كما كلّ عام، يجتهد مركز «فروغي» للإنتاج الفني والمسرحي لتقديم أفضل الأعمال المسرحية وتقديمها على مدى عام كامل. وفي السنة الحالية، وقع الاختيار على مسرحية «الصيدة بلندن»، من تأليف الشاب محمد جلكسي وإخراج بدر محارب، إذ تُصنّف تلك المسرحية على أنها كوميدية اجتماعية سياسية.بدأ أول عروض «الصيدة بلندن» مع أوّل أيام عيد الفطر الماضي، وما زالت مستمرة بفضل الإقبال الجماهيري الذي حققته.«الراي» لبّت دعوة لمشاهدة أحد عروض المسرحية التي يقدّم مضمونها هذا العام طرحاً للعديد من القضايا الشائكة والمهمة التي تهمّ المجتمع الكويتي... فهي تناقش قضية الفساد الذي يعمّ بعض الوزارات، والسطوة واستغلال المناصب لمصالح شخصية، إضافة إلى سوء إدارة العمل. وأيضاً تتم مناقشة المشاكل التي يتعرض لها المواطن الكويتي والخليجي عموماً لدى زيارته للدول الأجنبية، وتحديداً لندن، إذ تبيّن كيف يتعرض هناك لعمليات النصب والسرقة، وكيف أنه يبذّر كل أمواله من أجل «ولا شي»، ناهيك عن تسليط الضوء على هؤلاء الأفراد المغيّبين الذين يستقرضون الأموال الطائلة من أجل سفرة واحدة، ومن ثمّ يعودون إلى الوطن مفلسين.هذا الطرح والكمّ الكبير من القضايا، استطاع طارق العلي تقديمه في أكثر من أربع ساعات وفق قالب كوميدي، جذب به الجمهور الذي تفاعل مع كل مشهد من مشاهد المسرحية التي دارت في مكتب مدير إحدى الوزارات الحكومية، وفي أحد المقاهي في لندن وكذلك في «نايت كلوب». ومن خلال هذا التنوّع في المواقع، قدّم الفنانون المشاركون في المسرحية شخصياتهم بإتقان تام.فنرى على سبيل المثال كيف أنّ شخصية المدير التي قدّمها الفنان أحمد السلمان كانت مثالاً للفساد وعدم تحمّل المسؤولية من خلال محاولته القبض على «الذيب» الذي جسّد دوره الفنان سعود الشويعي فقط للحفاظ على منصبه، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على مساعده الفنان عبدالله بهمن. وكذلك شخصية «المراسل» الذي جسّد دوره الفنان طارق العلي كيف أنّه كان مواطناً استغلالياً للوضع، للسفر إلى لندن والمرح هناك على حساب الدولة، إذ لم يراع أنّ بانتحاله شخصية رجل غيره قد يسبب ضرراً كبيراً لوطنه قبل نفسه. ومع مرور الأحداث وسفره فعلياً مع المدير ومساعده إلى لندن لتنفيذ المهمة التي أسندت إليه وهي اصطياد «الذيب»، يتعرض للعديد من المواقف، ويصادف مجموعة من الأشخاص منهم عميلة الانتربول التي تجسد دورها سماح غندور وكذلك الشاب «السكران» الذي يجسد دوره خالد المظفر، وعاملة المقهى التي تجسد دورها مارتينا، ولا ننسى مطربة الـ«نايت كلوب» التي تجسد دورها أمل عبّاس.في ما يخصّ الأداء التمثيلي، فيمكننا القول إن جمهور العلي قد اعتاد على أسلوبه في الطرح الكوميدي وطريقة تعامله مع المواقف، وبالتالي في أدائه كان احترافياً، خصوصاً لدى تعامله مع غيره من الممثلين فوق الخشبة. فهو لا يعتبر نفسه النجم الأوحد الذي «ياكل الجو» كما يفعل البعض من النجوم، بل يمنح كلاً فرصته و«يفرش» له في الحوار لإثبات ذاته. أما في ما يخصّ أحمد السلمان، فقد أجاد تقمّص دور المدير الفاسد، وكذلك عبدالله بهمن الذي شكّل ثنائياً جميلاً مع العلي والسلمان أيضاً في كل مشهد يجمعه معهما. أما مارتينا التي اعتادت على أجواء هذه النوعية من المسرحيات الكوميدية، فكانت واثقة من أدائها. وفي المقابل، نرى سماح غندور - التي تقف للمرة الأولى مسرحياً مع العلي - تحاول قدر المستطاع التجانس والتفاعل مع أجواء المسرحية التي لها طابعها الخاص في الطرح والتعامل. وكذلك الأمر مع عبدالله الحمادي الذي يخوض تجربته المسرحية الأولى. أما سعود الشويعي، فقد كان دوره وظهوره محدوداً جداً بالرغم من أن أحداث المسرحية مبنية عليه باعتباره «الذيب»، إذ أطلّ فقط في نهاية الفصل الثاني، وبالتالي لم يقدّم مشهداً مسرحياً يمكننا الحكم عليه.
فنون - مسرح
قدمت نجوماً شباباً يبشّرون بمستقبل مبهر في المسرح
«الصيدة بلندن»... مشاكل المجتمع الكويتي في 4 ساعات كوميدية
06:38 ص