منذ تأسيس هيئة أسواق المال، وجدت لديها سلاحاً شبه وحيد لتنظيف السوق من الشركات المتعثرة، يتمثّل بإيقاف الشركات التي تتجاوز خسائرها 75 في المئة من رأس المال عن التداول. هكذا بقيت عشرات «شركات العفن» في التداول بعد أن «هندست» بياناتها المالية، مع علم الجميع بأنها لا تمارس أي نشاط مربح.يضيء مسؤول في إحدى الشركات، لم يشأ ذكر اسمه، على مفارقة يراها «غريبة»، بين عدم إدراج شركة مثل «فيفا» حتى الآن بسبب خسائر السنوات الأولى للتشغيل، مع أن وضعها المالي وتدفقاتها النقدية لا تحلم بمثلها نصف الشركات المدرجة على الأقل، وترك عشر الشركات الأخرى في التداول لمجرّد أنها أطفأت خسائرها على الورق إلى ما دون الـ75 في المئة من رأس المال.وكانت الهيئة قررت خلال العام 2012 الغاء إدراج حزمة من الشركات في وقت سابق على خلفية خسارتها لأكثر من 75 في المئة من رأس المال، فيما توقف شطب البعض الآخر على معالجة اوضاعها وتقديم بياناتها المتأخرة خلال جدول زمني محدد، إذ عادت شركات الى السوق من جديد بعد أن عالجت اوضاعها، منها على سبيل المثال شركة أعيان للإجارة والاستثمار.وتتضمن قائمة الشركات المشطوبة :المشروعات الكبرى العقارية -المجموعة الدولية للاستثمار ومجمعات الأسواق والمستثمر الدولي والمسار للإجارة ومنا القابضة ومجموعة عارف الاستثمارية والصفاة للاستثمار والاستثمارات الصناعية ودار الاستثمار والصفوة القابضة والوطنية للطيران والصفاة عالمي وفيلا مودا والدولية للإجارة والشبكة القابضة وغلف انفست والاهلية القابضة والابراج القابضة، وغيرها.وأفرزت قرارات الهيئة بشأن إلغاء إدراج تلك الشركات نزاعات قضائية مختلفة، إذ حصلت بعض الشركات على احكام بإلغاء قرار الشطب، منها شركة الصفاة للاستثمار والصفاة عالمي، فيما تنظر قضايا اخرى لدى المحاكم حالياً، منها منا القابضة وغيرها. وعلى الرغم من أن معظم الشركات المشطوبة متعثرة بالفعل ولم تعد تتمتع بأنشطة تشغيلية تبرر وجودها في السوق، إلا أن شركات كثيرة أخرى ينطبق عليها الوصف ذاته عادت إلى السوق بمجرد إعلان بياناتها المالية وعقد جمعيات عمومية لنيل موافقة المساهمين على إطفاء الخسائر عبر خفض رأس المال، واتخاذ قرار بالاستمرار. وكان تأثير الخسائر المتراكمة التي سجلها عدد كبير من الشركات واضحاً على الأسعار السوقية المتداولة في سوق الاوراق المالية، إذ يجرى التداول على نحو 90 شركة موزعة على القطاعات الرئيسية تحت سقف المئة فلس، وانعكست خسائر الأزمة على شريحة كبيرة منها، إلا أن هناك شركات تشغيلية تأثرت سلباً بوضع السوق ولا يعني ذلك أنها متعثرة. واستقطبت الأسهم الصغيرة عمليات المضاربة، ما تسبب بفقاعات سعرية العام الماضي، قبل أن تعود هذه الأسهم إلى التراجع هذا العام، إذ خسرت أسهم كثيرة رخيصة ثلث أو نصف قيمتها. وهذا ما يرى فيه العديد من المراقبين دليلاً على فشل عملية تنظيف السوق.ويزداد الأمر تعقيداً حين يتبين أن آلية احتساب خسارة الـ75 في المئة من رأس المال ليست واضحة هي الأخرى، وتعاني العديد من أوجه القصور، خصوصاً لجهة عدم وضوح مبرر تطبيق هذا المعيار على البيانات الفصلية، مع أن تلك البيانات مرحلية، ولا تعرض على الجمعيات العمومية بشكل منفصل.ولاحظت هيئة أسواق المال غياباً للتفاصيل الفنية الخاصة بآليات احتساب هذه الخسارة لدى البورصة، إذ تعمل الجهات المسؤولة في السوق منذ سنوات على تطبيق بنود تضمنها قرار «لجنة السوق» رقم 3 لسنة 2010 فقط (بات غير كاف) والتي تقتصر على التالي:-عقد الجمعية العمومية للشركة لاعتماد البيانات المالية السنوية-عقد الجمعية العمومية غير العادية للنظر في الخسائر المتراكمة (قد يترتب عليها خفض رأس المال كاحدى المعالجات).-يجب تقديم شهادة من وزارة التجارة والصناعة بما يفيد تنفيذ الشركة لزيادة رأسمالها نقداً حسب قرار الجمعية العمومية غير العادية.-يجب أن يزيد رأسمال الشركة بعد اطفاء الخسائر المتراكمة عن 25 في المئة من رأسمال الشركة.ويشير القرار الى ان الشركات المدرجة عامة مُطالبة باتباع التعليمات حال تجاوزت خسائرها تلك النسبة، إلا انه لم يوضح وسائل قياس هذه الخسارة وتوقيت تطبيقها، سواءً كان ذلك وفقاً لنتائج الأعمال السنوية، او البيانات الدورية (ربع السنوية ونصف السنوية).وأكدت الجهات الرقابية في مذكرة رسمية الى البورصة أن القرارات التنظيمية الصادرة عن لجنة السوق مهمة، إلا ان مثل هذه القرارات الحيوية لم تتضمن توضيحاً للآليات المطلوبة لدى احتساب ما حل بالشركة من خسائر، لافتة الى ان السوق مُطالب بتقديم التفصيلات اللازمة منعاً للخلط ما بين طبيعة كل خسارة.وذكرت المصادر ان هناك شركات خسرت 75 في المئة من رؤوس اموالها وذلك وفقاً لإضافة تأثير ذلك على أسهم الخزينة التي تم شراؤها من خلال محافظ الشركة مباشرة من سوق المال، إذ ترى الجهات الرقابية أن احتساب نسبة الخسائر المتراكمة والتي تتمثل في تخفيض رأس المال المدفوع برصيد أسهم الخزينة ورصيد الارباح / الخسائر المحققة من بيع تلك الأسهم، ما أثار ردود فعل مخالفة لذلك من قبل بعض الشركات المدرجة التي تواجه ذلك.وكانت الجهات الرقابية قد قررت في وقت سابق شطب شركات على خلفية خسارتها للنسبة المحظورة، إلا ان القرار جاء وفقاً للبيانات الدورية وليست السنوية وهو ما جعل القرار به عوار، (وفقا لمصادر قانونية)، منوهة الى ان الميزانية السنوية هي الاكثر دقة في وصف الاوضاع المالية للشركات المدرجة وغير المدرجة، مشيرة إلى أن الاحتكام إليها هو الأكثر منطقية.وذكرت المصادر أن الشركات التي تعتمد على مصدر تدفقات نقدية وحيد هي الأكثر تعرضاً للخسائر الجسيمة، فيما يظل استثمار الفوائض من خلال سوق الاوراق المالية أحد أبرز العوامل التي تتسبب في انكشاف المراكز المالية لشركات غير متخصصة أيضاً، موضحة أن هناك إفراطا من قبل شركات في استثمار اموالها من خلال سوق الأسهم، إذ أدى ذلك الى تسجيل بعض الشركات التي كانت تقود السوق في السابق لخسائر كبيرة أخرجتها من البورصة.وفي السياق ذاته، كشفت أطراف رقابية عن التوجه لإصدار تعليمات تنظيمية تحدد قواعد استثمار الفوائض المالية، لاسيما أن هناك شركات تستغل هذا البند المدرج ضمن أغراضها (استثمار الفوائض في شراء وبيع الأسهم المدرجة وغير المدرجة)، مشيرة الى ان هناك شركات عقارية أو صناعية تستثمر الجانب الاكبر من رؤوس اموالها في الأسهم ما ادى الى تسجيلها خسائر جسيمة في ظل الأزمة، واصبحت اليوم على مشارف تكرار نفس السيناريو في ظل ما تشهده البورصة من تردٍ.

البورصة تحضّر لانسحاب «لؤلؤة» و«فلكس» من السوق

| كتب علاء السمان |بعد ان حصلت كل من شركة لؤلؤة الكويت العقارية وفلكس للمنتجات على موافقة جمعياتهما العمومية بشأن الانسحاب الاختياري من سوق الأوراق المالية بدأت هيئة أسواق المال في اتخاذ الإجراءات المطلوبة من طرفها لتفعيل هذه الموافقة.وتعمل إدارة البورصة على رصد الملاحظات التي تتعلق بالشركتين قبل تنفيذ قرار الانسحاب، وذلك حسب توجيهات هيئة أسواق المال في هذا الخصوص، إذ ينتظر رفع تقرير في شأن ذلك الى الجهات الرقابية، تمهيداً للدخول في فترة التداول الاخيرة ومن ثم وقف الأسهم بشكل نهائي واستبعادها من مؤشرات السوق.وبحسب مصادر ذات صلة، ستعمل الجهات المسؤولة في البورصة على التواصل مع الهيئة للوقوف على الوضع المالي للشركة وما يخص سداد أي التزامات تترتب على الشركة للسوق عن فترة إدراجها، لافتة الى التنسيق أيضاً مع الشركة الكويتية للمقاصة بخصوص سداد أي التزامات مسجلة على الشركة المنسحبة لصالح مساهميها من أرباح نقدية او أسهم منحة وغيرها.