| د. يعقوب أحمد الشراح |
من المعلوم أن ارتفاع الإنفاق على التعليم من مؤشرات العناية والاهتمام بالتعليم، والسعي لتحقيق تنمية بشرية مناسبة لسوق العمل والإنتاج، وخاصة التنمية الاقتصادية... والناس تنظر إلى التعليم على أنه مزيج من الاستهلاك والادخار، فالناس تتعلم من أجل أن تكسب الخبرات والمعارف وتحصل في النهاية على عوائد مالية متمثلة في الأجر، فضلاً عن الخبرات وتحسين مستوى المعيشة، فكلما زاد تعليم الفرد كلما ارتفع أجره عند انخراطه في الوظيفة، وأيضاً كلما توجه إلى تعلم العلوم التطبيقية كلما زادت عوائده من هذه المهنة باعتبار أنها مهنة نادرة ومطلوبة لعصر يتسم بالصناعة والتقنية.
اليابان من أكثر دول العالم تقدماً في التعليم لإيمانها بأن اقتصادات الدولة لا تنمو وتزدهر من دون العناية بالعنصر البشري، وخاصة إعداده وتدريبه على المستجدات في ميادين العلوم الصناعية والعلمية والمعلوماتية والتي تركز عليها اليابان وتطبقها جيداً بمراجعة وتطوير مناهج التعليم كل خمس سنوات وبشكل إجباري... واليابان مثل غيرها من الدول الأوروبية وأميركا تدرك أهمية الإنفاق على التعليم الذي يتوافق مع متطلبات العصر الحديث، وتستثمر مردوداته في التنمية البشرية أكثر مما تنفق على التعليم، وليس العكس.
ومع أن حجم الإنفاق على التعليم في الدول يتباين كثيراً، ففي حين يزداد الإنفاق في الدول الأوروبية بارتفاع جودته نلاحظ تدني ذلك في الدول النامية التي ترتفع لديها معدلات النمو السكاني، ويشكل الشباب غالبية سكانه، ومع ذلك تظل نظرية ارتباط مستوى التعليم وحسن جودته بالتناسب مع الإنفاق العالي من وجهة النظر الاقتصادية ليست بالضرورة قاعدة يحتذى بها في كل الأوقات والظروف. هناك أنظمة تعليمية كثيرة ترتفع لديها كلفة تعليم الطالب في وجود تدنٍ لمستوى التعليم، أو إنفاق لا يتفق مع كفاءة مخرجات التعليم، ما يعني أن الإنفاق على التعليم لا بد أن تصاحبه سياسات تهدف إلى التوافق بين المخرجات والإنفاق في إطار الترشيد، وليس هدر المال العام...
هذا الواقع تسهل ملاحظته ونحن نعاني مخرجات رديئة مع إنفاق كبير على التعليم، فأين تذهب الأموال؟ فقد زاد نصيب قطاع التعليم في الموازنة العامة للدولة وعلى مدى عشر سنوات الأخيرة بنسبة (22 في المئة) سنوياً من عام (2000) حتى (2010)، ومع ذلك ما زال طلبتنا يحصدون مراكز متأخرة في التعليم بشكل عام وفي مواد مثل الرياضيات والعلوم. هناك بلا شك اختلال واضح بين التعليم والإنفاق، فما أسباب العلاقة العكسية بين الإنفاق وارتفاع كلفة الطالب ودالة مخرجاته السيئة؟ الدراسات الاقتصادية عن التعليم في العالم العربي تكشف أن الكويت من أكثر الدول في المنطقة تنفق على التعليم، وأن كلفة الطالب مرتفعة بين أنظمة التعليم في المنطقة. فالتقديرات تشير أن هذه الكلفة مستمرة في الارتفاع بينما جهاز التخطيط التربوي والمالي المعني بدراسة الحالة غير مقتدر على حل المشكلة رغم تزايد الهدر واستمراريته سنة بعد سنة...
إن التحدي الكبير الذي يواجه نظامنا التعليمي هو العمل على كيفية خفض الإنفاق على التعليم، وفي الوقت نفسه رفع كفاءته ومستواه، وهذا بطبيعة الحال لا يعني مجرد العمل على خفض الإنفاق من دون دراسة، فالغاية أن يكون هذا الإنفاق متوازياً مع احتياجات التعليم الفعلية، وخاصة التركيز على رفع كفاءته وجودته، وليس مجرد تغطية احتياجات الكمية... الكثير من الهدر في المال على التعليم مشخّص ويتمثل في أمور كثيرة مثل التسرب والرسوب، والإنفاق على التجهيزات ولوازم التدريس والمرافق التي لايستفاد منها على النحو الصحيح...
yaqub44@hotmail.com
من المعلوم أن ارتفاع الإنفاق على التعليم من مؤشرات العناية والاهتمام بالتعليم، والسعي لتحقيق تنمية بشرية مناسبة لسوق العمل والإنتاج، وخاصة التنمية الاقتصادية... والناس تنظر إلى التعليم على أنه مزيج من الاستهلاك والادخار، فالناس تتعلم من أجل أن تكسب الخبرات والمعارف وتحصل في النهاية على عوائد مالية متمثلة في الأجر، فضلاً عن الخبرات وتحسين مستوى المعيشة، فكلما زاد تعليم الفرد كلما ارتفع أجره عند انخراطه في الوظيفة، وأيضاً كلما توجه إلى تعلم العلوم التطبيقية كلما زادت عوائده من هذه المهنة باعتبار أنها مهنة نادرة ومطلوبة لعصر يتسم بالصناعة والتقنية.
اليابان من أكثر دول العالم تقدماً في التعليم لإيمانها بأن اقتصادات الدولة لا تنمو وتزدهر من دون العناية بالعنصر البشري، وخاصة إعداده وتدريبه على المستجدات في ميادين العلوم الصناعية والعلمية والمعلوماتية والتي تركز عليها اليابان وتطبقها جيداً بمراجعة وتطوير مناهج التعليم كل خمس سنوات وبشكل إجباري... واليابان مثل غيرها من الدول الأوروبية وأميركا تدرك أهمية الإنفاق على التعليم الذي يتوافق مع متطلبات العصر الحديث، وتستثمر مردوداته في التنمية البشرية أكثر مما تنفق على التعليم، وليس العكس.
ومع أن حجم الإنفاق على التعليم في الدول يتباين كثيراً، ففي حين يزداد الإنفاق في الدول الأوروبية بارتفاع جودته نلاحظ تدني ذلك في الدول النامية التي ترتفع لديها معدلات النمو السكاني، ويشكل الشباب غالبية سكانه، ومع ذلك تظل نظرية ارتباط مستوى التعليم وحسن جودته بالتناسب مع الإنفاق العالي من وجهة النظر الاقتصادية ليست بالضرورة قاعدة يحتذى بها في كل الأوقات والظروف. هناك أنظمة تعليمية كثيرة ترتفع لديها كلفة تعليم الطالب في وجود تدنٍ لمستوى التعليم، أو إنفاق لا يتفق مع كفاءة مخرجات التعليم، ما يعني أن الإنفاق على التعليم لا بد أن تصاحبه سياسات تهدف إلى التوافق بين المخرجات والإنفاق في إطار الترشيد، وليس هدر المال العام...
هذا الواقع تسهل ملاحظته ونحن نعاني مخرجات رديئة مع إنفاق كبير على التعليم، فأين تذهب الأموال؟ فقد زاد نصيب قطاع التعليم في الموازنة العامة للدولة وعلى مدى عشر سنوات الأخيرة بنسبة (22 في المئة) سنوياً من عام (2000) حتى (2010)، ومع ذلك ما زال طلبتنا يحصدون مراكز متأخرة في التعليم بشكل عام وفي مواد مثل الرياضيات والعلوم. هناك بلا شك اختلال واضح بين التعليم والإنفاق، فما أسباب العلاقة العكسية بين الإنفاق وارتفاع كلفة الطالب ودالة مخرجاته السيئة؟ الدراسات الاقتصادية عن التعليم في العالم العربي تكشف أن الكويت من أكثر الدول في المنطقة تنفق على التعليم، وأن كلفة الطالب مرتفعة بين أنظمة التعليم في المنطقة. فالتقديرات تشير أن هذه الكلفة مستمرة في الارتفاع بينما جهاز التخطيط التربوي والمالي المعني بدراسة الحالة غير مقتدر على حل المشكلة رغم تزايد الهدر واستمراريته سنة بعد سنة...
إن التحدي الكبير الذي يواجه نظامنا التعليمي هو العمل على كيفية خفض الإنفاق على التعليم، وفي الوقت نفسه رفع كفاءته ومستواه، وهذا بطبيعة الحال لا يعني مجرد العمل على خفض الإنفاق من دون دراسة، فالغاية أن يكون هذا الإنفاق متوازياً مع احتياجات التعليم الفعلية، وخاصة التركيز على رفع كفاءته وجودته، وليس مجرد تغطية احتياجات الكمية... الكثير من الهدر في المال على التعليم مشخّص ويتمثل في أمور كثيرة مثل التسرب والرسوب، والإنفاق على التجهيزات ولوازم التدريس والمرافق التي لايستفاد منها على النحو الصحيح...
yaqub44@hotmail.com