من غير المستبعد، بعد توجيه الدعوات لـ «جنيف - 2»، ان يبدأ السؤال عن موعد «جنيف - 3»، لانه مع الأزمة المفتوحة في سورية سيكون «الحبل على الجرار» في مؤتمرات لإنضاج الحل على الطريقة الخطوة - خطوة.وفي الطريق الى «جنيف - 2»، برزت مفارقات عديدة، الا ان ابرزها عدم توجيه الدعوة لايران، رغم دورها المحوري في «الأزمة وحلها»، والاعتقاد المسبق بأن «الإنجاز اليتيم» الذي سيخرج به هذا المؤتمر يقتصر على جمْع المتواجهين وجهاً لوجه.هذه المفارقات كانت حصيلة مداولات في الدوائر الغربية عشية توجيه الدعوات للمؤتمر المقرر في 22 الشهر الجاري، وهي مداولات تأخذ في الاعتبار الوقائع الديبلوماسية والعسكرية التي تحوط بالملف السوري وتعقيداته.وفي هذا السياق، تحدث مسؤول غربي على صلة بالإعداد لـ «جنيف - 2» الى «الراي» عن مكان ايران كجزء من «القفل والمفتاح» في الملف السوري، فقال ان «ايران تملك السلطة العسكرية والروحية على حزب الله، وتالياً القدرة على الضغط عليه للانسحاب من سورية بعد التأكد من ان الارهاب لن يكون البديل عن الرئيس السوري بشار الاسد»، مستنتجاً ان «وجودها داخل قاعة جنيف - 2 او خارجها لن يعدّل شيئاً في النتائج لان المعادلة هي هي، وخصوصاً ان طهران تعلم انها احد اللاعبين الاساسيين في الصراع الدائر في سورية وليست اللاعب الوحيد»، مشيراً الى ان «للسعودية حلفاء ونفوذاً وهي متوجسة من مشروع ايران في المنطقة ككل، وتالياً فان من بين أهداف الصراع الدائر عدم السماح لايران بالانتصار في سورية او في لبنان»، ملاحظاً انه «لا بد من بذل جهود لدفع الطرفين (ايران والسعودية) للتعاون توصلاً للحل، لان الاثنين في سباق مستمر نحو الانتحار لاعتبارهما المعركة في سورية من قدس الأقداس».وأشار المسؤول الغربي الى ان «الولايات المتحدة واوروبا علّقتا كل المساعدات غير الفتاكة لقوات المعارضة الى حين جلاء غبار المعركة وضمان انكسار جبهة النصرة وداعش، ونحن في الغرب ندرك ان المعارضة، حتى ولو وحّدت صفوفها، فان الانتصار لن يُكتب لها، وكذلك هي الحال تماماً بالنسبة الى إيران وحليفها حزب الله. فكل طرف يملك نصف الارض ولا قدرة لهذا او ذاك على إحداث تغيير عسكري دراماتيكي لمصلحته، فالمعركة تدور رحاها حول العاصمة دمشق، في دوما وحرستا والغوطتين ومخيم اليرموك، والطرفان على اقتناع ان «النصر ليس بساعة كما يدّعي الفريقان وخصوصاً بعد محاولات عدة قاما بها»، شارحاً انه «على سبيل المثال، سُجل في منطقة الغوطة وبالتحديد في العبادية ودار سلمان سقوط قنابل لتدمير هذه المنطقة من قبل حزب الله والنظام بما يوازي ما سقط على مدينة برلين اثناء اقتحامها من الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، من دون ان يغيّر ذلك في خريطة الغوطة وتقاسُم مناطق النفوذ بين حزب الله والجهاد العالمي. وكل من الطرفين ماضٍ بزج المزيد من المقاتلين لتحقيق نصر موقت وتقهْقر لاحق او تَقدُّم من هنا او من هناك».وختم المسؤول الغربي كلامه لـ «الراي» بأن «جميع المشاركين وحلفاءهم (في مؤتمر جنيف - 2) على اقتناع تام بأن المؤتمر غير ناضج بعد ومن الافضل تأجيله، الا ان الاقتناع الاقوى هو ان الاجتماع سيسجل اول لقاء حقيقي على مستوى الدول بين النظام وحلفائه وعلى رأسهم روسيا، وبين المعارضة وحلفائها وهذا انتصار في حد ذاته، ولذلك نعمل على إنجاح الخطوة الاولى للقاء، علماً انها لن تنتج مقررات لإنهاء الحرب ولكن يمكن ان يتمخض عنه وقف لاطلاق النار يريده النظام وترغب به المعارضة ايضاً، ما قد يعطي فرصة اولى لاختراق في مسار الحرب وبداية مسار السلام».