| محمد صالح السبتي |
«الذرى» في اللهجة الكويتية تعني الظل او الساتر الذي يحميك من الشمس او من الهواء واحيانا يحميك من اعين الناس ومشاهدتهم، ويقال للرجل «متذري» أي محتمٍ بهذا الساتر عما يخافه او يتجنبه من هذه الأشياء التي يحتمي منها.
اليوم في ظل أزمة فكرية سياسية وقد تكون اخلاقية ايضا تعصف بالبلاد، كثير من الناس «متذرين»!!.. محتمين بسواتر السكوت وظل الحياد ومسك العصا من النص خوفا من شمس الانتقاد او عواصف الهجوم والشتيمة!! ساكتون مع قناعتهم بخطأ ما يجري، صامتون مع ان لهم رأيا مبنيا على أسس سليمة، متذرون مع يقينهم بخطورة الاوضاع في البلاد، لكنهم اّثروا السلامة والغنيمة خوفا من اّثار الصراع الفكري على مكانتهم او سمعتهم او متابعيهم ومحبيهم!!
في الصراعات الفكرية وخاصة الخطر منها ينهض أناس يحملون هم اوطانهم ومجتمعاتهم لا يحسبون حسابات الربح ولا الخسارة... يرون الواجب عليهم فقط فيقومون به، قد يخسرون، قد يربحون، قد تصيبهم اّثار هذا الصراع الفكري القاتلة او الجارحة، كل هذا لا يهم... لو يضعوا ورقة وقلما ليحسبوا حسابات قضايا وطنهم ان كانت تربحهم او تسبب لهم خسارة، هم يرون الواجب عليهم فقط!!
ليس العيب ولا المشكلة في وجود فكر ضال او متطرف او منحرف في المجتمعات، فلن يخلوا مجتمع ولم يخلُ ايضا من وجود افكار منحرفة على مر العصور، المشكلة ليست هنا، المشكلة في سكوت من يرى هذا الخطأ ويستطيع نقده وبيان خطورته بالعقل والمنطق، ومع هذا يسكت!! هنا تكمن أساس المشكلة!!
الحياد فضيلة من الفضائل، لكنه احيانا قد يكون جريمة لا تغتفر، حينما يكون الحياد سكوتا عن باطل قد يدمر البلاد ويفتن العباد، يكون جريمة، حينما يكون الحياد بالسكوت عن فكر مدمر قد يجر البلاد الى الهاوية.. يكون جريمة!!
اليوم نحن نعاني هذه المشكلة وبعمق ايضا، هناك فئة ضلت طريقها - حتى وان صحت نوايا بعضهم - وهم يزعمون رغبتهم اصلاح الاوضاع في البلاد... واستطاعوا التأثير على الرأي العام بين اوساط الشباب حتى افسدوا الخطاب العام واوصلوه الى شفة الهاوية، وكثير من المثقفين والكتاب مازالوا في سكوت!! «متذرين» عن لواهب النقد وجراحات المعركة الفكرية طمعا في السلامة!! أي جريمة في حق الوطن اكبر من هذه الجريمة!! اي حياد هذا الذي يدعيه هؤلاء المثقفون!! هذا هو الحياد المجرّم!!
ما لم تنهض هذه الفئة «المتذرية» وتأخذ بزمام الواجب الملقى على عاتقها تجاه الوطن فان الفئة المنحرفة فكريا ستسود وستقود الرأي العام الى الهاوية!!
دائما وفي كل زمان ومكان، ليست المشكلة في وجود الباطل فكريا كان او غير فكري، المشــــكلة في عــــدم وجـــود صـــراع بــين هذا الباطل والحـــق، في سكوت اصحاب الحق عن الباطل!!

lawyermodalsbti