لم يتحرّك تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بمسار عسكري عبثي او غير منظم ومحكم بل كل الدلائل تشير الى أن الحراك العسكري يدل على تكوين «الدولة الإسلامية» التي ينادي بها الشيخ ابو بكر البغدادي القرشي زعيم «الدولة» في العراق وفي سورية.ففي سورية، دخل جنود «داعش» منطقة الرقة ودير الزور لأهداف جغرافية - اقتصادية بما استُدلّ معه ان الهدف هو إقامة اللحمة مع الحدود العراقية لإزالتها لاحقاً، كما عمدت جرافات «داعش» الى تدمير خطوط «سايكس بيكو» وكذلك الوصول الى حقول النفط في دير الزور والتي تنتج يومياً عشرات الآلاف من البراميل الضرورية لتغذية «الدولة المستقبلية لداعش» وتقدمت حول مصافي الشمال السوري وإنتزعتها من سيطرة «جبهة النصرة».وفي العراق، إتجهت قوات «داعش» الى اكبر مصافي العراق في بيجي لإحتلالها والسيطرة عليها وأخذت مدينة الموصل الشمالية الغربية لتقترب شرق الموصل من اربيل وشمال غرب كركوك، وكذلك حاولت إقتحام تلعفر الواقعة غرب الموصل والقريبة من الحدود العراقية - السورية لتكتمل معها الخريطة الجغرافية والإندماج مع الحدود السورية حيث تتواجد قواتها وتشكل التهديد المباشر على الكرد في اربيل وكركوك التي تقع فيها ايضاً أغنى آبار النفط العراقية في محاولة لإضافة غنى على مواردها التي تشكل ضرورة لدولتها.وفي الوقت نفسه إتجه «داعش» نحو الحدود الإيرانية العراقية من ناحية ديالى ليحصل على مواردها الطبيعية من الفرات ومن دجلة ايضاً، وكذلك علمت «الراي» ان «داعش» طلب من تركيا إعادة فتح خط المياه - ليكتسب عطف المدنيين - التي أغلقتها تركيا على العراق وسورية (حلب) مقابل الإفراج عن 28 ديبلوماسياً إعتُقلوا في قنصليتها في الموصل وعن اكثر من 52 سائقاً كردياً تركياً قيد الإعتقال.إلا ان المعركة لا تزال حامية الوطيس، فقد علمت «الراي» من مصادر قيادية عراقية ان «معسكرات تدريب أقيمت في أنحاء متعددة من البلاد ولا سيما «بعد وصول مجموعات كبيرة كانت تقاتل في سورية وتستطيع نقل خبراتها في قتال «جبهة النصرة»، والكتيبة الخضراء (التابعة لـ «داعش») في مناطق القلمون والغوطة الشرقية والغربية وهي متمرسة بحرب العصابات وحرب الكر والفر والإقتحامات ووضع العبوات الناسفة وعمليات القضم الممنهجة وقد باشرت تدريباتها للقوى العسكرية والمتطوعين»، مضيفاً «ان القوى العراقية إستعادت المبادرة وبدأت بعمليات أمنية خاصة وقد قصفت مواقع داعش داخل الموصل وفي تلعفر وحول صلاح الدين واعتمدت ايضاً على العشائر الموالية للدولة والتي تلعب دوراً اساسياً في المعادلة على الأرض حيث ان قواتها تحمي حدوداً طويلة ولا سيما عشائر شمر وتتعاون على الهجمات ضد داعش».وأكدت المصادر القيادية لـ «الراي» ان «قضاء بيجي ومحور كركوك يشهدان إستعدادات عسكرية كبيرة للسير نحو الموصل من جديد وإستعادتها، وقد طُلب التعاون مع قوات البشمركة التي قرر قائد الاقليم دعوة قادة قوات الحماية كلها للإستعداد للإنقضاض على داعش وخصوصاً انه أصبح يهدد كردستان وأربيل».

العائدون من سورية يتولّون تدريب متطوّعين

إلى أين يتجه «داعش» وكيف يتحرك في خريطته العسكرية؟

بغداد - وكالات - أعلن تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) اعدام مقاتليه عشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين بعد اسرهم اثناء تقدمه في شمال العراق، في الوقت الذي اظهرت القوات العراقية مزيدا من الارتباك في سعيها للرد على هجوم «داعش»، اذ قتل ستة من عناصر البشمركة في غارة لطائرة عراقية على رتل للأكراد في خانقين، كما قتل ستة اشخاص في قصف لـ «داعش» على مركز للتطوع شمال شرق بغداد.ونشر «داعش» امس ومساء اول من أمس صورا لإعدام عشرات الجنود العراقيين الاسرى على حسابه الخاص بـ «ولاية صلاح الدين» على موقع «تويتر» وعلى مواقع اخرى تعنى باخبار التنظيمات الجهادية بينها «المنبر الاعلامي الجهادي» و»حنين».وظهرت في احدى الصور مجموعة مؤلفة من خمسة مسلحين احدهم لا يزال يطلق النار من رشاشه وهم يقفون امام نحو 50 شخصا يرتدون الزي المدني ويستلقون على بطونهم في حقل ترابي وقد قيدت ايديهم من الخلف وانتشرت بقع من الدماء فوق رؤوسهم.وكتب تحت الصورة: «تصفية المئات من قطعان الجيش الصفوي الفارين من المعارك بالزي المدني».وظهرت في صورة اخرى مجموعة من الاشخاص يسيرون في حقل ترابي تحت مراقبة مسلحين حمل احدهم راية «داعش» وقد وضعوا ايديهم فوق رؤوسهم بينما استلقى اخرون على بطونهم امامهم. وكتب تحت الصورة: «توجه المرتدين الى حفرة هلاكهم».واظهرت صورة اخرى نحو 30 شخصا بالزي المدني مستلقين على الارض وبقع الدماء واضحة فوق ايديهم ورؤوسهم، وذلك قرب راية التنظيم المتطرف. وقد كتب تحت الصورة: «راية دولة الاسلام تعلو على جثث الرافضة الانجاس».ونشر التنظيم ايضا صورا لعملية نقل عشرات المعتقلين في شاحنات صغيرة وكبيرة. وقد كتب تحتها: «اعتقال المئات من قطعان الجيش الصفوي الفارين من المعارك بالزي المدني».ويسيطر مسلحون ينتمون الى «داعش» وتنظيمات اخرى اضافة الى عناصر من حزب البعث المنحل على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين منذ الاربعاء، كما يفرضون سيطرتهم على مناطق اخرى في المحافظة شمال العراق.ويسيطر هؤلاء ايضا منذ نحو اسبوع على محافظة نينوى، وكذلك على مناطق في محافظة ديالى شمال شرق بغداد وعلى مدينة الفلوجة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا غرب بغداد.وفي التطورات الميدانية، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة العراقية ان «ستة من قوات البشمركة قتلوا واصيب نحو عشرين بجروح في قصف لطائرة عراقية استهدف» في وقت متقدم من مساء اول من امس رتلا عسكريا كرديا قرب قضاء خانقين على بعد نحو 150 كيلومترا شمال شرق بغداد.ولم يكن بالامكان التأكد مما اذا كانت الطائرة العراقية قد قصفت الرتل العسكري قرب خانقين، القضاء المتنازع عليه بين العرب والاكراد في محافظة ديالى، عن طريق الخطأ.وسيطرت قوات البشمركة على احد المنافذ الحدودية الرسمية مع سورية بعد انسحاب قوات الجيش العراقي.واوضح المتحدث باسم قوات البشمركة الكردية جبار ياور: «تسلمت قوات البشمركة السيطرة على منفذ ربيعة بعد سقوط الموصل بيد المسلحين وانسحاب الجيش».وقتل ستة اشخاص بينهم ثلاثة جنود في قصف بقذائف الهاون استهدف امس مركزا في شرق العراق لتطوع المدنيين لقتال المسلحين الذين يشنون هجوما في انحاء متفرقة في البلاد، بحسب ما افاد مصدر امني.وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة ان «ستة اشخاص بينهم ثلاثة جنود قتلوا في قصف بخمس قذائف هاون استهدف مركزا لتطوع المدنيين في قضاء الخالص» الواقع على بعد 20 كيلومترا شمال بعقوبة، من دون ان يذكر مصدر القصف.ويتوجه الآلاف من العراقيين الى مراكز تطوع وتدريب منذ دعوة المرجعية الشيعية الجمعة المواطنين الى حمل السلاح لمقاتلة «داعش».ورأى رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي إن «المناطق المحيطة ببغداد تتساقط، ومن المحتمل جدا أننا ماضون على طريق تقسيم العراق».وقال في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأميركية: «الحزام الدائري حول بغداد قد سقط، الضواحي الآن بيد المسلحين وبيد المليشيات السنية، وحكومة بغداد غير قادرة على تغيير ذلك، الحكومة غير قادرة على وقف التفجيرات داخل بغداد».وأجاب علاوي على سؤال إن كان يرى «أننا نرى نهاية العراق الذي نعرفه» بالقول: «ممكن، وذلك يعتمد على الطريقة التي سيتم التعامل فيها مع الموقف، ولكني أعتقد أننا ماضون إلى سرينة العراق»، أي تحويلها إلى النمط السوري في الصراع.وحول تدخل أميركي جديد بالعراق، قال علاوي: «لن يساعد ذلك، من الممكن أن يصب ذلك الزيت على النار، باعتقادي أن أميركا فقدت قدرتها على التأثير في العراق خصوصا بعد أن تركت العراق العام 2011».وبين علاوي: «هناك لاعبان أساسيان في العراق، إيران وتركيا، ولكن مجددا لا يمكنهما المجيء للعراق ببساطة هكذا».