يأسرك جمالها الخلاب لدرجة ربما ينسيك معها رتابة الحياة فتطلق العنان لخيالك ليغوص في سبر بحرها الفيروزي لتمتع ناظريك بمناظر شعابها المرجانية المزركشة وسط دفء شمسها الساطعة طيلة العام، إنها مدينة الغردقة المصرية على ساحل البحر الأحمر أو «ريفييرا البحر الأحمر « كما يطلقون عليها حيث تغطي مساحتها 40 كيلو مترا من الشريط الساحلي للبحر الأحمر.تلك المدينة الهادئة التي اكتسبت اسمها من شجرة الغردق، حيث كانت نقطة التقاء الصيادين بعد الانتهاء من أعمال الصيد أصبحت اليوم قبلة للباحثين عن الاسترخاء والهدوء ومتعة الغطس في مياه بحرها الفيروزي، فتعدد الأعراق وتنوع الجنسيات الزائرة رغم التوترات التي تشهدها مصر في تلك الفترة يؤكد ان الغردقة استطاعت أن تحفر في مدة وجيزة منذ تحويلها إلى مدينة سياحية في بداية الثمانينيات اسمها بين كوكبة المدن السياحية الساحلية في العالم.وربما يخيل للزائر الذي يفد إلى الغردقة ومجاوراتها من قرى ومنتجعات سياحية للمرة الأولى بأنها أشبه بمقطوعة موسيقية تتناغم فيها المقامات من دقة وروعة وجمال تصاميم تتناسب مع طبيعة تلك المدينة الساحلية المتفردة بنقاء جوها وصفاء بحرها.«الراي» كانت واحدة من ضمن فريق إعلامي خليجي حظي بدعوة من هيئة تنشيط السياحة المصرية لزيارة مدينة الغردقة وبعض المنتجعات السياحية المجاورة لرصد مكامن جمالها ومعالمها وشواطئها الخلابة التي يري الكثيرون بأن حق هذه المدينة الفاتنة قد هضم في الترويج الإعلامي العربي مقارنة بمدينة شرم الشيخ رغم تقارب وجه الشبه بين المدينتين الساحليتين.قبيل هبوط طائرتنا الصغيرة أرضية مطار الغردقة شاهدنا من نافذتها منظر الليل الساحر لتلك المدينة، فأضواؤها المتلألئة التي عكستها صفحة البحر الأحمر المقابلة للمنتجعات المتراصة على شاطئه أزال عن كاهلنا جزءا من تعب الرحلة الطويلة التي استغرقت ما يقرب من 5 ساعات منذ إقلاعنا من مطار الكويت إلى مطار القاهرة وصولا إلى مطار الغردقة في السابعة مساء ومنها إلى فندق اشتيجنبرج الذي اختير لإقامة أعضاء الوفد الإعلامي.برنامج الرحلة الذي امتد لثلاثة أيام كان حافلا بالفقرات المتنوعة، لدرجة ان القائمين على مواعيد برنامج الزيارة لم يمهلونا فور وصولنا الفندق سوى دقائق معدودة لتبديل ملابسنا والالتحاق بأولى فقرات البرنامج التي كانت عبارة عن حضور عرض حي في قرية ألف ليلة وليلة.نعم كانت ليلة من ألف ليلة وليلة، بدأت بوصلة من الرقص الشرقي الأصيل على أغنية «نورة» لملك العود فريد الأطرش تمايل واختال معها الجمهور طربا أعقبها وصلة فلكلورية عبارة عن رقصة «التنورة» أستعرض مقدمها موهبته في تقديم هذا الفلكلور الذي يعد ملمحا فنيا يميز الفن الشعبي المصري.الليلة لم تقتصر على هاتين الفقرتين بل شملت أيضا عرضا بتقنية الصوت والضوء استعرض تاريخ الحضارة المصرية القديمة وأبرز الملوك الفراعنة الذين حكموا إبان هذه الحقبة لتختتم هذه الليلة بعرض «خيالة» قدمه مجموعة فرسان وهم ممسكون بعدد من أعلام الدول العربية والأجنبية، وخلال هذا العرض الذي حاز على القسط الأكبر من التشجيع وإعجاب الجمهور استعرض الفرسان مهاراتهم على ظهور الخيول من خلال أداء بعض الحركات البهلوانية.ورغم حجم التعب والإرهاق الذي كان يشعر به أعضاء الوفد الإعلامي، وخصوصا الوفد الكويتي الذي وصلت طائرته متأخرة عن بقية الوفود إلا ان زيارته لقرية ألف ليلة وليلة واستمتاعه بالفقرات المتنوعة أنساه التعب والإرهاق وتمنوا أن تطول السهرة حتى مطلع الفجر.المحمية الطبيعيةأدرك المشرفون على تنظيم رحلتنا مدى التعب الذي أصابنا في اليوم الأول، لذلك تمنوا علينا في ختام سهرتنا الاستيقاظ مبكرا وتجهيز أنفسنا لليوم الثاني من عمر الرحلة.كان يوما من أجمل أيام العمر، يصعب علي أنا ورفاقي نسيانه، فمنظر الشعاب المرجانية ذات الألوان المزركشة المحيطة بالجزيرة المائية التي تقع في منتصفها محمية طبيعية تحمل اسم «MAHMIYA» شيء ربما يذهب العقل من شدة جمال هذه الشعاب التي يمكن لأي شخص أن يراها من على بعد عدة أمتار لشدة نقاء وصفاء مياه البحر الأحمر.منظر الشعاب وصفاء المياه إلى جانب نسيم البحر الذي كان يلف الجزيرة التي تبعد بحوالي 40 كيلو مترا من نقطة الانطلاق «مارينا الغردقة» لم تكن هي فقط محل انبهارنا، فتجربة الغطس تحت الماء «DIVING» كانت متعة لا يضاهيها متعة أخرى، فسبحان من أبدع وصور، تحت الماء عالم آخر لن يشعر به إلا من يخوض غمار تجربة الغطس ليرى منظر الأسماك الملونة والشعاب المرجانية المزركشة.ورغم تخوف معظم أعضاء الوفد من خوض غمار تجربة الغطس تحت الماء إلا أن إلحاح فريق الغواصين ودعوة أعضاء الوفد بعدم تفويت الفرصة شجعت أغلبهم على خوض مغامرة الغطس بمرافقة فريق الغوص ليصعد من تحت الماء وهو ينشد شعرا في جمال وروعة المناظر الطبيعية التي رآها.بعد اليوم الحافل بالسباحة على شواطئ الجزيرة والغوص في أعماق البحر الأحمر كان ينتظرنا بوفيه غداء ضم قائمة أطعمة متنوعة من ثمار وفواكه البحر، فحقا كان اليوم الثاني يوما بحريا بامتياز.الجونةعندما تتذكر الجونة بالتأكيد ستتذكر الجزر المترابطة ببحيرات فيروزية اللون وملاعب الغولف والمنتجعات الفاخرة المطلة على الشاطئ والأنشطة المائية، فقرية الجونة التي قصدناها في يومنا الثالث تعد واحدة من القرى المعنية بالبيئة وتضم مرافق راقية لكل أفراد العائلة وتقدم عددا وافرا من الخدمات والأنشطة التي تناسب الجميع.قبل اندلاع ثورة 25 من يناير في مصر، كانت مشاريع التنمية الصديقة للبيئة تشهد نمواً مطرداً، خصوصا في قطاع السياحة الذي يعد من أكبر القطاعات المدرة للعملات الأجنبية على مستوى الدخل الوطني.قرية الجونة السياحية، الواقعة على بعد 25 كيلومترا شمال الغردقة على البحر الأحمر، هي أحد أهم تلك المشاريع. إنها عبارة عن قرية متكاملة بنيت وفق مواصفات عالية الجودة تضمن الحفاظ على البيئة، بشروط صارمة لناحية مواد البناء المستخدمة وكيفية إدارة الموارد الطبيعية.صنفت قرية الجونة رسميا واحدة من أكثر الأماكن السياحية صداقة للبيئة في مصر، بعدما بذل القائمون عليها جهودا بيئية متواصلة منذ إطلاقها في العام 2002.وتعود فكرة المشروع الى مدير عام شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية سميح ساويرس، الذي أكد التزام معايير صارمة تصون البيئة منذ بدء مرحلة التنفيذ،فقد اتخذت التدابير اللازمة للاقتصاد في استهلاك المياه. وأقيمت شبكة صرف صحي لتدوير المياه المبتذلة وإعادة استخدامها في ري المناطق الخضراء داخل المشروع.وفي القرية منشأة خاصة لتدوير النفايات ونظام صارم للفرز في مستوعبات خاصة. ويمنع استخدام أكياس البلاستيك.وتنتج القرية جزءا من حاجاتها الغذائية، فهي تضم مزرعة للماعز والدواجن وبساتين زيتون ونخيل،كما تنتج جزءاً من طاقتها بواسطة لاقطات شمسية. ويشجع المقيمون والزوار على التنقل بالدراجات الهوائية، إذ تم تخصيص ممرات لهذه الغاية في أنحاء القرية.وتحيي الجونة احتفالات بيئية، خصوصا في يوم البيئة العالمي وفي يوم الأرض بهدف نشر التوعية والسلوكيات البيئية السليمة. وقد تم تدريب طاقم عمل مهمته شرح سبل الحفاظ على البيئة للمقيمين والسياح معا، خصوصاً بترشيد استهلاك الماء والطاقة والمواد، والتخفيف قدر الإمكان من استهلاك المواد الكيميائية، وعدم رمي النفايات في البحر وتنظيم حملات لتنظيف الشواطئ وقاع البحر، بمشاركة سكان المنطقة والسياح.تسعى قرية الجونة لتكون أحد المواقع السياحية التي لا تعتمد فقط على جمال البحر وأسماكه أو على رمال الشواطئ والفنادق الفخمة، وإنما على مواصفات بيئية تجعلها مقصدا رئيسا في السياحة البيئية المتنامية في العالم.وعلى رغم تراجع الحجوزات السياحية في المنطقة عموما من جراء التغيرات السياسية المتسارعة، وتقلصها الحاد في مصر العام الماضي، تخطط وزارة السياحة لزيادة عدد السياح إلى 30 مليونا سنويا بحلول العام 2017، تدشينا لحقبة جديدة تلبي تطلعات الحركة الديموقراطية وتوفر عشرات آلاف الوظائف للشباب.سهل حشيشأجواء من ألف ليلة وليلة ومياه البحر الأحمر الفيروزية الخلابة، وعالم من الرفاهية والترف يغمرك به منتجع سهل حشيش الدولي، الذي يتمدد على أطول خلجان البحر الأحمر. وهو يقع على بعد 450 كيلومترا من العاصمة القاهرة، وعلى بعد 18 كيلومترا جنوب مدينة الغردقة بشواطئه الرملية التي تصل مساحتها إلى 12.5 كيلومتر ومساحة تلك البقعة الساحرة من البحر الأحمر نحو 41 مليون متر مربع، أكبر نحو 20 مرة من جزيرة الزمالك بالقاهرة، ومساحتها تعادل ثلثي مساحة جزيرة مانهاتن الأميركية.الموقع ما بين سفاجا والغردقة تقبع تلك البقعة البكر التي يؤمها الأثرياء وعشاق الاستجمام المترف، تحيط بها غربا سلاسل جبلية متدرجة الألوان، وتتراص الفنادق الفخمة على امتداد ساحل الخليج بطابعها المعماري الخلاب الذي يمزج ما بين الطرز الفلورانسية وقباب شيخ المعماريين حسن فتحي، ما يجعلها مرشحة بجدارة لأن تكون الواجهة السياحية الأولى في المنطقة العربية، لما بها من إمكانات ومرافق وخدمات.فتحت أمواجها المترقرقة في دلال، تقبع مدينة فرعونية تحت الماء لا مثيل لها في مصر لهواة سياحة الغطس، حيث يمكنك التجول ما بين بهو فرعوني وأعمدة أثرية نائمة هناك منذ آلاف السنين، وكأنها رحلة خيالية لما قبل التاريخ.ويعد سهل حشيش من أجمل مناطق الغوص بالبحر الأحمر، حيث تحتضن الشعاب المرجانية على مسافة نحو كيلومتر واحد فقط، ويمكنك الوصول إليها برحلة في القارب تستغرق من 5 إلى 10دقائق، ويستطيع محبو الغوص الاستمتاع بحرية وأمان والوصول لعمق 20 مترا تحت سطح البحر من دون التوقف في محطات للأمان. وهناك العديد من مراكز الغوص التي تضم خبراء على مستوى عالمي، وتوفر لزائر سهل حشيش تجربة لن ينساها بزيارة المدينة الفرعونية الغارقة الأسطورية التي تقبع على بعد أمتار قليلة عن الشاطئ، حيث يمكنك رؤية تيجان الأعمدة بارزة بين أمواج البحر.حيرة كبرىالإقامة الحقيقة أنك إذا رغبت في زيارة سهل حشيش ستقع في حيرة كبرى أو «مأزق» اختيار مكان الإقامة، فالطاقة الفندقية للمنتجع تصل إلى 3 آلاف غرفة، وجميع الفنادق توفر غرفا تطل على البحر، وجميعها تقدم خدمات تجعلك تعيش كملك في ألف ليلة وليلة حيث تطل جميع غرفها على ريفيرا البحر الأحمر، ويطلق على المنطقة التي تقع فيها تلك الفنادق» old town» رغم أنها أنشئت في العام2007. وتتيح تلك الفنادق الإقامة الكاملة» all inclusive» والانتقالات من وإلى الغردقة لنزلائها، كما تقدم لك خطة ترفيهية كاملة شاملة الرحلات والحفلات وملاعب التنس والإسكواش، كما تضمن الاسترخاء لنزلائها من خلال برامج المساج الذي تقدمه السبا الخاصة بكل منها.وتحتضن سهل حشيش العديد من الفنادق الخمس نجوم والسبع نجوم، وكان من أوائل الفنادق التي تم إنشاؤها في سهل حشيش فندق «ولد بالاس ريزورت»، و«برمير رومانس»، وفندق أوبروي سهل حشيش، وفندق ديسول بيراميزا، فندق ومنتجع بالم بيتش بيتزا أبارت، وأسعار الإقامة بها تتراوح ما بين 1300 إلى 1500 جنيه لليلة الواحدة. ومن أحدث الفنادق التي تم افتتاحها فندق «بارون بالاس سهل حشيش»، كذلك يوجد بها فندق «the Citadel Azur» الذي يضمن لك إقامة متميزة، وهو مصمم بديكورات من الأحجار الطبيعية وشاطئ يطل على بقعة ساحرة من الشعاب المرجانية. تلك الشعاب المرجانية التي يحتضنها خليج سهل حشيش تجعل من متعة الغوص والسنوركلينج متعة ومغامرة لا تنسى.فإذا تخلصت من حيرتك وتوصلت لاختيار ما فبمجرد وصولك إلى سهل حشيش ستجد نفسك وأنت أمام مدخل المنتجع الذي تحرسه بوابة فرعونية عملاقة ويصطحبك عشرات التماثيل الفرعونية في ممشى رائع وكأنك في قلب معبد فرعوني إلى قلب مركز المدينة «أريفال بيازا»، حيث يعتبر هذا المكان مساحة تجمع رئيسة تجمع رواد المنتجع وبه مجمع سينمائي.وعبر البيازا التي تشبه ساحات القصور الأسطورية تطل المدينة على ساحل البحر الأحمر وكل ما عليك بعدها هو أن تحاول الاستمتاع بكل ما يزخر به سهل حشيش من معالم وأماكن سياحية لتكتشف روح هذا المكان الأصيلة، إضافة إلى الاسترخاء والاستمتاع بنوع جديد من الرفاهية والترف.فلا تفوت على نفسك فرصة التجول بين الممرات التي تخترق المنتجع المميزة بنقائها وخضرتها، ولا تنس أن تنعم بالتجول على الجسر الخشبي المؤدي إلى الشاطئ الذي تكسوه الرمال البيضاء الرائعة، حيث تتمدد على الكراسي الطويلة أو في أكواخ الشاطئ الرائعة تحيط بك آلاف من أشجار النخيل السامقة.
- سياحة وسفر
تتفرد بنقاء جوها وصفاء بحرها
الغردقة ... ريفييرا البحر الأحمر
08:35 م