| خيرالله خيرالله |
لماذا اتخذت ادارة جورج بوش الابن قرارا نفّذته قبل عشر سنوات وقضى بالتخلص من النظام العراقي بالقوة واقامة نظام جديد لم تتحدد طبيعته بعد. كلّ ما يمكن قوله عن هذا النظام الجديد انه ذو طبيعة مذهبية فاقعة تجعل منه حليفا طبيعيا للنظام القائم في ايران؟
لم يكن هناك عاقل يستطيع الدفاع عن نظام صدّام حسين، نظام المقابر الجماعية، الذي نقل العراق من حرب الى اخرى ومن كارثة الى اخرى اسوأ منها متسببا بخلل عميق على الصعيد الاقليمي. كان هناك ما يبرر الانتهاء من النظام العراقي الذي اخلّ بكل العهود التي قطعها واقدم على مغامرته المجنونة المتمثلة في مهاجمة الكويت الآمنة والسعي الى احتلالها.
ولكنّ لا بدّ بعد عشر سنوات من بدء العملية العسكرية الاميركية في العراق في مثل هذه الايّام من العام 2003، هل كان الهدف محصورا بالتخلص من النظام، ام كان هناك ما هو ابعد من ذلك بكثير؟
يبدو ان ادارة بوش الابن نسفت ارادات النظام الاقليمي من اساسه. السؤال من دفعها الى ذلك وما هي الاسباب التي استندت اليها كي تقدم على خطوة في المجهول خرج منها منتصر واحد هو النظام المذهبي القائم في ايران...اقلّه في المدى المنظور؟
الى الآن، لم يوجد من يجيب عن السؤال بوضوح. لكن عودة الى مرحلة ما قبل بداية الحملة العسكرية الاميركية في مارس 2003 تكشف ان الحليف الوحيد للولايات المتحدة بين كلّ دول المنطقة كان وقتذاك ايران. كانت ايران لاعبا اساسيا في مرحلة التحضير للحرب الاميركية بعدما وفّرت الغطاء الشيعي لمؤتمر لندن الذي انعقد في ديسمبر 2002 والذي صدر عنه بيان تحدث للمرة الاولى في تاريخ العراق الحديث عن «الاكثرية الشيعية». من دون ايران، ما كان لهذا المؤتمر ان ينعقد. فايران هي التي وفّرت المشاركة الشيعية في المؤتمر...ووفرّت لاحقا بعض التسهيلات العسكرية تحقيقا لحلم قديم ما زال يراود كلّ من يتولى السلطة في طهران.
استرضى البيان الذي صدر عن مؤتمر، اشرف عليه الاميركيون والايرانيون معا، الاكراد. اشار البيان الختامي الى «الفيديرالية» اي الى ان العراق سيكون في المستقبل دولة فيديرالية يكون فيها اقليم كردي. صار هذا الاقليم واقعا وذلك بغض النظر عن الموقف الذي يتخذه هذا الطرف او ذاك من قضية الشعب الكردي. الثابت أنّه لولا الواقع الاقليمي المتمثل في رفض الدول الفاعلة في المنطقة، على رأسها تركيا وايران، قيام دولة كردية مستقلّة لكانت هذه الدولة اعلنت رسميا منذ سنوات عدة.
لم يعد العراق الذي عرفناه قائما. لم يعد هناك من يستطيع تحديد هوية لهذا البلد الذي كان دولة مركزية، تحكم من بغداد، واحدى ركائز النظام الاقليمي الذي تبلور في مطلع العشرينات من القرن الماضي اثر انهيار الدولة العثمانية.
في انتظار معرفة كيف سيكون عليه العراق الجديد، لا بدّ من ملاحظة أنّ ما بدأ في العراق سيعمّ المنطقة. من كان يتصوّر أن العدوى العراقية ستنتقل الى سورية، حيث انهار النظام عمليا وبات الكيان السوري مهددا؟ من كان يتصوّر ان لبنان سيتحوّل محمية ايرانية وأن ايران قادرة على استبدال الحكومة فيه بمجرد ان يرفض رئيسها، وكان في السنة 2010 سعدالدين رفيق الحريري، سلسلة من المطالب قدمتها طهران؟ من كان يتصوّر كل هذا النشاط الايراني في اليمن وتجرؤ المسؤولين في طهران على الاعلان صراحة انهم يريدون مناقشة موضوع البحرين ومسائل اقليمية اخرى في سياق المفاوضات مع الدول الكبرى في شأن الرنامج النووي الايراني؟
قبل عشرين عاما، من بداية العملية العسكرية الاميركية، وفي عزّ الحرب العراقية- الايرانية، اتخذ الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران في العام 1983 قرارا في غاية الخطورة. يقضي القرار بتزويد العراق، عن طريق التأجير، طائرات «سوبر اتندار» تابعة للبحرية الفرنسية وذلك كي تستخدم في قصف موانئ النفط الايرانية. لم يكن ميتران معروفا بأنه معجب بصدّام حسين، الرئيس العراقي وقتذاك، خصوصا ان صدّام دعم خصمه جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
لم يتراجع الرئيس الفرنسي عن ارسال الطائرات ومعها صواريخ «اكزوسيت»، على الرغم من كل الانتقادات التي وجهت اليه. برر قراره، الذي اتخذ في وقت كانت القوات الايرانية بدأت تهدد الاراضي العراقية، بقوله ان الحدود العراقية- الايرانية ليست حدودا بين دولتين. اضاف ان عمر هذه الحدود مئات السنين وهي حدود بين «حضارتين عظيمتين» (الحضارة العربية والحضارة الفارسية) واي انهيار لهذه الحدود سيؤدي الى انهيار للتوازن الاقليمي القائم.
كان ميتران على حقّ. فالرجل كان يعرف المنطقة جيدا وكان يدرك تماما ما الذي سيترتب على انتصار ايران في حربها مع العراق. وقد لعبت صواريخ «اكزوسيت» التي كانت تطلق من طائرات «سوبر اتندار» دورا في كبح الطموحات الايرانية، خصوصا انها مكنت العراقيين من تعطيل تصدير النفط الايراني. وهو امر اثّر على قدرة ايران على متابعة الحرب بعدما حرمها من قسم لا بأس به من عائدات النفط.
ما اسفرت عنه الحرب الاميركية على العراق في 2003 هو انهيار للتوازن الاقليمي وبروز عنصر جديد هو الصدام السنّي- الشيعي في كلّ الاقليم. لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى. بالكاد هناك من يسمع الآن بالقضية على الرغم من أنّ ايجاد تسوية معقولة ومقبولة لها سيساهم في دعم الاستقرار الاقليمي في المدى الطويل.
في ضوء ما شهده العراق وخروج الغرائز المذهبية من عقالها، على نحو لا مثيل له، تبيّن ان الشرق الاوسط كلّه دخل مرحلة جديدة مختلفة كلّيا. كذلك تبيّن انه سيكون من الصعب التكهن بما سيكون عليه مستقبل دول المنطقة. الم يقل الجنرال كولن باول وزير الخارجية الاميركية في مرحلة التمهيد للحملة العسكرية الاميركية ان الولايات المتحدة تسعى الى «اعادة تشكيل المنطقة».
الهدف الوحيد الذي حققه الاميركيون هو اعادة تشكيل المنطقة. دخل الشرق الاوسط في مرحلة مخاض معروف انها بدأت من العراق ولكن ليس معروفا اين ستنتهي. الثابت ان الاصرار الاميركي على المغامرة العراقية لا يزال لغزا، خصوصا انه جاء بعد الحملة العسكرية التي شنت على افغانستان في اعقاب «غزوتي واشنطن ونيويورك» يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001. لم يتمكن الاميركيون وغيرهم من ايجاد رابط بين نظام صدّام حسين العائلي- البعثي و«القاعدة».
على الرغم من ذلك، كان هناك تصميم لدى رجال معينين في الادارة الاميركية على الربط بين العراق من جهة والحرب على الارهاب من جهة اخرى. على رأس هؤلاء كان بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الذي دعا مباشرة بعد الهجوم الارهابي على واشنطن ونيويورك الى الردّ في العراق. ففي اجتماع لكبار المسؤولين الاميركيين في كامب ديفيد تحدّث ولفويتز عن ضرورة ان يكون الردّ في العراق. وجاء في محضر للاجتماع نشرته مجلة «فانيتي فير» في تحقيق طويل لها عن الاجتماع ان كولين باول ردّ على نائب وزير الدفاع مؤكدا ان لا علاقة بين بغداد واسامة بن لادن.
اعتبر كثيرون أنّ الادارة الاميركية طوت صفحة الهجوم على العراق. ولكن عندما سئل ولفويتز لاحقا عن السبب الذي دفعه الى طلب الردّ على «القاعدة» في العراق، اكتفى بالإجابة: «زرعت البذرة».
بعد اقلّ من عامين من «غزوتي واشنطن ونيويورك» تبيّن ان ما زرعه نائب وزير الدفاع الاميركي، وقتذاك، وهو معروف بأنه من المحافظين الجدد الذين يؤيدون اليمين الاسرائيلي على نحو اعمى، بل يزايدون عليه، قد اينع.
يمكن للجواب المقتضب لنائب وزير الدفاع الاميركي الاجابة عن جانب من السؤال المتعلق بالاسباب التي دفعت الاميركيين الى دخول بغداد. فالواضح ان المطلوب فعلا اعادة تشكيل المنطقة واعادة رسم حدود دولها.
الثابت انه كلّما مرّ يوم، يتأكد ان الزلزال العراقي لا يزال في بدايته وأنّ الاولويات العربية صارت مختلفة. ما حدث في العراق كان حدثا اقليميا اهم بكثير من قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين في العام 1948. فعلى الرغم من كل النكسات والهزائم، استطاع العرب استيعاب الخطر الاسرائيلي. الى الآن، فشلوا الى حد كبير في احتواء النتائج المترتبة على انهيار العراق وتغيير طبيعته. كلّ ما يمكن قوله اننا ما زلنا في بداية البدايات في هذا الشرق الاوسط الجديد.
لماذا اتخذت ادارة جورج بوش الابن قرارا نفّذته قبل عشر سنوات وقضى بالتخلص من النظام العراقي بالقوة واقامة نظام جديد لم تتحدد طبيعته بعد. كلّ ما يمكن قوله عن هذا النظام الجديد انه ذو طبيعة مذهبية فاقعة تجعل منه حليفا طبيعيا للنظام القائم في ايران؟
لم يكن هناك عاقل يستطيع الدفاع عن نظام صدّام حسين، نظام المقابر الجماعية، الذي نقل العراق من حرب الى اخرى ومن كارثة الى اخرى اسوأ منها متسببا بخلل عميق على الصعيد الاقليمي. كان هناك ما يبرر الانتهاء من النظام العراقي الذي اخلّ بكل العهود التي قطعها واقدم على مغامرته المجنونة المتمثلة في مهاجمة الكويت الآمنة والسعي الى احتلالها.
ولكنّ لا بدّ بعد عشر سنوات من بدء العملية العسكرية الاميركية في العراق في مثل هذه الايّام من العام 2003، هل كان الهدف محصورا بالتخلص من النظام، ام كان هناك ما هو ابعد من ذلك بكثير؟
يبدو ان ادارة بوش الابن نسفت ارادات النظام الاقليمي من اساسه. السؤال من دفعها الى ذلك وما هي الاسباب التي استندت اليها كي تقدم على خطوة في المجهول خرج منها منتصر واحد هو النظام المذهبي القائم في ايران...اقلّه في المدى المنظور؟
الى الآن، لم يوجد من يجيب عن السؤال بوضوح. لكن عودة الى مرحلة ما قبل بداية الحملة العسكرية الاميركية في مارس 2003 تكشف ان الحليف الوحيد للولايات المتحدة بين كلّ دول المنطقة كان وقتذاك ايران. كانت ايران لاعبا اساسيا في مرحلة التحضير للحرب الاميركية بعدما وفّرت الغطاء الشيعي لمؤتمر لندن الذي انعقد في ديسمبر 2002 والذي صدر عنه بيان تحدث للمرة الاولى في تاريخ العراق الحديث عن «الاكثرية الشيعية». من دون ايران، ما كان لهذا المؤتمر ان ينعقد. فايران هي التي وفّرت المشاركة الشيعية في المؤتمر...ووفرّت لاحقا بعض التسهيلات العسكرية تحقيقا لحلم قديم ما زال يراود كلّ من يتولى السلطة في طهران.
استرضى البيان الذي صدر عن مؤتمر، اشرف عليه الاميركيون والايرانيون معا، الاكراد. اشار البيان الختامي الى «الفيديرالية» اي الى ان العراق سيكون في المستقبل دولة فيديرالية يكون فيها اقليم كردي. صار هذا الاقليم واقعا وذلك بغض النظر عن الموقف الذي يتخذه هذا الطرف او ذاك من قضية الشعب الكردي. الثابت أنّه لولا الواقع الاقليمي المتمثل في رفض الدول الفاعلة في المنطقة، على رأسها تركيا وايران، قيام دولة كردية مستقلّة لكانت هذه الدولة اعلنت رسميا منذ سنوات عدة.
لم يعد العراق الذي عرفناه قائما. لم يعد هناك من يستطيع تحديد هوية لهذا البلد الذي كان دولة مركزية، تحكم من بغداد، واحدى ركائز النظام الاقليمي الذي تبلور في مطلع العشرينات من القرن الماضي اثر انهيار الدولة العثمانية.
في انتظار معرفة كيف سيكون عليه العراق الجديد، لا بدّ من ملاحظة أنّ ما بدأ في العراق سيعمّ المنطقة. من كان يتصوّر أن العدوى العراقية ستنتقل الى سورية، حيث انهار النظام عمليا وبات الكيان السوري مهددا؟ من كان يتصوّر ان لبنان سيتحوّل محمية ايرانية وأن ايران قادرة على استبدال الحكومة فيه بمجرد ان يرفض رئيسها، وكان في السنة 2010 سعدالدين رفيق الحريري، سلسلة من المطالب قدمتها طهران؟ من كان يتصوّر كل هذا النشاط الايراني في اليمن وتجرؤ المسؤولين في طهران على الاعلان صراحة انهم يريدون مناقشة موضوع البحرين ومسائل اقليمية اخرى في سياق المفاوضات مع الدول الكبرى في شأن الرنامج النووي الايراني؟
قبل عشرين عاما، من بداية العملية العسكرية الاميركية، وفي عزّ الحرب العراقية- الايرانية، اتخذ الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران في العام 1983 قرارا في غاية الخطورة. يقضي القرار بتزويد العراق، عن طريق التأجير، طائرات «سوبر اتندار» تابعة للبحرية الفرنسية وذلك كي تستخدم في قصف موانئ النفط الايرانية. لم يكن ميتران معروفا بأنه معجب بصدّام حسين، الرئيس العراقي وقتذاك، خصوصا ان صدّام دعم خصمه جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
لم يتراجع الرئيس الفرنسي عن ارسال الطائرات ومعها صواريخ «اكزوسيت»، على الرغم من كل الانتقادات التي وجهت اليه. برر قراره، الذي اتخذ في وقت كانت القوات الايرانية بدأت تهدد الاراضي العراقية، بقوله ان الحدود العراقية- الايرانية ليست حدودا بين دولتين. اضاف ان عمر هذه الحدود مئات السنين وهي حدود بين «حضارتين عظيمتين» (الحضارة العربية والحضارة الفارسية) واي انهيار لهذه الحدود سيؤدي الى انهيار للتوازن الاقليمي القائم.
كان ميتران على حقّ. فالرجل كان يعرف المنطقة جيدا وكان يدرك تماما ما الذي سيترتب على انتصار ايران في حربها مع العراق. وقد لعبت صواريخ «اكزوسيت» التي كانت تطلق من طائرات «سوبر اتندار» دورا في كبح الطموحات الايرانية، خصوصا انها مكنت العراقيين من تعطيل تصدير النفط الايراني. وهو امر اثّر على قدرة ايران على متابعة الحرب بعدما حرمها من قسم لا بأس به من عائدات النفط.
ما اسفرت عنه الحرب الاميركية على العراق في 2003 هو انهيار للتوازن الاقليمي وبروز عنصر جديد هو الصدام السنّي- الشيعي في كلّ الاقليم. لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى. بالكاد هناك من يسمع الآن بالقضية على الرغم من أنّ ايجاد تسوية معقولة ومقبولة لها سيساهم في دعم الاستقرار الاقليمي في المدى الطويل.
في ضوء ما شهده العراق وخروج الغرائز المذهبية من عقالها، على نحو لا مثيل له، تبيّن ان الشرق الاوسط كلّه دخل مرحلة جديدة مختلفة كلّيا. كذلك تبيّن انه سيكون من الصعب التكهن بما سيكون عليه مستقبل دول المنطقة. الم يقل الجنرال كولن باول وزير الخارجية الاميركية في مرحلة التمهيد للحملة العسكرية الاميركية ان الولايات المتحدة تسعى الى «اعادة تشكيل المنطقة».
الهدف الوحيد الذي حققه الاميركيون هو اعادة تشكيل المنطقة. دخل الشرق الاوسط في مرحلة مخاض معروف انها بدأت من العراق ولكن ليس معروفا اين ستنتهي. الثابت ان الاصرار الاميركي على المغامرة العراقية لا يزال لغزا، خصوصا انه جاء بعد الحملة العسكرية التي شنت على افغانستان في اعقاب «غزوتي واشنطن ونيويورك» يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001. لم يتمكن الاميركيون وغيرهم من ايجاد رابط بين نظام صدّام حسين العائلي- البعثي و«القاعدة».
على الرغم من ذلك، كان هناك تصميم لدى رجال معينين في الادارة الاميركية على الربط بين العراق من جهة والحرب على الارهاب من جهة اخرى. على رأس هؤلاء كان بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الذي دعا مباشرة بعد الهجوم الارهابي على واشنطن ونيويورك الى الردّ في العراق. ففي اجتماع لكبار المسؤولين الاميركيين في كامب ديفيد تحدّث ولفويتز عن ضرورة ان يكون الردّ في العراق. وجاء في محضر للاجتماع نشرته مجلة «فانيتي فير» في تحقيق طويل لها عن الاجتماع ان كولين باول ردّ على نائب وزير الدفاع مؤكدا ان لا علاقة بين بغداد واسامة بن لادن.
اعتبر كثيرون أنّ الادارة الاميركية طوت صفحة الهجوم على العراق. ولكن عندما سئل ولفويتز لاحقا عن السبب الذي دفعه الى طلب الردّ على «القاعدة» في العراق، اكتفى بالإجابة: «زرعت البذرة».
بعد اقلّ من عامين من «غزوتي واشنطن ونيويورك» تبيّن ان ما زرعه نائب وزير الدفاع الاميركي، وقتذاك، وهو معروف بأنه من المحافظين الجدد الذين يؤيدون اليمين الاسرائيلي على نحو اعمى، بل يزايدون عليه، قد اينع.
يمكن للجواب المقتضب لنائب وزير الدفاع الاميركي الاجابة عن جانب من السؤال المتعلق بالاسباب التي دفعت الاميركيين الى دخول بغداد. فالواضح ان المطلوب فعلا اعادة تشكيل المنطقة واعادة رسم حدود دولها.
الثابت انه كلّما مرّ يوم، يتأكد ان الزلزال العراقي لا يزال في بدايته وأنّ الاولويات العربية صارت مختلفة. ما حدث في العراق كان حدثا اقليميا اهم بكثير من قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين في العام 1948. فعلى الرغم من كل النكسات والهزائم، استطاع العرب استيعاب الخطر الاسرائيلي. الى الآن، فشلوا الى حد كبير في احتواء النتائج المترتبة على انهيار العراق وتغيير طبيعته. كلّ ما يمكن قوله اننا ما زلنا في بداية البدايات في هذا الشرق الاوسط الجديد.