يشهد جهاز حماية المنافسة نقاشا قانونيا موسعا حول ما اذا كان يتوجّب اخضاع الشركات والمناقصات الحكومية إلى رقابة الجهاز وتعليماته في خصوص حماية المنافسة.جاء هذا النقاش بعد ان أظهرت مناقشات «جهاز حماية المنافسة» مع مستشاره البنك الدولي في خصوص وضع الهيكل الاداري والخطوط العريضة لعمل الجهاز انه في حين تؤكد بعض المواد عدم خضوع الشركات والمناقصات الحكومية لرقابة وشروط «حماية المنافسة» تشير مواد اخرى إلى انها تخضع، ما ابرز تناقضا قانونيا يحتاج إلى إعادة نظر في بحثه.فعلى سبيل المثال، عند قراءة شروط الدخول في اي مناقصة حكومية، نجد ان الحكومة تضع امام الراغبين في التقدم إلى المناقصة جملة من المواصفات المحددة لتنفيذ مشاريعها، ما يجعل هذه المناقصات تتغاضى غالبا عن شروط المنافسة السليمة بعد تحديدها لمواصفات معينة من المعروف ان جهة معينة دون غيرها هي التي تقدمها في السوق، ما يفوت الفرصة امام العديد من الشركات في تسويق منتجاتها وإدخالها ضمن اصناف تنفيذ هذه المناقصات.كما ان المناقصات الحكومية تحدد في مطارح كثيرة اصنافاً باسمائها أو شروطاً يتعين على المستثمر توفيرها للمشروع ومن ثم تحرم الشركات المنافسة الاخرى من حق المنافسة، مع الاخذ بالاعتبار ان المناقصات تسهم في زيادة الطلب على المنتجات الاستهلاكية من المواد الاساسية.وقدم البنك الدولي رأيه في هذا الخصوص بانه يتعين اخضاع المناقصات لشروط وتعليمات جهاز حماية المنافسة، ويعزز رأيه بخصوصية الاقتصاد الكويتي الذي يتميز بغزارة طرحه واعتماده على المناقصات الحكومية على مستوى قطاعاته المختلفة، ومن باب الاستدلال اسهم طرح وإرساء مناقصة الوقود البيئي اخيرا والتي طرحتها شركة البترول الوطنية بقيمة تقدر بـ 4.6 مليار دينار في تحريك السوق الاقتصادي سواء على صعيد شركات الخدمات المرشحة لتنفيذ المشروع والشركات المرتبطة بها استثماريا وتعاونا وايضا على صعيد القطاع الائتماني بضخ سيولة مصرفية راكدة تعاني البنوك الكويتية من تحمل كلفتها.ويلفت البنك الدولي في رأيه إلى انه بناء على حجم وتأثير المناقصات الحكومية يتعين الا يكون من ضمن شروط التقدم اليها تحديد مواصفات مرتبطة بماركة معنية أو تحديد اسم صنف دون غيره لان ذلك يضر بفكرة حماية المنافسة، ويجعل الحكومة عاملا رئيسيا في تعزيز الفجوة بين الشركات المتنافسة، إضافة إلى خضوعها لغير ذلك من تعليمات حدها قانون الجهاز.من زاوية اخرى، تدخل الشركات الحكومية نفسها في دائرة النقاش، فاستمرار حصول الشركات المملوكة للحكومة على دعم استثنائي يميزها عن غيرها يتعارض مع تعليمات حماية المنافسة، مع الاشارة إلى انه يحق لجهاز حماية المنافسة الموافقة على استمرار تمتع الشركة الحكومية بمزايا استثنائية، من قبيل شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، الحاصلة على مزايا حصرية في توريد السلع الحكومية المدعومة.فمع اعتبار ان هذه الشركة مسؤولة عن تدعيم منظومة الامن الغذائي المحلي فقد يسمح لها التمتع دون غيرها بمزايا معينة، وهذا القرار بالنسبة لـ «المطاحن» واي حالة شبيهة متروك في الغالب لتقديرات مسؤولي جهاز حماية المنافسة مستقبلا في قياس دور هذا الدعم للصالح العام وفي تعزيز هذه المنظومة من عدمه، مع امكانية فتح المجال لاي شركة تستطيع ان تقدم ضمانات لتقديمها المزايا والمقدرة نفسها اذا اتيحت لها فرصة المنافسة مع الشركة الحكومية.نقطة اخرى محل بحث الجهاز تتعلق بمصير الشركات التي تساهم فيها الحكومة وتستحوذ على حصة تبلغ 35 في المئة من السوق وما اذا كا يتوجب إخضاعها لرقابة وتعليمات جهاز حماية المنافسة ام لا؟وفي هذا الخصوص هناك ثمة اتفاق على ضرورة خضوع اي جهة لتعليمات المنافسة وعدم استثنائها سواء ان كانت حكومية أو غير حكومية ما دامت تمتلك حصة تجعلها في مكانة المسيطر على السوق والمتحكم في تحديد اسعارها، لكن السؤال الاهم محل البحث في هذا الشأن ما اذا كانت هناك شركات بالفعل بمساهمة حكومية وتستحوذ على 35 في المئة من حجم السوق ام لا؟

شركة تشتكي لـ «حماية المنافسة»: إغراءات لخطف موظفينا

| كتب رضا السناري |في سابقة جديدة، اشتكت شركة تشغيلية إلى جهاز حماية المنافسة من هجرة مديرين لديها إلى شركة منافسة بسبب الإغراءات التي تقدمها هذه الأخيرة لهم.ورأت الشركة في المحفزات المقدمة من منافستها «سلوكا غير مهني يتنافى مع بدهيات المنافسة بين الشركتين»، وحذرت من أن السماح به «يشعل حرب عروض بين الشركات مشابهة النشاط على الموظفين».وبرزت في الآونة الاخيرة حركة تنقلات واسعة بين موظفي الشركات مشابهة النشاط، والتي اتسعت لتشمل قطاع البنوك، حيث جاء بعضها من نافذة تحسين الوضع الوظيفي عبر الانتقال إلى مكان آخر واخرى لسد شواغر لدى الشركة، لكنها المرة الأولى التي تلجأ فيها شركة إلى جهاز حماية المنافسة للشكوى من انتقال موظفيها إلى شركة اخرى.إلا ان جهاز حماية المنافسة رد على الشركة بأنه غير مختص بالنظر في مثل هذه الخلافات والممارسات الوظيفية، باعتبار ان ذلك يندرج تحت الحريات الوظيفية، ولا يجوز منعه. ويبدو ان الشركة الشاكية استندت في تحركها نحو «حماية المنافسة» على قانون كان معمولا به في ثمانينات القرن الماضي والذي كان يمنع مثل هذه الممارسات، ويحظر انتقال موظف إلى شركة اخرى دون موافقة الجهة التي يعمل لديها، الا ان العمل بهذا القانون انتهى.وتشير مصادر مسؤولة في إدارات الموارد البشرية إلى انه من واقع تجربة عملية تعرضت لها ان مسألة تسرب الموظفين من مكان إلى آخر من شأنه ان يؤثر على الجهة التي ينتقل منها الموظف، على اساس ان هذه الكفاءات دائما تكون قد حظيت بالدورات التدريبية والخبرات المتراكمة من مكان عملها الأول، ومن ثم يحمل انتقالها إلى مكان جديد تأثيرات واضحة في المنافسة مستقبلا. لكن هذه المصادر ترى في المقابل ان سوق العمل الكويتي حر، والاعتبار الرئيس الذي قد يحد من هذه الهجرات ان يجد العامل نفسه محل تقدير مادي ومعنوي من الجهة التي يعمل لديها، حيث سيرفض في هذه الحالة اي محاولات لاستمالته، مع الاخذ بالاعتبار ان موظفي الادارات الوسطى والقيادية لديهم النضج الكافي لتقرير ما اذا كانت خطوة الانتقال من مكان لاخر من صالحهم ام لا. وتلفت المصادر إلى ان بعض عمليات الانتقال بين الموظفين ساهمت في اثراء المنافسة ببعض المطارح بين الشركات، وجاءت في اطار تغذية تبادل الخبرات، وهذا الجانب الايجابي الذي يتعين النظر اليه، بدلا من التركيز على الاثار السلبية التي يمكن ان يخلفها قرارات الانتقال من مكان لاخر.