تتزاحم الكلمات، و تتدافع العبرات، و تبكي الذكريات، فالاحسان له اهل ،و الخير له عطاء، و الدين له مناصر، و اليتيم له اب، و المسكين له كافل، و الفقير له غطاء، و المسجد له بناء، و القرآن له ناشر، و آلام المسلمين المنكوبين له دمع، و على الارامل له سعي، العم حمد البديح الى جنان الخلد التي تجري من تحتها الانهار، عند رب كريم نستذكرك، غاب جسدك و لم تغب حسناتك، بنيت لنفسك حياة في قلوب محبيك بعد مماتك، مرت سنة على رحيلك و لم يمر يوم على ذكراك، في القلوب حفرت و بنيت و شيدت بأبه صورة قصور الحب و الوفاء فكنت ممن احبهم الله - نحسبك كذلك - فانزل حبهم في قلوب عباده .ففي مثل هذه الايام رحل العم حمد البديح عن الدنيا الى جوار ربه، و هو الذي عرفناه كريما سخيا محسنا يحبه الصغير قبل الكبير، سمعنا عن حسن خلقه قبل ان نعرفه، فلما عرفناه وجدناه خيّرا محسنا شهما صادقا مع الله صادقا مع الناس، سكن الفنطاس و هو في كل الكويت ساكن، فيوم الرحيل نعته المنابر، بكته المساجد، حزن عليه الفنطاس، سالت على فراقه دموع الاهل و الاحباب و الاصدقاء مؤمنين بقضاء الله و قدره موقنين بان الكل الى الرحمن آيبون، و لكل محسن عند الكريم حياة في جنات النعيم .فمذ ان شبَّ على الدنيا اتجه بوجهه و قلبه الى الله فكان من مرتادي الصفوف الاولى في المساجد لا يغيب عنها الا لمرض او سفر، و شهد بذلك اقرانه و ايمانه، اخذ على عاتقه التواصل مع اهل الكويت بشتى اطيافها و كان حكيم اهل الفنطاس يسعى في حل مشاكلهم كان وسيط خير فيهم، ربطه معهم الجوار و كان لهم الاخ مع الكبير و الاب مع الصغير، لم يقصد ديوانه احد لحاجة و لم يجده معه، فهكذا كان العم حمد البديح، بنى مع جيرانه عائلة واحدة اسمها الفنطاس و بنى مع الجميع عائلة اسمها الكويت .اما مجال الخير و الاحسان فكان سباقا فيه، حيث كفل الايتام و سعى على الارامل و ساهم في تشييد المساجد و رعى نشر كتاب الله و السنة النبوية، و ساهم في رفع المعاناة عن المكوبين و الفقراء في البلاد المسلمة، و سورية كانت الجرح العميق لديه و كانت الامل الكبير له فهو المحب للاسلام و المسلمين كان ينتظر قيام الاسلام و سخّر ما جادت به نفسه لنصرة اخوانه في سورية و لم يغب عن معاناة اللاجئين و اسر الشهداء و كان داعما لهم ساعيا لنصرتهم .و في خضم كل ما تقدم لم ينس العم حمد البديح أن يجعل لنفسه أثراً بعد رحيله، فكان من خير الناس الذين ربوا أبناءهم على حب الخير و الدين و غرس فيهم الاخلاق الحميدة و حب الخير فكانوا على عينه من خيرة الشباب الذين يجمعون الكلمة و يخطون على خطى والدهم في حسن الخلق و الشهامة و حب الخير، فلم تنقطع بعده اعمال الخير بل حملها اشباله على عواتقهم مسطرين بذلك الاقتداء بوالدهم، فلم تتوان وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية في اطلاق اسمه الكريم على احدى حلقات تحفيظ القرآن لديها ايمانا منها بما لهذا الرجل من اسهام في عمل الخير و حسن السمعة.مع السنين تتساقط اوراق الشجر و نكشف عن المحسنين في بلد الاحسان و الخير الكويت، فمسيرة الخير متأصلة في ابناء هذا البلد يعملون في خفاء راجين ما عند الله، و كان العم حمد البديح احد هذه الكوكبة الخيرة في بلدي، الى رحمة الله يا بو محمد ذكرناك في هذه الايام و لم ننسك في يوم من الايام فمن غرس غرسا في هذه الدنيا يرعاه الله برعايته و ينميه و يجعله على ألسُنة الناس و في قلوبهم ذكراه، اسأل الله العظيم ان يزيدك احسانا و يرفع درجتك في عليين .