30 سنة فصلت بين موقعة المانيا الغربية «السابقة» وفرنسا في الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم الـ12 لكرة القدم في اسبانيا العام 1982 واللقاء الودي الذي جمع المانيا «الموحدة» وفرنسا نفسها في مايو 2012 في مدينة بريمن.شتّان ما بين المواجهتين.الاولى ما زال يشهد عليها استاد «رامون سانشيز بيزخوان» في أشبيلية باعتبارها من أفضل، لا بل أفضل مباراة كرة قدم على الاطلاق بالنسبة الى كثيرين، بالنظر الى صفتها المؤهلة الى نهائي المونديال وبالاستناد الى السيناريو المجنون الذي تنقلت فيه بطاقة التأهل من حضن «الديوك» الى جيب الـ«ناسيونال مانشافت» في اكثر من مناسبة قبل ان يخوض الجانبان وللمرة الاولى في تاريخ كؤوس العالم «فقرة» ضربات الجزاء الترجيحية التي ابتسمت لألمانيا.كان الأجدى بالاتحادين الالماني والفرنسي للعبة، الاول بقدر أكبر من الثاني كونه خرج فائزا من «موقعة 82»، العمل على تخليد ما يعتبره الملايين «مبارة القرن العشرين» من خلال اقامة احتفالية سنوية بين الفريقين للتذكير بما هي المواجهة الأكثر استحقاقاً لتفسير معاني كرة القدم الحقيقية، مع استثناء الخطأ الفادح الذي اقترفه الحارس الالماني هارالد انطون (توني) شوماخر بحق اللاعب الفرنسي باتريك باتيستون وشهد عليه الـ63 الف متفرج في الملعب والملايين خلف شاشات التلفزة فيما كان الحكم الهولندي تشارلز كورفر الوحيد الذي لم يلحظه.باتيستون دخل في كوما موقتة بعد «جريمة شوماخر» وخسر اثنين من اسنانه الامامية وتعرض لتهتك في احدى فقرات عموده الفقري.لم تكن المباراة الودية التي اقيمت في «فيزر ستاديوم» الخاص بنادي فيردر بريمن في 2012 لتذكّر أحداً بـ«موقعة 82» ولم تقم تحت عنوان استعادة بعض الذكريات من المواجهة الراسخة في ذاكرة كرة القدم. الصدفة وحدها وضعتها في ذاك التاريخ.لم توجه الدعوة الى رموز مباراة 1982 من أمثال هيرست روبيش صاحب الضربة الترجيحية الحاسمة وكارل هاينتس رومينيغه الذي نزل بديلا في الدقائق الأخيرة وقلص الفارق الى 2-3 وكلاوس فيشر بطل المقصية الخلفية التي انفجرت في مرمى الحارس جان لوك ايتوري هدف تعادل 3-3 لا ينسى.لم يحضر من الجانب الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الاوروبي للعبة حاليا، ولا حتى «القزم المبدع» الان جيريس صاحب هدف الـ3-1 أو جان تيغانا أو ماريوس تريزور اللاعب الاسمر الذي مزّق شباك شوماخر بتسديدة طائرة كسر فيها التعادل 1-1.في نصف نهائي مونديال 82، تقدم الالمان عبر بيار ليتبارسكي في الدقيقة 17 قبل ان يعادل «الديوك» بضربة جزاء لبلاتيني نفسه بعدها بتسع دقائق.انتهت المباراة بوقتها الاصلي، فخاض الفريقان شوطين اضافيين تقدم فيهما الفرنسيون 3-1 بفضل تريزور (92) وجيريس (98).اعتقد العالم بأن المانيا استسلمت. لم يكن الوضع كذلك بالنسبة الى مدرسة كروية قائمة على الايمان بحظوظها حتى اللحظة الأخيرة. رومينيغه يقلص الفارق (102) وفيشر يعادل الأرقام (108).في ضربات الترجيح، الاولى في تاريخ كأس العالم، ينجح في هز الشباك من الجانب الالماني كل من مانفريد كالتز، بول برايتنر، ليتبارسكي، رومينيغه، وروبيش ويخطئ اولي شتيليكه.من الجانب الفرنسي، سجل جيريس، مانويل اموروس، دومينيك روشتو وبلاتيني، وأخطأ ديدييه سيس وماكسيم بوسيس.بعد 30 سنة، اجتمعت المانيا وفرنسا في ذكرى منسيّة وسط غياب نصف العديد الاساسي للـ«مانشافت»، وتحديدا باستيان شفاينشتايغر، فيليب لام، لوكاس بودولسكي، مانويل نوير، وبير ميرتيساكر، وغياب كريم بنزيمة من كتيبة «الديوك».فازت فرنسا بهدفي اوليفييه جيرو في الدقيقة 21 وفلوران مالودا في الدقيقة 68، واكتفت المانيا بتذليل الفارق الى 1-2 عبر كاكاو في الوقت المحتسب بدل ضائع.شوهد اللاعبون الفرنسيون يرفعون اشارات النصر بعد لقاء «فيزر ستاديوم»، فيما بدا الأسى على الالمان.بعد مرور 30 سنة على نصف نهائي مونديال 82 الذي لا ينسى، كان الأجدى اعادة شريط المباراة بين المانيا الغربية وفرنسا على اقامة مباراة بالصدفة بين الطرفين في تاريخ قريب من «موقعة أشبيلية» لأن ثمة تواريخ تستحق احتراماً أكبر من قبل أبطالها.لكن الغريمين سيلتقيان غدا الجمعة في ربع نهائي مونديال 2014 بعد مرور 32 سنة على «موقعة 82»، وستكون الصدفة وحدها صاحبة فضل في عودة حتمية الى ذكريات اجمل وربما افضل مباراة في تاريخ كرة القدم على الاطلاق.