اكتسبت المطالبة بتغيير جذري في هيئة أسواق المال زخماً اقتصادياً وسياسياً واضحاً في الأيام القليلة الماضية، بعد أن أضافت الهيئة إلى قائمة المعترضين على أدائها غرفة التجارة والصناعة، بما تمثّل كأكبر هيئة اقتصادية أهلية ممثلة للقطاع الخاص. ويبدو أن هذا الزخم يطرق باب مجلس الوزراء، لكن السؤال يبقى: من أين يبدأ التغيير، من القانون أم من الأشخاص؟وقد يكون ملف قواعد «الحوكمة» الذي تريد هيئة أسواق المال تطبيقها على الشركات المدرجة والخاضعة لرقابتها «القشة التي قصمت ظهر البعير» في العلاقة بين هيئة أسواق المال والقطاعات الاقتصادية المختلفة، فإما أن تحتوي الهيئة الخلاف وتتحوّل إلى محاور قادر على الاستماع، وإلّا فإن الأمور قد تتجه إلى مواجهةٍ قد لا تنتهي إلا بتغيير أساسي في الهيئة.وليس سرّاً أن أصواتاً نيابية واقتصادية عديدة باتت تتناول بالنقد والتشكيك كفاءة أعضاء في مجلس المفوّضين ومؤهلاتهم، ما يعكس مطالبةً بتغيير في الوجوه لتغيير النهج. لكن في ظل قوّة موقع المفوّضين قانونيّاً قد لا يكون هناك إلا مخرج وحيد لكسر الجمود القائم، يتمثّل بتعديل القانون.وفي ظل وجود زخم نيابي يدفع في هذا الاتجاه، يقف وزير التجارة والصناعة الدكتور عبد المحسن الدعيج أمام خيار دقيق، فإما أن يأخذ المبادرة ليضبط أي تعديلات على إيقاع حكومي، وإما أن يترك الكرة في ملعبٍ آخر لا تأثير له عليه. وفي الحالين، ستكون هيئة الأسواق في موقف حرج، ولعلها تتمسك بحقها القانوني في أن تكون مصدر أي تعديلات مقترحة على قانونها.وقد تكون المسائل الأكثر إلحاحاً هي تلك المتعلقة بمفهوم استقلالية الهيئة عن وزير التجارة، وما إذا كان ينبغي إعادة النظر بالهامش الكبير المتاح لها حالياً. أضف الى ذلك مسألة الاستقلالية المالية، وما يكتنفها من التباس الصلاحيات بين الهيئة ووزارة المالية، خصوصاً في ظل العجز الكبير المسجّل في ميزانية الهيئة، والذي قارب 10 ملايين دينار في سنة واحدة. فهل ينبغي إبقاء الاستقلالية المالية على حالها، أم تعديلها لئلا تضطر الهيئة إلى إثقال كاهل الشركات وقطاعات الأعمال برسوم ثقيلة لضمان التوازن المالي؟وفيما تظل أجندة التعديلات مفتوحة، يبدو أن تعديل القانون رقم 7 لسنة 2010 سيأخذ طابع المعالجة الاسثنائية والملحّة، فموقف غرفة التجارة والصناعة لم يعد الوحيد الذي ينادي بتحلي هيئة الأسواق بشيء من المرونة والاستماع الى وجهات نظر القطاعات ذات العلاقة، بل ان الامر في طريقه ليأخذ منحى اكثر شمولية، من خلال تداخل اتحادات وجهات ذات علاقة على طريق البحث عن مادة مرنة بدلاً من الخطاب الفوقي الذي يتبناه البعض من قيادي القطاعات الرقابية.وتتوقع قيادات في القطاع الخاص أن تشهد الأيام المقبلة تطورات كبيرة على مستوى كثير من الاطر التنظيمية. وتشير الى ان الازمات هي من تصنع الاطر التنظيمية والرقابية، وهذا ما يؤكد ان الملفات المتشابكة على غرار الحوكمة بحاجة الى سنوات لتشهد تفعيلاً تدريجياً وليست تفعيلاً خلال جدول زمني صغير على غرار المُحدد للحكومة، منوهين الى ان قطاع الرقابة المسؤول عن بعض التداول والحوكمة اضافة الى التفتيش وجميعها تحت قيادة المفوض باسل الهارون بحاجة الى مرونة اكثر خصوصاً وأن النقاش بات بين الهيئة وجهة حيادية لها صوت مؤثر مثل غرفة التجارة والصناعة.
اقتصاد
هل يكون ملف «الحوكمة» القشة التي تقصم ظهر مجلس المفوّضين؟
التغيير في «هيئة الأسواق»: القانون قبل الأشخاص
07:29 ص