبير»، وتواجَه على المقلب الآخر بثبات الخاطفين على مطالبهم، وتبعاً لذلك لن يكون ممكناً ان «تنْفذ» من هذا الملف خارج محاكاة ما يطالب به الخاطفون، وهو ما يفسّر إقرارها مبدأ التفاوض الذي لا يمكن ان يكون الا على شيء ما اي على شروط «داعش» و«النصرة» مع محاولة للجم هذه الشروط وايجاد مخارج تضمن تلبية الحد الأدنى منها تحت عنوان «حفظ هيبة الدولة» ووفق منافذ قانونية من باب التساهل ضمن الأصول والقوانين بالنسبة لبعض الموقوفين عبر التقدم بطلبات إخلاء سبيل لمَن لا يزال ذلك ممكناً في ملفه مثلاً او تسريع المحاكمات او اعتماد القضاء سلطته الاستنسابية في اختصار مدة بعض العقوبات الخفيفة بحق بعض المحكومين أو الذين شارفت مدة محكوميتهم على نهايتها، اضافة الى نقل بعض الجرحى من مستشفى الى آخر بما يضمن أمنهم.ومن هنا ترى الدوائر المراقبة ان الحكومة بقراراتها اول من امس ضمَنت تضامنها ووفّقت بين المطالبين بحل لقضية المخطوفين ولو بالمبادلة وبين رافضيــــــن لذلـــــــك بالمطلق وآخرين اشترطوا لذلك عدم التفريط بهيبة الدولة، وسط رهان على ما ستحمله الوساطة القطرية في اطار بت هذا الملف الذي بات يشي بتداعيات خطيرة حتى على العلاقة مع النازحين السوريين في لبنان. علماً ان هذه القضية ستحضر في الزيارة التي يقوم بها وزير الداخلية نهاد المشنوق للدوحة في الساعات المقبلة يرافقه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.واستبق مجلس الوزراء اللبناني توسيط قطر بتوسيع عضوية لجنة «خلية الازمة» المكلفة إدارة ملف المخطوفين لتضم المكوّن الشيعي اذ أضيف الى عضويتها وزير المال علي حسن خليل الى جانب وزير الخارجية اللذين انضما الى وزراء الدفاع والداخلية والعدل، فيما بدا قرار الحكومة بالطلب من قيادتي الجيش والقوى الأمنية اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الوضع الأمني في عرسال وتحرير العسكريين المخطوفين في اطار ضغط معنوي على الخاطفين أكملته تلميحات بان لبنان يملك أوراق قوة بينها امكان الرد على اي اعدام لجندي جديد بتسريع تنفيذ أحكام الإعدام بحق اسلاميين موقوفين، وسط اقتناع بان اي عملية عسكرية لتحرير الأسرى دونه معوقات عسكرية وتعريض سلامة المخطوفين للخطر.
خارجيات
موفدها زار القلمون والتقى أمير «النصرة» ومعلومات عن تعذُّر الاجتماع بـ «داعش»
قطر تدخل على خط ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين
07:52 م