| كتب عبدالعليم الحجار |أصدرت المحكمة العليا البريطانية حكماً فاصلاً يقضي بإدانة سالي بيركاو، زوجة رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركاو، بتهمة التشهير بسمعة زميلها في حزب المحافظين، اللورد ماكالباين، وذلك لمجرد أنها بثت تغريدة تويترية قد تبدو في ظاهرها أقرب إلى المدح لكن المحكمة ارتأت أنها تنطوي في باطنها على نية مبيتة لتشويه سمعة المدعي.بداية القضية تعود إلى الثاني من شهر نوفمبر الفائت، وذلك عندما أذاع برنامج «Newsnight» على قناة «بي بي سي» تقريراً زعم عن طريق الخطأ تورط من وصفه التقرير بـ «سياسي بارز في حزب المحافظين» في فضائح جنسية ضد أطفال، لكن التقرير لم يذهب إلى حد ذكر اسم ذلك السياسي، وإن كان لم يخل من بعض التلميحات إلى هويته.وبعد مرور يومين على إذاعة ذلك التقرير - الذي أقرت «بي بي سي» بخطئه لاحقاً - بثت السيدة بيركاو تغريدة عبر حسابها التويتري، وهي التغريدة التي قالت فيها: «لماذا أصبح اسم اللورد ماكالباين يتردد على كل لسان؟» ثم أعقبت ذلك التساؤل بعبارة «innocent face» (أي «ذو وجه بريء»)، وهي العبارة ذاتها التي أوردها التقرير التلفزيوني في سياق تلميحاته إلى ذلك السياسي.وبعد انتشار تلك التغريدة سريعاً وعلى نطاق واسع كانتشار النار في الهشيم، لجأ اللورد ماكالباين إلى رفع دعوى قضائية ضد السيدة بيركاو متهماً إياها بالتشهير بسمعته ومطالباً بالتعويض عما لحق به من أضرار معنوية ونفسية جراء تغريدتها تلك.ورفض اللورد ماكالباين سحب دعواه على الرغم من أن السيدة بيركاو اعتذرت إليه علناً من خلال أربع تغريدات ومن خلال رسائل خاصة وجهتها إليه، لكنها أصرت في كل اعتذاراتها على أن تغريدتها موضع القضية لم تكن بهدف التشهير أو تلويث السمعة بل كانت من قبيل «الحماقة العابرة».وخلال جلسات نظر الدعوى، واصلت السيدة بيركاو إصرارها على انها لم تكن لديها نية متعمدة للتشهير بزميلها السياسي في حزب المحافظين، لكن المحكمة قررت في النهاية إدانتها استناداً إلى حيثيات عدة كان من بينها ما يلي:> أن كثيرين من متتبعي المتهمة عبر تويتر (والذين رددوا تغريدتها تلك) يشاركونها الاهتمام بالأحداث العامة الجارية، لذا فإنهم كانوا على علم حتماً بالتقرير الذي أذاعه برنامج «Newsnight».> أن تضمين عبارة «ذو وجه بريء» في التغريدة أشار لمتتبعيها بوضوح إلى أنها تغمز إلى اللورد ماكالباين وتسخر منه.> أن ما سبق يعني أنه من المنطقي استنتاج أن المتهمة قصدت عمداً أن توحي لمتتبعيها بأن اللورد ماكالباين «أصبح اسمه يتردد على كل لسان» لأن وصف «ذو وجه بريء» ينطبق عليه.> وبناء على ذلك، فإن تلك التغريدة تعتبر ترديداً للاتهامات الضمنية التي وجهها التقرير التلفزيوني، وهي الاتهامات المتعلقة بارتكاب اعتداءات جنسية على أطفال.> واستناداً إلى «قاعدة الترديد» المنصوص عليها في القانون، فإننا قررنا التعامل مع المتهمة (السيدة بيركاو) كما لو أنها هي التي أطلقت المزاعم الأصلية بنفسها، لكنها أضافت إلى ذلك اسم اللورد ماكالباين في تغريدتها.وعلى هذا الأساس، قررت المحكمة أن تغريدة السيدة بيركاو ترقى إلى مستوى اتهام مباشر من جانبها للورد ماكالباين بأنه تورط في ارتكاب اعتداءات جنسية ضد أطفال على النحو الذي وصفه معدو التقرير التلفزيوني، والذين أقروا بخطئهم لاحقاً واعتذروا إلى اللورد ماكالباين ودفعوا إليه تعويضاً ودياً بلغ 185 ألف جنيه استرليني.وعقب صدور حكم الإدانة، قالت السيدة بيركاو إنها تتقبله على الرغم من شعورها بالصدمة والإحباط، منوهة إلى انها كانت قد اتفقت في وقت سابق مع محامي اللورد ماكالباين على تسوية عرضوها عليها، تشمل أن تدفع تعويضاً مالياً بالتراضي إلى اللورد ماكالباين الذي كان قد طالب في دعواه القضائية بالزام المتهمة بتعويضه بمبلغ 50 ألف جنيه استرليني.