| فهد توفيق الهندال |
تشهد الساحة الثقافية ولادة الكثير من الجوائز الجديدة التي تدخل الوسط بزخم إعلامي كبير إما بفضل الجهة الراعية إن كانت من المؤسسات الكبرى المهتمة بالشأن الثقافي على مختلف المستويات، أو جائزتها المالية التي تعوّض قيمتها الكبرى أي حضور متواضع في النشاط والحراك الفعلي للثقافة والإبداع!
وربما فكرة الجوائز الثقافية الحديثة ولدت من رحم فكرة التشجيع وخلق جو من التنافس بين أبناء الثقافة الواحدة على التفنن في عملية الإبداع والابتكار بما يجدد روح الفن الواعي في الجميع، ولعل اطلالة بسيطة على تاريخ الثقافة العربية سنجد أن للجوائز مكانتها الراقية عندما تبتعد عن جو المشاحنة والمصالح والغيرة المدمرة لأي أمل جديد في التغيير والتطوير على مستوى الفكر الإنساني.
ولكن... هل بعض الجوائز الحالية ذات المرجعية الغربية في أصلها والمستنسخة عربيا بريئة من ذلك الصراع الخفي؟
كنا نقرأ أن ثمة جهات مشبوهة تموّل وتتحكم بمعايير التقييم لبعضها، بما يناسب توجهاتها أو مسار أجندتها، وهو ما يجعل الكثيرين يترددون في المشاركة شخصيا في مثل هذه الجوائـز لضبابية التمويل والدعم والرسالة ومنظورها المختبئ، لكي لا يحسب عليها أو تحسب عليه. لهذا، توجه البعض للجوائز الشخصية التي لها نصيب كبير من التاريخ ثقافي والأدبي، فيكون مجرد المشاركة فيها نوعا من الشرف، فما بالك لو كان فوزا بجائزتها؟ إلا أنه لا يمكن اغفال أن المحسوبية تلعب دورا أيضا في بعضها، أو أنها تأتي وفق هوى صاحبها، كما إحدى الجوائز الأدبية التي قدمها صاحبها باسمه، وهو شخصية أدبية غنية في مجالها، فمنحها لنفسه في دورتها الأولى!
إضافة لذلك، تكرار أسماء المحكمين بين لجان مسابقات وجوائز مختلفة يثير التساؤل والاستغراب، وربما الظنون بوجود منافع متبادلة هنا وهناك. وأيضا المعايير غير المعلنة في عملية التقييم والفرز للأعمال، وما هو المنظور النقدي القائم على هوية اللجنة المحكمة وما هي رؤيتها في دورتها الجديدة؟
أسئلة كثيرة، تتكرر مع هاجس الجوائز الثقافية خاصة الادبية وما هي الفائدة المرجوة من فوز هذا الكاتب أو الكتاب سوى الأرباح الهائلة التي يجنيها في النهاية الناشر والبائع على حساب الطبعات المتلاحقة!
لدى فوزه بجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية في دورتها الأخيرة عن روايته (بيت الديب) ألقى الروائي عزت القمحاوي كلمة شن فيها هجوماً لاذعا عمل لجان التحكيم، موضحا أن دورها يجب ألا تقتصر مسؤوليته على فحص ما يقدم إليها فقط، فهناك العديد من الكتاب لا يتقدمون إلى الجوائز بأنفسهم ووجود جهات كالناشر - تملك حق الترشيح عنهم لا يقدم ضمانة على أن ما يعرض على اللجنة هو كل ما يستحق النظر خلال عام واحد!
فاصلة أخيرة
الجوائز الثقافية كما أن منها ما هو نصيب لمثقفين محسوبين على السلطة، فأيضا منها نصيب لمن هم معارضوها، ليبقى المحكم هنا الفائز في قناعته بصدق إيمانه وآرائه وقضاياه التي يناضل من أجلها ويراها جائزته الحقيقية، ولا يستبدلها أخرى أقل منها!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
Kwt1972@gmail.com
تشهد الساحة الثقافية ولادة الكثير من الجوائز الجديدة التي تدخل الوسط بزخم إعلامي كبير إما بفضل الجهة الراعية إن كانت من المؤسسات الكبرى المهتمة بالشأن الثقافي على مختلف المستويات، أو جائزتها المالية التي تعوّض قيمتها الكبرى أي حضور متواضع في النشاط والحراك الفعلي للثقافة والإبداع!
وربما فكرة الجوائز الثقافية الحديثة ولدت من رحم فكرة التشجيع وخلق جو من التنافس بين أبناء الثقافة الواحدة على التفنن في عملية الإبداع والابتكار بما يجدد روح الفن الواعي في الجميع، ولعل اطلالة بسيطة على تاريخ الثقافة العربية سنجد أن للجوائز مكانتها الراقية عندما تبتعد عن جو المشاحنة والمصالح والغيرة المدمرة لأي أمل جديد في التغيير والتطوير على مستوى الفكر الإنساني.
ولكن... هل بعض الجوائز الحالية ذات المرجعية الغربية في أصلها والمستنسخة عربيا بريئة من ذلك الصراع الخفي؟
كنا نقرأ أن ثمة جهات مشبوهة تموّل وتتحكم بمعايير التقييم لبعضها، بما يناسب توجهاتها أو مسار أجندتها، وهو ما يجعل الكثيرين يترددون في المشاركة شخصيا في مثل هذه الجوائـز لضبابية التمويل والدعم والرسالة ومنظورها المختبئ، لكي لا يحسب عليها أو تحسب عليه. لهذا، توجه البعض للجوائز الشخصية التي لها نصيب كبير من التاريخ ثقافي والأدبي، فيكون مجرد المشاركة فيها نوعا من الشرف، فما بالك لو كان فوزا بجائزتها؟ إلا أنه لا يمكن اغفال أن المحسوبية تلعب دورا أيضا في بعضها، أو أنها تأتي وفق هوى صاحبها، كما إحدى الجوائز الأدبية التي قدمها صاحبها باسمه، وهو شخصية أدبية غنية في مجالها، فمنحها لنفسه في دورتها الأولى!
إضافة لذلك، تكرار أسماء المحكمين بين لجان مسابقات وجوائز مختلفة يثير التساؤل والاستغراب، وربما الظنون بوجود منافع متبادلة هنا وهناك. وأيضا المعايير غير المعلنة في عملية التقييم والفرز للأعمال، وما هو المنظور النقدي القائم على هوية اللجنة المحكمة وما هي رؤيتها في دورتها الجديدة؟
أسئلة كثيرة، تتكرر مع هاجس الجوائز الثقافية خاصة الادبية وما هي الفائدة المرجوة من فوز هذا الكاتب أو الكتاب سوى الأرباح الهائلة التي يجنيها في النهاية الناشر والبائع على حساب الطبعات المتلاحقة!
لدى فوزه بجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية في دورتها الأخيرة عن روايته (بيت الديب) ألقى الروائي عزت القمحاوي كلمة شن فيها هجوماً لاذعا عمل لجان التحكيم، موضحا أن دورها يجب ألا تقتصر مسؤوليته على فحص ما يقدم إليها فقط، فهناك العديد من الكتاب لا يتقدمون إلى الجوائز بأنفسهم ووجود جهات كالناشر - تملك حق الترشيح عنهم لا يقدم ضمانة على أن ما يعرض على اللجنة هو كل ما يستحق النظر خلال عام واحد!
فاصلة أخيرة
الجوائز الثقافية كما أن منها ما هو نصيب لمثقفين محسوبين على السلطة، فأيضا منها نصيب لمن هم معارضوها، ليبقى المحكم هنا الفائز في قناعته بصدق إيمانه وآرائه وقضاياه التي يناضل من أجلها ويراها جائزته الحقيقية، ولا يستبدلها أخرى أقل منها!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
Kwt1972@gmail.com