زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان، يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.
وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (4815921)
ذكر النار في القرآن
والتعريف بحال أهلها (2 من 2)
ان من أعظم البلاء ان النار التي ذكرت بعض صفاتها، قد حفت بما يغلب على النفوس حبه من ملذاتها وشهواتها، فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله تعالى الجنة والنار: ارسل جبريل عليه السلام إلى الجنة، فقال: انظر اليها، والى ما اعددت لأهلها فيها، فجاءها جبريل عليه السلام ونظر اليها، والى ما اعد الله تعالى لأهلها فيها، فرجع اليه فقال: فوعزتك، لا يسمع بها احد إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال الله تعالى: ارجع اليها، فانظر إلى ما اعددت لأهلها فيها، فرجع جبريل عليه السلام اليها، فإذا هي قد حفت بالمكاره، فرجع اليه فقال: وعزتك، لقد خفت ألا يدخلها احد.
فقال الله تعالى: اذهب إلى النار فانظر اليها، والى ما اعددت لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضا، فرجع جبريل عليه السلام اليه فقال: وعزتك، لا يسمع بها احد فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال الله تعالى: ارجع اليها، فرجع جبريل عليه السلام اليها فقال: وعزتك، لقد خشيت ألا ينجو منها احد إلا دخلها) اخرجه احمد وابو داود والترمذي.
ولا يخفى عليكم حال نبيكم المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم، وهو اعظم البرية خشية لربه العزيز الغفار، وقد غفر له ما تقدم وما تأخر من الذنوب والاوزار، وما هذا ففؤاده مضطرب من ذكر النار، فقد اخرج ابن حبان في صحيحه عن عطاء بن ابي رباح رحمه الله تعالى قال: دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها، فقال ابن عمير: اخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسكتت عائشة رضي الله عنها ثم قالت: ( لما كان ليلة من الليالي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي. قلت: والله، إني لأحب قربك و أحب ما سرك. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتطهر ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال للرسول صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله لم تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افلا اكون عبدا شكورا، لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لآولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلا سبحنك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته، وما للظالمين من أنصار ) إلى آخر الايات كلها (سورة آل عمران 190-192).
لذا فقد ابصر السلف الأبرار، حقيقة هذه الدار، اضطربت منهم الأحوال لما ايقنوا بما فيها من الأهوال.
فقد سمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ إلى قوله تعالى: ( إن عذاب ربك لواقع، ماله من دافع ) سورة الطور: 7-8 : فقال عمر: ( قسم ورب الكعبة حق)، ثم رجع عمر إلى منزله، فمرض شهرا يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه.
وقال سعد بن الأخرم رحمه الله تعالى: (كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فمر بالحدادين وقد أخرجوا حديدا من النار، فقام ينظر إليه ويبكي).
وكان طاووس بن كيسان رحمه الله تعالى يفترش فراشه ثم يضطجع عليه، فيتقلى كما تقلى الحبة على المقلى، ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: (طير ذكر جهنم نوم العابدين).
وأنشد عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى شعرا:
إذاما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع.
وقد تظافرت نصوص الوحي المبين، بذكر الأسباب التي تنجي صاحبها من العذاب المهين، فمن ذلك أن يتصدق العبد بالمال، ابتغاء وجه ذي الجلال، كما جاء في الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه و بينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فأتقوا النار ولو بشق تمرة).
ومن ذلك : ان يودع العبد في القلب: خشية مولاه وسيده الرب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم).
أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه
ومن ذلك أن يستجير المسلم من فيح جهنم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما استجار عبد من النار ثلاث مرار: إلا قالت النار: اللهم أجره مني، ولا يسأل الجنة إلا قالت الجنة: اللهم أدخله إياي) أخرجه أحمد.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة (w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (4815921)
ذكر النار في القرآن
والتعريف بحال أهلها (2 من 2)
ان من أعظم البلاء ان النار التي ذكرت بعض صفاتها، قد حفت بما يغلب على النفوس حبه من ملذاتها وشهواتها، فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله تعالى الجنة والنار: ارسل جبريل عليه السلام إلى الجنة، فقال: انظر اليها، والى ما اعددت لأهلها فيها، فجاءها جبريل عليه السلام ونظر اليها، والى ما اعد الله تعالى لأهلها فيها، فرجع اليه فقال: فوعزتك، لا يسمع بها احد إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال الله تعالى: ارجع اليها، فانظر إلى ما اعددت لأهلها فيها، فرجع جبريل عليه السلام اليها، فإذا هي قد حفت بالمكاره، فرجع اليه فقال: وعزتك، لقد خفت ألا يدخلها احد.
فقال الله تعالى: اذهب إلى النار فانظر اليها، والى ما اعددت لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضا، فرجع جبريل عليه السلام اليه فقال: وعزتك، لا يسمع بها احد فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال الله تعالى: ارجع اليها، فرجع جبريل عليه السلام اليها فقال: وعزتك، لقد خشيت ألا ينجو منها احد إلا دخلها) اخرجه احمد وابو داود والترمذي.
ولا يخفى عليكم حال نبيكم المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم، وهو اعظم البرية خشية لربه العزيز الغفار، وقد غفر له ما تقدم وما تأخر من الذنوب والاوزار، وما هذا ففؤاده مضطرب من ذكر النار، فقد اخرج ابن حبان في صحيحه عن عطاء بن ابي رباح رحمه الله تعالى قال: دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها، فقال ابن عمير: اخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسكتت عائشة رضي الله عنها ثم قالت: ( لما كان ليلة من الليالي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي. قلت: والله، إني لأحب قربك و أحب ما سرك. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتطهر ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال للرسول صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله لم تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افلا اكون عبدا شكورا، لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لآولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلا سبحنك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته، وما للظالمين من أنصار ) إلى آخر الايات كلها (سورة آل عمران 190-192).
لذا فقد ابصر السلف الأبرار، حقيقة هذه الدار، اضطربت منهم الأحوال لما ايقنوا بما فيها من الأهوال.
فقد سمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ إلى قوله تعالى: ( إن عذاب ربك لواقع، ماله من دافع ) سورة الطور: 7-8 : فقال عمر: ( قسم ورب الكعبة حق)، ثم رجع عمر إلى منزله، فمرض شهرا يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه.
وقال سعد بن الأخرم رحمه الله تعالى: (كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فمر بالحدادين وقد أخرجوا حديدا من النار، فقام ينظر إليه ويبكي).
وكان طاووس بن كيسان رحمه الله تعالى يفترش فراشه ثم يضطجع عليه، فيتقلى كما تقلى الحبة على المقلى، ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: (طير ذكر جهنم نوم العابدين).
وأنشد عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى شعرا:
إذاما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع.
وقد تظافرت نصوص الوحي المبين، بذكر الأسباب التي تنجي صاحبها من العذاب المهين، فمن ذلك أن يتصدق العبد بالمال، ابتغاء وجه ذي الجلال، كما جاء في الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه و بينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فأتقوا النار ولو بشق تمرة).
ومن ذلك : ان يودع العبد في القلب: خشية مولاه وسيده الرب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم).
أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه
ومن ذلك أن يستجير المسلم من فيح جهنم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما استجار عبد من النار ثلاث مرار: إلا قالت النار: اللهم أجره مني، ولا يسأل الجنة إلا قالت الجنة: اللهم أدخله إياي) أخرجه أحمد.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.