أدّت «الدولة الإسلامية» الدور الذي طالم حلم به الرئيس الأميركي باراك اوباما وإدارته منذ تسلُّمه للحكم، إذ سمحت للولايات المتحدة بالتعويض عما تسببته سياستها في العراق خصوصاً والشرق الاوسط عموماً لتظهر اليوم بمظهر البطل الأسطوري «سوبرمان» منقذ البشرية من الخطر الذي يتهدد العالم بضربها للدولة الإسلامية من الجو، بعمليات نظيفة، وفق أهداف ومهمات عسكرية منتقاة بدقة متناهية، كالهدف الإستراتيجي مثل سد الموصل والهدف الإنساني مثل سنجار والأيزيديين واليوم أتى دور أمرلي والتركمان.والتقت «الراي» الحاج امين، الخارج من أمرلي، المدينة التركمانية المحاصرة منذ شهرين من «الدولة الإسلامية»، وقال: «ذهبنا الى أمرلي على متن طائرة مروحية مع 8 مراقبين آخرين لتقصي الحقائق ووضع ملف كامل وصور عن الوضع هناك، وتعرضنا للقصف بالهاون عند وصول المروحية الى داخل أمرلي ونجونا بأعجوبة، الا ان السكان اصيبوا بخيبة امل لإعتقادهم أننا بداية قافلة إنقاذ إنسانية او عسكرية، وقد مكثنا هناك 4 ايام ورأينا مأساة الشعب التركماني المتروك من دون طعام كافٍ ما عدا الشعير ومياه غير صالحة للشرب ونقص حاد في المواد الطبية، وكذلك لاحظنا ان نحو 70 في المئة من المنازل تعرضت لاصابات بالهاون المنحني من «الدولة الاسلامية» التي تحاصر المدينة بأكملها، كما ان لا احد يجرؤ على الصعود الى سطوح المنازل نظراً الى سيطرة «الدولة» على أمرلي من خلال عمليات القنص الدائمة مما يوقع إصابات كثيرة يعجز الاطباء عن التعامل معها لعدم وجود الأدوية والأجهزة اللازمة لذلك، عدا عن قطع الكهرباء الدائم في هذا الحر الشديد الذي يضاعف الإصابات والإلتهابات».ويؤكد الحاج امين لـ «الراي» ان «وجود 37 قرية محيطة بأمرلي وكلها تحت سيطرة (الدولة الإسلامية) دفعت الأهالي ومن دون تردد الى التسلح والمرابطة للدفاع عن العوائل والأطفال والنساء وهم نحو 7 آلاف نسمة، ولا سيما بعدما أظهرت (الدولة) ماذا فعلت بسكان تلعفر وسكان سنجار والمناطق التي تقطنها الأقليات التركمانية والأيزيدية والكردية غير الموالية لها».وأعلنت الولايات المتحدة أنها تشاركت مع أستراليا، انكلترا وفرنسا بعمليات دعم اغاثة الى سكان أمرلي منذ فجر امس، وكذلك امر اوباما بضرب قوات «الدولة» المحيطة بأمرلي بعمليات عسكرية متعددة فتحت المجال لقوات عراقية وأخرى من المتطوعين للإندفاع الى امام أمرلي والدخول الى المحيط من محورين.وتقول مصادر قيادية عراقية لـ «الراي» ان «الولايات المتحدة لا تشارك فقط بعمليات الإغاثة وإنما بضربات نوعية متعددة ووضع الخطط العسكرية التي تمكّنها من إنزال هزيمة بـ (الدولة) التي إنتشرت قواتها اليوم (امس) على بقعة كبيرة من العراق ما أفقدها قدرتها على الضرب والهرب والتخفي، وهذا سيضعف (الدولة) ويعيدها الى داخل المدن ويسحبها من خارج دائرة انتشارها الواسعة ما يقطع سبل التواصل والدعم بين القوات ويعيد سيطرة الجيش النظامي من جديد، وهو الذي بدأ بأخذ المبادرة ويستعيد تجميع قواته مدعومة بمتطوعين مندفعين لمقاتلة قوات (الدولة) التي أظهرت أنها لن تترك اياً من افراد القوات العراقية احياء اذا وقعوا في الأسر وهذا زاد إندفاع هؤلاء».وهكذا، فإن الولايات المتحدة تظهر اليوم بمظهر المدافع عن الأقليات وعن إستعادة العراق أجزاء من الاراضي التي فقدها، وتدافع عن المدنيين وترسل المساعدات الغذائية والادوية وتجمع الاصدقاء وكذلك الاعداء في الشرق الاوسط حول راية واحدة وهي قتال «الشر الأكبر» اي «الدولة الإسلامية».