بعد حكم المحكمة الدستورية، والذي حصن مرسوم الصوت الواحد بدا أن الكفة أخذت تميل لصالح المؤيدين إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة، خصوصا أن بعض الداعين للمشاركة أخذ باستخدام العواطف والبعد الطائفي من خلال التحذير من تكرار خطأ المقاطعة والذي أدى إلى وصول عدد كبير من النواب الشيعة إلى مجلس أبو صوت المبطل.
إلا أن هذا العذر بدأ يفقد مصداقيته وأهميته من خلال تأمل بسيط، فلو سألنا أنفسنا ما الذي قدمه الـ 17 نائبا شيعيا من خدمة لأبناء مذهبهم خلال وجودهم في مجلس أبو صوت؟ بل ما المناصب التي حصلوا عليها داخل المجلس نفسه؟
ستجد أنهم برغم كثرة عددهم لم يستطيعوا أن يوصلوا ولو شخصا واحدا إلى مكتب المجلس، بينما وصل عدنان عبدالصمد على سبيل المثال إلى منصب أمين سر مجلس 2009 عندما كانوا أقل عددا.
وعندما كان عدد النواب الشيعة في بعض المجالس لا يتعدى أصابع اليد الواحدة استطاعوا تحقيق الكثير من المكاسب لأبناء المذهب، كالوقف الجعفري، وبناء مساجد ضخمة في مواقع متميزة وقاموا بأخذ تصاريح لإقامة مسيرات كربلائية وغيرها، وهو ما عجز عنه نواب مجلس أبو صوت المبطل من أتباع المذهب نفسه.
إذاً نتمنى ألا يجعل البعض عذره في خوض انتخابات الصوت الواحد والتي ربما كان له فيها مآرب أخرى هو البعبع الشيعي.
كما أنني أعتقد أن كفة المقاطعة للانتخابات بدأت تغلب على المشاركة لأسباب منها: إعلان 28 من نواب الغالبية مقاطعتهم للانتخابات وهو رقم لا يستهان به إذ يمثل أكثر من نصف أعضاء المجلس، كما أن ما حصل في تجمع قبيلة العوازم المحترمة من اختلاف حول النزول وتأييد مجاميع كبيرة من أبناء القبيلة للنواب السابقين ( الصواغ والنملان والداهوم ) في مقاطعتهم للانتخابات، فهو بلا شك سيكون له الدور في تقليل نسبة المشاركة.
وأود أن أهمس في أذن المتحمسين للمشاركة، هل تعتقدون أن حكومة تحدد موعد الانتخابات في شهر رمضان، وهي سابقة لم تفعلها حتى الدول العربية التي تحكم بأنظمة علمانية، هل تعتقدون أن هذه حكومة تحترمكم، أو تضع لكم قيمة أو أي اعتبار؟
بل إن تأخير نشرها لمرسوم الدعوة إلى الانتخابات إلى ساعة كتابة هذا المقال يدل على التخبطات المتكررة التي تقع فيها هذه الحكومة، والتي تجعل المواطن يشك في أي إجراء تقوم فيه.
بل إنه حتى لو أجريت الانتخابات وفق المرسوم الجديد فإنني لا أستبعد أن تقرر المحكمة إبطاله، بسبب بعض الألغام القانونية التي قد يلغم فيها مرسوم الانتخابات عن دهاء وخبث، أو بسبب استشارات قانونية ودستورية أثبتت التجارب جهل أصحابها أو قلة درايتهم.
أتمنى من النواب السابقين الأفاضل ممن قرروا مقاطعة الانتخابات أن يُكثروا التواصل مع الناخبين، وأن يُطلعوهم على خطورة المشاركة في الانتخابات المقبلة على مستقبل البلد ليس في الوقت الحالي بل حتى على الأجيال القادمة، فكثير من الناس ما زالت العواطف تدفعه نحو المشاركة، لكنني على يقين بأنه إن تأمل الأمر بعين العقل فإنه سيغير قراره لا محالة.

عبدالعزيز صباح الفضلي
twitter : @abdulaziz2002