مع بداية انطلاق الموسم الدرامي الرمضاني، ضاع المشاهد بين الكمّ الكبير من الأعمال الدرامية الرمضانية التي تعرض على مختلف القنوات الفضائية، وهو الأمر الذي سبب ارتباكاً لدى المتابع بالدرجة الأولى، خصوصاً أن بعض الممثلين متواجدون في أكثر من مسلسل.لكن من بين تلك الأعمال الدرامية التي سلف ذكرها، برز عدد حقـــــق نســـــبة مشاهدة عالية، بفضل القصّة الجميلة المطروحة والحبكة الدرامية، بالإضافة إلى الأداء التمثيلي والرؤية الإخراجية، وبهذا كان الأقوى والأفضل هو صاحب النصيب في المتابعة من قبل الجمهور الذي لا يعرف المجاملة، ويمكن وصفه بالناقد الفطري.مسلسل «ثريا» مسلسل اجتماعي كان أحدها، وبشهادة العديد من النقّاد استطاع أن يحجز مقعداً له محققاً النجاح في الطرح الذي قدّمه، إذ إنّ الكاتبة الشابة نوف المضف كانت متمكّنة من جميع أدواتها وملمّة بما تريد إيصاله، فقدمت بحرفية نصّاً جميلاً إلى المخرج محمد دحّام الشمري الذي بدوره وضع له تصوّراً ورؤية إخراجية، جعلتنا نشاهد عملاً متكاملاً.«ثريا» التي تجسّد دورها الفنانة سعاد عـــبدالله، هي تلك المرأة المكافحــــة التي تحدّت الجميع لتعيش حياتها كما تريد، فتزوّجت من دون موافقة أهلها، ما جعلهم يتــــبرّأون منهــا، ويمكن وصفها بالشخصيّة القويّة جداً والحنونة في الوقت نفسه كونها منذ صغرها كانت تحلم بالاستقلاليّة، ولم تكن الحياة المترفة التي تعيشها تشبعها لأنّها كانت تشعر بأنّها مقيّدة.ففي البدء، رضخت لإرادة والدتها مضاوي التي تجسد دورها أيضاً الفنانة سعاد عبدالله، وهي نقطة إيجابية تحسب لصالح «أم طلال» التي تحدّت نفسها في الظهور بشخصيتين في المسلسل نفسه وبعمرين مختلفين، وكذلك للمخرج الشمري الذي أظهرها لنا كمشاهدين بصورة لم يسبق أن شاهدناها بها من قبل. فتزوّجت زواجاً تقليدياً، وبعد أن أنجبت ابنها «ضرار» قرّرت أن تتمرّد وتطلب الطلاق من زوج لم تحبّه يوماً، فكان لها ما أرادت بعد أن مـــــرّت بالكثير من المصاعب والمشاكل. وهنا تبتعد ثريّا عن أمّها المتسلطة، مستغنيةً بذلك عن عيشة الترف، لتعيش في شقّة متواضعة، وذلك بعد أن حكمـــــت عليها أمّها بالقطـــــيعة عــــــندما قــــرّرت أن تتزوّج دكتوراً مصرياً.قضية اجتماعية مهمة سلّطت عليها الضوء كاتبة المسلسل نوف المضف، إذ لم يتم التطرق لها مسبقاً في الدراما الكويتية على وجه التحديد ووضعت الإصبع على الجرح. فالكثـــــــير من النساء الكويتيات اللاتي تزوجن من رجال غير كويتييــــن من جنســـيات عربية وأخرى أجنبية، عانين ربما من مشـــــاكـــــل وعقـــبات من الأهل وأخرى في المعاملة من الدولة، وهـــــــذا الأمـــر يترتب على أبنائهم الذين يحرمون من الكثير من المميزات.اختيار طاقم الممثلين كان دقيقاً وصائباً من المخرج الشمري، الذي من الواضح أنّه كان حريصاً جداً على أن يكون كل ممثل ملائماً لشخصيته، وهو الذي لمسناه خصوصاً في أداء الفنانتين زهرة الخرجي وفاطمة الحوسني، بالإضافة إلى حسين المهدي وصمود وحلا.كذلك الطاقات الشبابية الموجودة في «ثريا» كانت واضحة وجليّة للعيان، إذ ساهمت وبشكل كبير في التعايش مع القصّة الدرامية، وعلى الرغم من أنّ بعضهم جديد على هذا المجال، وتعتبر هذه تجربته الأولى في الوقوف أمام الكاميرا، وآخرون ربما تكون الثانية أو الثالثة، إلاّ أنهم كانوا جميعاً متمكّنين من الأدوار المسندة إليهم.وعلى سبيل المثال وليس الحصر، نذكر أستاذة المعهد العالي للفنون المسرحية غدير السبتي التي تخوض أولى تجاربها في التمثيل الدرامي التلفزيوني، لكنها رغم هذا أجادت بإتقان شخصية الفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصّة، إذ تعايشت معها بأبعادها الثلاثة. وأيضاً نذكر كلاً من الممثل يوسف البلوشي والممثلة سعاد اللذين برزت موهبتهما بقوّة، وأثبتا قدرتهما على تقديم الفنّ الراقي.إنه من دون مبالغة عمل درامي رائع، ضمّ كل عناصر الدراما الناجحة من قصة وممثليين وفنيين ورؤية إخراجية.

بطاقة العمل:

• عنوان المسلسل: ثريا• قصّة سيناريو وحوار: نوف المضف• إخراج محمد دحام الشمري• بطولة سعاد عبد الله، فاطمة الحوسني، أمل العوضي، زهرة الخرجي، فهد عبدالمحسن، صمود، حسين المهدي، يوسف البلوشي، سناء القطان، غدير السبتي، غرور، بالإضافة إلى العديد من نجوم الشاشة الخليجيّة• موعد العرض: يومياً على شاشة «الراي» عند 4.35 عصرا والإعادة في تمام الساعة 7.55 مساء