| عائشة عبد المجيد العوضي |
خلق الله تعالى الإنسان بمقدرةٍ وفطرةٍ تقبل التكيّف، إلا أن ذلك لا يكفي لحل مشكلة، أو تخطّي عقبة! المقدرات خواص داخلية تصعب ملاحظتها، وإن المهارة - وهي الأمر المكتسب - تُعَد المدعِّم للمقدرة والاستعداد، وهي ما يتفاوت به الناس عن بعضهم، تُعزى سهولة ملاحظتها إلى ارتباطها بالفعل والتطبيق، المهارة لا تنمو إلا بالمران والممارسة والأخيرتان لا تحصلان إلا بميلٍ ورغبة، وكل ما سبق ينطلق من الفِكر أولاً.
أقصد بالفكر، مجموعة الأفكار، القناعات، المبادئ، الأهداف، والرؤى، التي يؤمن بها الفرد، يدرك صحّتها، أهميتها، ولا يتنازل عنها بأي حال، من هنا تتولّد المشاعر تجاه المُعتقَد، فينتج الفعل، لذلك يُقال لا تعطيني الغداء لأنني جائع بل حدّثني عن قيمة العمل! المقصود أن خَيار الغداء محدود الفائدة، أما تغيير قناعة الفرد بأهميّة العمل وكسب الرزق وما يتبعه من ولادة شعور إيجابي تجاه العمل هو الأدْوَم.
اخترت أنْ أكتب عن التكيّف، التكيف في اللغة جاء بمعنى التغيّر، الملاءمة، التآلف، التوافق، الانسجام، والتعوّد، كلها تشير إلى حدوث حالة استنفار داخلية كسبب، وتعني من جهة أخرى (الاستقرار) كنتيجة، إن لم يأتِ التكيف باختيارٍ ومتعة تُجنى من ورائها راحة، سيأتي باستسلام واعتياد يُردي إلى التعب أو انعدام المتعة، أولاً وقبل اللهث وراء حياة خالية من النكد مليئةٌ بالسّعد فلْنتذكّر «لقد خلقنا الإنسان في كبد» لست وحدك، بل البشرية أجمع! ثانياً أعاننا خالقنا على التكيف مع الأشياء التي نكرهها بإخبارنا أنه سبحانه يعلم ما لا نعلم حين قال: «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون» فماذا نخشى بعدها؟، أن ينعقد ذلك الاعتقاد في القلب يعني تجاوُز أغلب ما يعترضنا إن لم نقل كلّه، ثالثاً يُعينك على التكيّف الصبر برضى، بل هو التكيف بعينه، رابعاً الدعاء، حسبي بذكره فإنك لا شك تُدرك أثره.
كتبت هذا المقال، ليتذكر عقلي وعقلك، لتطمئن نفسي ونفسك، ليرتاح قلبي وقلبك، كيف لا؟ وقد أوكلنا الأمر كله لله، وكفى به عليماً، رؤوفاً، رازقاً، حكيماً، مُدبرا.
 
A.alawadhi-85@hotmail.com
Twitter: @3ysha_85