| كمال علي الخرس |
شريط فيلم يعرض شاباً بلباس عسكرية معصوب العين، فمه مفتوح ينبئ عن حشرجة روح تفرفر في بلعومه الذي تحزه شفا سكين، اما وجهه فتفيض منه تقاسيم دالة على حالة من لحظات رعب مع حرارة سكين تقضي على آخر لحظات حياته.
مراسلو وكالات الانباء العالمية وصفوها بالجريمة المريعة التي تشبه ما يروى من قصص في القرون الوسطى.
هذا المقال لا يبحث عمن هو المذنب في الصراعات الداخلية في الدول العربية ولا عن الابعاد السياسية والآثار الاستراتيجية للصراع، ولكنه يود تركيز الضوء على الانسان العربي، وكرامته المهدورة ودمه المسفوك في احداث ما يسمى بالربيع العربي، وأكثر هذه الجرائم الوحشية تحدث الان في دولتين عربيتين هما سورية الشام وعراق الرافدين، اللتان كانتا مهدا للحضارات والأديان ومدارس للقيم والأخلاق.
صراعات همجية وحشية تفوق التصور، صور لأبشع انواع القتل من ذبح ونحر لم يسلم منها حتى الاطفال والشيوخ والعجز، تفجير دور عبادة، آثار تاريخية، تفخيخ مسيرات تشييع الجنائز، وكأن هذه المنطقة على موعد مع ضرب ارقام قياسية في انتاج صور الموت.
لكن ما هو اشد رعبا من هذه الجرائم الوحشية التي تفوق ما يقوم به أكلة لحوم البشائر من قبائل بدائية في الأدغال والغابات الموحشة هو الصمت العربي امام هذه الجرائم وعدم التحرك لكبح جماحها.
أين جهود الاغاثة العربية لوقف هذه المآسي من دون اقحام التوجه السياسي كركيزة في العمل، اين العمل التوعوي الانساني من دون ادخال سياسة تحد سكين القاتل ثم تمشي خلف جنازة المقتول؟ جهود الاغاثة في هذه الظروف المرعبة التي يعيشها كثير من العرب يجب ان تتجاوز نصب خيام او ايصال غذاء، بل يجب التعامل بشكل طارئ مع هذا الانتهاك الصارخ لقيمة وكرامة وسلامة وأمن الانسان العربي.
القتال أمر كريه، لكن على الاقل يجب احترام القواعد والإنسانية في الحرب، قواعد وأصول عرفتها الاديان من سالف الزمان وأكدت عليها القوانين والمواثيق الدولية. لماذا يقتل اطفال وبدم بارد أحيانا؟ لماذا يتم الاجهاز على الأسرى؟ لماذا يتم الاعتداء على النساء؟ ما دخل دور العبادة؟ ما دخل الآثار ماذا يحدث في ديار العرب، في قلب الحضارات، أمور تحدث وكأنها تقول للعالم ان هذه المنطقة لم تعرف القراءة ولا الكتابة ولا الحضارة يوما!
أمر غير مسبوق تقريبا في شكل الجرائم، المشكلة في الاجهار بها أحيانا، في هذه الظروف يكون لزاما على الدول العربية من مسؤولين بالدرجة الأولى ثم من وسائل اعلام ومثقفين وكتاب، الاجتماع على كلمة لوضع حد لهذه التجاوزات الصارخة بحق الانسان في الدول العربية، وتوجيه رسالة تقول لا سواء للأنظمة أو للمنظمات التي تقوم بجرائم ضد الانسان فليس من المعقول ان تبقى الدول العربية متفرجة على هذا القتل ولا تحرك ساكنا، وتكون أسيرة المواقف والاصطفافات السياسية.
على الدول العربية ان توحد جهودها لإنقاذ الانسان العربي وإغاثته بشتى الوسائل، فاستمرار الوضع على ما هو عليه لن يشكل خطرا على سلامة الانسان العربي فقط بل سيزلزل أمن الدول العربية اجمع.

alzoor3@yahoo.com