تواجه الشركات الخاضعة لرقابة هيئة أسواق المال تحدّياً قد لا يكون بالسهولة التي يتوقعها كثيرون، في إيجاد أعضاء مستقلّين لمجالس الإدارة.فمع سريان قواعد الحوكمة الجديدة بنهاية العام الحالي، سيكون على الشركات أن توفّق أوضاعها مع متطلبات الشق المتعلق بـ «تقوية تكوين مجلس الإدارة» في هذه القواعد، ومن ضمنها وجوب ضم عضو مستقل إلى مجلس الإدارة، ما يعني أن الجمعيات العمومية التي ستعقدها الشركات في الأشهر المقبلة ستكون الفرصة الملائمة لتسوية الأوضاع، لئلا تضطر الشركات إلى عقد جمعيات عمومية أخرى عادية قبل نهاية السنة.لكن هل الأمر بهذه السهولة؟نظرياً، قد لا يكون صعباً على أي شركة أن تجد عضواً مستقلاً، لكن العدد الكبير للشركات المدرجة والخاضعة لرقابة الهيئة، والشروط الكثيرة الواجب توافرها في العضو المستقل قد تجعل الأمر شبه ورطة.فمن بين الشروط ألا يكون عضواً مستقلاً لمجلس الإدارة مالكاً لما نسبته 5 في المئة أو أكثر من أسهم الشركة، وألا يكون من كبار التنفيذيين فيها أو في أي من شركات المجموعة نفسها خلال العامين الماضيين، ولا تكون له صلة قرابة من الدرجة الأولى أو الثانية مع أي من أعضاء مجلس الإدارة أو كبار التنفيذيين في الشركة أو أي من شركات المجموعة.وأضافت الهيئة شرطاً جديداً الأسبوع الماضي يتمثّل بألّا يكون عضو مجلس الإدارة عضواً في مجلس إدارة أي من شركات المجموعة نفسها، أو التي هي جزء من مجموعتها.بورصة الترشيحات مهيأة للانطلاقة قريبا في موسم الجمعيات العمومية، وقد يُصبح الأمر أشبه بما يجري في الهيئات الشرعية للشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، من حيث وجود اسماء مشايخ بعينها في الهيئة الشرعية لاكثر من شركة في وقت واحد، واحيانا تجد اسماء اصحاب الفضيلة في شركات محلية واحيانا بأخرى خارجية، بحجة قلة الكفاءات في هذا المجال. فهل يمكن أن تتكرر تجربة المشايخ فيصبح هناك أشخاص مهمتهم أن يكون أعضاء مجالس إدارة تحت الطلب؟ من دون إغفال أن هناك حداً أقصى لعضوية مجالس الإدارات.قبل 4 سنوات تقريبا بدأ بنك برقان التجربة، وقتها اختار 3 شخصيات مستقلة ذات وزن لتمثيلها في مجلس الادارة من باب الحوكمة التي طبقها على نفسه قبل ان تلزمه الجهات الرقابية، وهم رجل الاعمال المعروف محمد البشر والوزيرة السابقة الدكتورة اماني بورسلي إضافة إلى المدير السابق في البنك الوطني فيصل الروضان.وقتها كان يمكن القول ان هذه الشخصيات مستقلة عن الملاك الرئيسيين، اما الآن ومع الزامية تطبيق التجربة في جميع مجالس إدارات الشركات، يكون السؤال حول مقدرة كل الشركات على إيجاد أعضاء مستقلّين من دون التفريط بخصوصية الشركات.وربما تروّج بعض الشخصيات اسماءها لشغل هذه المقاعد، مقابل ما يمكن تحصيله من هذا المنصب، مستغلة في هذا الخصوص حاجة البعض إلى ملء الفراغ تفاديا للوقوع في مخالفة تعليمات النواظم الرقابية، فليس سرا قلة الشخصيات التي تنطبق عليها «معايير الكفاءة والنزاهة» المطلوبة من الهيئة، من دون أن تكون مالكة أو موظّفة في المجموعة نفسها، أو في مجموعات منافسة.نقطة أخرى تزيد المخاوف في هذا الخصوص، تتعلق بامكانية فرض بعض الشخصيات على العمل بهذا المنصب من خارج إرادة «الهيئة»، والمقاربة في تجارب بنك الكويت المركزي الذي رفض العديد من الشخصيات في حين قد اقر القضاء احقية عودة بعض الشخصيات غير الصالحة من وجهة الناظم الرقابي إلى هذا المنصب، وتكرار ذلك غير مستبعد في مسيرة «الهيئة». وهنا تكون المخاوف من ان يخلق التطبيق غير المناسب لقواعد الحوكمة سوقا رائجا لشخصيات غير مأمول منها إحداث فارق كبير لجهة تحقيق الشفافية وربما يمثل ذلك عبئا.أما بالنسبة للشرط الجديد الذي اضافته هيئة أسواق المال في عضو مجلس الإدارة المستقل بالشركات الخاضعة لرقابة الهيئة، والذي يقضي بألّا يكون عضو مجلس الإدارة عضواً في مجلس إدارة أي من شركات المجموعة نفسها، أو التي هي جزء من مجموعتها، فربما يجد البعض مخرجا سريعا لنفسه في العمل باكثر من مجموعة.بالطبع هناك مخرج قد يساعد الشركات في تجاوز هذا التحدي يتمثل في استعانتها بشخصيات من خارج السوق المحلي مستوفية للحد الاعلى من الشروط، لكن هذا التوجه بما يحمله من مزايا لديه عيوبه، ليس اقلها وجوب حضور العضو المستقل لاجتماعات مجلس الإدارة، ما يعني أن العضوية الشكلية لا تفي بالغرض.
اقتصاد
سوق جديد رائج في موسم الجمعيات العمومية... لتطبيق قواعد الحوكمة
مطلوب فوراً: عضو مجلس إدارة «مستقل»
03:42 م