فخامة الرئيس العزيز جورج دبليو بوش رئيس الولايات المتحدة الأميركية.
مع عبور تسع سفن حربية ضخمة حاملة مئات المقاتلات وآلاف المقاتلين الى مياه الخليج، اكتب اليك كمواطن كويتي لأجدد شكري واعتزازي بالدور الكبير الذي لعبه والدكم الكريم ومعه زعماء العالم الحر في تحرير بلدنا الغالية يوم غزاها الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 1990، كما أجدد شكري واعتزازي بالمنظومة الأمنية التي ظللت بلادي بقيادتكم حتى إطاحة النظام العراقي السابق الذي حاول مرارا في تسعينات القرن الماضي انتهاك سيادتنا.
واكتب إليك كمواطن كويتي من موقع الصديق والحليف مجددا تضامني الكامل معكم ومع العالم الحر في التصدي لظاهرة الارهاب التي ضربت بلادكم مع بدء ولايتكم فأجبرتكم على تغيير الاولويات والبرامج ودفعتكم دفعا إلى التصدي لها خارج حدود أميركا.
لم نسلم نحن العرب والمسلمين يا سيدي الرئيس من الارهاب أيضا سواء كان من أنظمة شقيقة عربية مسلمة أو من مجموعات تعيش بيننا أو من نظام إسرائيل الذي افتتح هذا النوع من الجرائم والمجازر قبل أكثر من نصف قرن... وما زال.
ومن موقع الشراكة في دفع الثمن (وان كنا ندفع دائما الثمن مرتين) لا بد أن نلفت نظركم الى التقارير التي صدرت في الولايات المتحدة هذا الاسبوع عن تمويل يصل الى تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان في أفغانستان من مجموعات في العراق. هذه التقارير ليست تفصيلا في المواجهات الدائرة هناك بل هي أساس في مجمل صورة الحرب على الارهاب.
لا يجادل اثنان في ان الخلاص من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان خدمة أساسية للعراقيين ولمبادئ الحرية وحقوق الانسان، فجمهورية الرعب التي أسسها خنقت شعبا بكامله وأجرمت بحق شعوب المنطقة. لكنكم خضتم الحرب على العراق لاسباب مختلفة منها أسلحة الدمار الشامل التي اتضح انها غير موجودة، ومنها العلاقة الوثيقة بتنظيم «القاعدة» التي اتضح انها وجدت وقويت بعد سقوط النظام، ومنها تحويل العراق الى مركز لتصدير الارهاب الامر الذي حصل بقوة اكثر راهنا مع التقارير الاميركية التي تحدثت عن تمويل عراقي للقاعدة وطالبان في افغانستان.
السبب الأهم الذي سوقتموه يا فخامة الرئيس تعلق بالجانب الآخر من الحملة الدولية على الارهاب وهو الجانب السياسي، حيث جاء في حيثيات حكم المواجهة ان بيئة الارهاب مرتبطة جذريا بغياب الديموقراطية، وكم أسعدنا تأكيدكم ان العراق «المتحرر» سيكون النموذج الديموقراطي في المنطقة، لكن سنوات اربع فقط فصلت بين هذا التأكيد والواقع الذي يفيد ان العراق بصيغته الراهنة ورغم كل التقدم في عملية الانتقال السياسي هو النموذج الكابوس للمنطقة، ولا نخالكم غائبين عن المصطلح الجديد لهذا الكابوس كأن يقال «الخوف من عرقنة لبنان»، ولا نخالكم غائبين عن التقارير الامنية التي تفيد ان هذه المجموعة الارهابية او تلك في دول الخليج والمغرب «تلقت تدريبات في العراق»، وبالطبع لا نخالكم غائبين عن التقارير الاميركية التي افادت ان مجموعات في العراق صارت تمول الحركات المتطرفة والاصولية في مناطق بعيدة وقريبة، اضافة الى تحول جنوب منطقة الديوانية حقلا عالميا لزراعة الافيون.
في الاسباب والنتائج... فشل ذريع، وفي التطلع الى المستقبل خوف مريع، وفي «النموذج» المراد تصديره كابوس فظيع. فالهلال المضطرب الممتد من افغانستان الى لبنان يبدو في طريقه الى الاحتراق اكثر من السلم والسكينة. والسبب الرئيس طريقة تعاطي إدارتكم مع هذا الملف بشكل يعكس الجهل التام بشؤون المنطقة.
السيد الرئيس، أتوجه اليكم بهذه الكلمات خصوصا انكم في صدد تسخين الملف الايراني مع عبور السفن وحاملات الطائرات الى مياه الخليج. فإذا كان ما حصل في العراق وقبله في أفغانستان أنتج كل ما ترونه اليوم شرقا وغربا، فإن ما يمكن أن يحصل في ايران سينتج ما هو أسوأ بكثير، وبدل ان تقضي إدارتكم على تخصيب لليورانيوم ستساهم أي حرب جديدة تقررها الى تخصيب الانهيار... في عموم المنطقة.
آمل أن أكون مخطئا في رسم صورة سوداء على عكس ما سترسمه أجهزة استخباراتكم... متمنيا للشعب الأميركي دوام الخير والتقدم والأمن والأمان.
جاسم بودي