| عبدالعزيز صباح الفضلي |
من جميل الخصال أن يكرم الإنسان نفسه عن مذلة سؤال الناس، ولذلك كان من أعظم الوصايا في ديننا أن يترفع المرء عن الطلب من الناس مساعدته في ما يستطيع أن ينجزه بنفسه.
لقد أوصى جبريل عليه السلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقال ( واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزّه استغناؤه عن الناس.
وقد بايع الصحابة رسولنا الكريم على ألا يسألوا الناس شيئا، فكان أحدهم يسقط سوطه على الأرض وهو على ظهر الدابة، فيُنيخ ناقته ويأخذ سوطه.
مواقف عديدة في حياتنا تجعلنا نستغرب من تساهل الناس في إراقة ماء الوجه طمعا في ما عند الآخرين، أو من أجل مساعدتهم في أمور سهلة بل وأحيانا تكون تافهة.
أتعجب من البعض في وقوفه طوابير عند أبواب لجان الزكاة من أجل أخذ الزكاة أو الصدقات بينما لو كشفت في حساباته لكان هو ممن يجب عليه إخراج الزكاة، وأود أن أُذكر هؤلاء بأن عاقبة من سأل الناس تكثُّرا أنه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم، لأنه أراق ماء وجهه بسؤاله الناس.
وتستغرب من إنسان يستطيع أن ينجز معاملته بسهولة إلا أنه يبحث عن الوساطات العديدة كي ينجزوها نيابة عنه أو يقدموه على غيره من المراجعين هروبا من طابور الانتظار.
وتكمن خطورة التطلع لما في أيدي الناس عندما تصيب الكاتب والإعلامي، فبدلا من أن يكون حرا في إيصال رسالته وأفكاره التي يؤمن بها، فإنه يتحول إلى بوق لأحد المتنفذين، فيصبح كالناطق باسمه مع اختلاف الصورة.
وكم هو قبيح أن يتحول السياسي المعارض بعد وصوله للبرلمان، وهو الذي اختاره الناس ليكون ممثلا عنهم والمطالب بحقوقهم، فيغير جلده ويصبح حكوميا أو أداة بيد شيخ أو تاجر، وتصبح مطالبته ودفاعه لمن يدفع أكثر، وما قضية التحويلات المليونية عنا ببعيدة.
والأمر يصبح أكثر إيلاما وإزعاجا وحسرة عندما يبيع العالم أو الداعية مبادئه من أجل إرضاء حاكم أو سلطان، فيقلب الحق باطلا، والباطل حقاً، ويصبح هو المدافع الأول عن أخطاء الحكومة وللأسف باسم الدين، ويصبح مُأثِّما لكل دعوة إلى الإصلاح ويصبغها بصبغة البغي والخروج على الحاكم ومخالفة الكتاب والسنة.
عندما أقرأ قصص عزّة العلماء وأنفتهم وترفّعهم، ثم أتأمل بأحوال البعض من العلماء والدعاة في عالمنا العربي ومو يدافعون وينافحون عن المتسلطين والظالمين أتذكر الحديث الشريف ( يبيع دينه بعرض من الدنيا).
وإلى أمثال هؤلاء أهدي هذا الموقف :
قدم إبراهيم باشا الشام - وهو ابن محمد علي حاكم مصر - فدخل المسجد الأموي، وكان الشيخ سعيد الحلبي يلقي فيه درسا وكان مادّا لرجليه، فلما دخل إبراهيم باشا لم يكف الشيخ قدميه ولم يغير جلسته، فغضب الباشا وخرج من المسجد مغتاظا، ثم أرسل بألف ليرة ذهبية للشيخ، يريد بها شراء ولائه ومن ثم إذلاله، فجاء الوزير بالمال وأعطاه للشيخ وهو في درسه بالمسجد وقال: هذه من الباشا لتستعين بها على أمرك، فابتسم الشيخ ساخرا وقال للوزير: قل للباشا: إن الذي يمد رجليه لا يمد يديه. إن الإنسان يعيش حرا ما دام مستغنيا عن الآخرين ومتى ما مد يده لهم صار من عبيدهم، وقديما قيل:
استغنِ عمن شئت تكن نظيره، و أحتج إلى من شئت تكن أسيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره.
Twitter : abdulaziz2002
من جميل الخصال أن يكرم الإنسان نفسه عن مذلة سؤال الناس، ولذلك كان من أعظم الوصايا في ديننا أن يترفع المرء عن الطلب من الناس مساعدته في ما يستطيع أن ينجزه بنفسه.
لقد أوصى جبريل عليه السلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقال ( واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزّه استغناؤه عن الناس.
وقد بايع الصحابة رسولنا الكريم على ألا يسألوا الناس شيئا، فكان أحدهم يسقط سوطه على الأرض وهو على ظهر الدابة، فيُنيخ ناقته ويأخذ سوطه.
مواقف عديدة في حياتنا تجعلنا نستغرب من تساهل الناس في إراقة ماء الوجه طمعا في ما عند الآخرين، أو من أجل مساعدتهم في أمور سهلة بل وأحيانا تكون تافهة.
أتعجب من البعض في وقوفه طوابير عند أبواب لجان الزكاة من أجل أخذ الزكاة أو الصدقات بينما لو كشفت في حساباته لكان هو ممن يجب عليه إخراج الزكاة، وأود أن أُذكر هؤلاء بأن عاقبة من سأل الناس تكثُّرا أنه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم، لأنه أراق ماء وجهه بسؤاله الناس.
وتستغرب من إنسان يستطيع أن ينجز معاملته بسهولة إلا أنه يبحث عن الوساطات العديدة كي ينجزوها نيابة عنه أو يقدموه على غيره من المراجعين هروبا من طابور الانتظار.
وتكمن خطورة التطلع لما في أيدي الناس عندما تصيب الكاتب والإعلامي، فبدلا من أن يكون حرا في إيصال رسالته وأفكاره التي يؤمن بها، فإنه يتحول إلى بوق لأحد المتنفذين، فيصبح كالناطق باسمه مع اختلاف الصورة.
وكم هو قبيح أن يتحول السياسي المعارض بعد وصوله للبرلمان، وهو الذي اختاره الناس ليكون ممثلا عنهم والمطالب بحقوقهم، فيغير جلده ويصبح حكوميا أو أداة بيد شيخ أو تاجر، وتصبح مطالبته ودفاعه لمن يدفع أكثر، وما قضية التحويلات المليونية عنا ببعيدة.
والأمر يصبح أكثر إيلاما وإزعاجا وحسرة عندما يبيع العالم أو الداعية مبادئه من أجل إرضاء حاكم أو سلطان، فيقلب الحق باطلا، والباطل حقاً، ويصبح هو المدافع الأول عن أخطاء الحكومة وللأسف باسم الدين، ويصبح مُأثِّما لكل دعوة إلى الإصلاح ويصبغها بصبغة البغي والخروج على الحاكم ومخالفة الكتاب والسنة.
عندما أقرأ قصص عزّة العلماء وأنفتهم وترفّعهم، ثم أتأمل بأحوال البعض من العلماء والدعاة في عالمنا العربي ومو يدافعون وينافحون عن المتسلطين والظالمين أتذكر الحديث الشريف ( يبيع دينه بعرض من الدنيا).
وإلى أمثال هؤلاء أهدي هذا الموقف :
قدم إبراهيم باشا الشام - وهو ابن محمد علي حاكم مصر - فدخل المسجد الأموي، وكان الشيخ سعيد الحلبي يلقي فيه درسا وكان مادّا لرجليه، فلما دخل إبراهيم باشا لم يكف الشيخ قدميه ولم يغير جلسته، فغضب الباشا وخرج من المسجد مغتاظا، ثم أرسل بألف ليرة ذهبية للشيخ، يريد بها شراء ولائه ومن ثم إذلاله، فجاء الوزير بالمال وأعطاه للشيخ وهو في درسه بالمسجد وقال: هذه من الباشا لتستعين بها على أمرك، فابتسم الشيخ ساخرا وقال للوزير: قل للباشا: إن الذي يمد رجليه لا يمد يديه. إن الإنسان يعيش حرا ما دام مستغنيا عن الآخرين ومتى ما مد يده لهم صار من عبيدهم، وقديما قيل:
استغنِ عمن شئت تكن نظيره، و أحتج إلى من شئت تكن أسيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره.
Twitter : abdulaziz2002