| بيروت ـ من محمد حسن حجازي |
من خلف «غبار» شدّ الحبال الذي «حبِلت» به الشراكة التي لم تستمرّ طويلاً بين القطب الاعلامي اللبناني رئيس مجلس إدارة تلفزيون «LBCI» بيار الضاهر**، والأمير السعودي «المتعدد القطب» (في مجال الأعمال والإعلام عربياً وعالمياً) الوليد بن طلال بن عبد العزيز، أطلّت قناة لبنانية جديدة في 25 نوفمبر الماضي باسم» LDC»، أي Lebanese Diaspora Channel أو «قناة الانتشار اللبناني» التي شكّلت عملياً امتداداً لصراع «الشيخ» و«الأمير» الذي أفضى إلى خسارة الضاهر كلياً محطة LBC SAT الفضائية وشركة PAC لمصلحة رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة ورئيس مجلس إدارة مجموعة «روتانا» والمالك لقناة «العرب» الإخبارية.
واكتسبت «ولادة» قناة «ال. دي. سي» أهمية اسثنائية في ظل عوامل عدة أبرزها:

* الغموض الذي لفّ مؤسسيها، رغم التقارير التي تقاطعت عند وصفها بأنها «من رحم» قناة «ال.بي.سي.اي» التي كانت «زفّت» ولادتها على القمر الصناعي «نايل» على الترددFrequency 11680 horizontal symbol rate 27500.
* توقيت إطلالتها مع استعار «حرب الفضاء» بين «الشيخ» و«الأمير» ما تسبب في توقّف بثّ باقة «ال بي سي أوروبا» و«ال بي سي أميركا» و«ال بي سي أستراليا» وسط معلومات عن قرار الوليد بن طلال بملاحقة الضاهر ومنعه من بثّ أي محطة تحمل اسم LBC عبر أيّ قمر صناعي.
وتبعاً لذلك، وبعد خسارة الضاهر «ذراعه الفضائية» التي كانت تشكّلها LBC SAT أو «الفضائية اللبنانية» ثم ««قطْع الفضاء» عنه بانقطاع باقة LBC أوروبا وأميركا وأستراليا، بدت «المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشونال» بلا «أوكسيجين» فضائي، ما جعل قناة «LDC» بمثابة «توأم» لـ «LBCI» تطلّ عبره على العالم وتكسر «الحصار» حولها الذي ينذر بالمزيد من الاشتداد.
وقد استوقف الكثيرين اسم «ال.دي.سي» الذي لا يختلف عن الـ «ال.بي.سي» إلا بحرف واحد في ما بدا تعمُّداً لإظهار «صلة الرحم» وإن المضمرة بين القناتين، ولا سيما أن LDC تتركّز غالبية برمجتها على بث برامج LBCI التي حققت أعلى نسب مشاهدة، كالبرنامج الحواري السياسي «كلام الناس»، والبرنامج المنوّع والإنساني «ديو المشاهير»، و«أحمر بالخط العريض»، وغيرها من المسلسلات اللبنانيّة والعربيّة.
وهكذا اعتُبرت «LDC» المولود الثاني في عزّ المواجهة بين الضاهر والوليد بن طلال بعد انطلاق قناة «lbc drama» الأرضية في سبتمبر الماضي وهي المتخصصة في بث المسلسلات والتي تصل إلى المشاهدين في لبنان عبر موزّعي الكابل.
فما هي وضعية «LBCI» اليوم وماذا عن الـ «LDC» وأي مصير لـ «LBC» أوروبا وأخواتها؟... هذا ما حاولتْ «الراي» استطلاعه مع بيار الضاهر في الحوار الآتي:
• LBCI اليوم لمن؟
- المحطة الأرضية لنا وهي خارج الخلاف، و«ال بي سي» أوروبا، أستراليا، وأميركا لنا وهي متوقفة كحل أفضل لأن الطرفين (أنا والأمير الوليد بن طلال) يعتبرانها لكلّ منهما، لذا فإن مرجعية الأقمار الاصطناعية نصحت بألا يبث عبرها أي منا، بانتظار التغيّرات التي يشهدها العالم حالياً من تكتلات واتفاقات تظهر ملامحها في المستقبل المنظور، أما «ال بي سي سات» فهي للوليد بن طلال بموجب اتفاق.
• وما صورة الوضع الآن؟
- هناك إنذارات متبادلة.
• وما طلبك اليوم؟
- أنا أريد حقي كمؤسسة ضمن «باك»، والتعويضات التي تتعلق بإلغاء العقد قبل وقته وما له علاقة بالشراكة بين الطرفين.
• ما قصة «ال دي سي»، وهل هي الوجه الفضائي لـ «ال بي سي آي»؟
- «ال دي سي» هي قناة مستقلة وهي تعني «قناة الانتشار اللبناني» وهي تشتري برامج من «ال بي سي آي».
• وما وضعيّتها القانونية، مَن يملكها، من أين تبث، وأين هي مسجلة؟
- هي شركة مسجلة في قبرص وتبث منها، وتملكها مجموعة من المساهمين اللبنانيين.
• وهل إنشاء «أل دي سي» جاء نتيجة نجاح الوليد بن طلال في منعكم من بث أي محطة تحمل اسم «أل بي سي» عبر أي قمر صناعي؟
- نحن أردنا التواصل مع ناسنا وجمهورنا في العالم وكانت هذه وسيلتنا.
• وهل انطبق هذا الأمر على «ال بي سي يوروب»؟
- هذه داخلة ضمن الخلاف الحاصل.
• وما هو وضع «ال بي سي أميركا»، و«أل بي سي أستراليا»، هل حلّت مكانهما «أل دي سي»؟
- نعم، وقريباً تحضر على كل القارات.
• ماذ عن «ال بي سي دراما»؟ ما وضعها، هل هي أرضية فقط، وكيف يتلقاها الجمهور؟
- هذه قناة مستقلة، وهي أرضية طبعاً للبنانيين.
• ماذا عن الاتفاق الذي رعاه المطران بولس صياح في شأن الموظفين الـ 397 المصروفين من شركة «باك»، هل سار وفق الجدول الزمني الذي كنتم حددتموه؟
- كل شيء يسير وفق الاتفاق، وقد نُفذ جزء منه المتعلق بما قبل نهاية العام 2012 وما تبقى موعده آخر شهر يناير الجاري.
• كانت «ال بي سي» الرافد اللبناني لمحطات عربية، أما هي اليوم فأشبه برافد عربي لمحطات عربية، هل هذا الأمر عامل إيجابي أم دليل عجز؟
- إعلام اليوم تحوّل إلى تكتلات، وأوجدت الأحداث التي طرأت على الساحة العربية محطات عديدة ستغيّر بالتأكيد صورة حضور الفضائيات في المدى القريب، في وقت أشك في قدرة السوريين والمصريين على تأمين الكمّ والنوع الكافيين لشهر رمضان المقبل، فبلدان الربيع العربي ستغيّر وجه الفضائيات، وأنا متفائل بأن «ال بي سي اي» «ماشية معي على الخط» إلى مستقبل مزدهر، وكل ما تتابعه اليوم ليس هو نفسه غداً.
• هل سيعود لستار أكاديمي في العام 2013؟
- طبعاً.
• ثمة انطباع بأن «ال بي سي اي» دفعت ثمن الخلاف مع الأمير الوليد بن طلال في الوقت الذي مازال الخلاف قائماً مع «القوات اللبنانية»، إلى أين تسير المحطة؟
- كل شيء سيُحل، وحقي لا أتراجع عنه ولا أتنازل عنه. ومثلما قلت نحن في الطريق الصحيح. ونعم النجاح المدوي للمحطة فتح العيون عليها لاستيعابها، ولأنها حقنا فهي ليست سهلة الهضم أبداً.
• واضح أنك مرتاح على وضعك، ونفَسك طويل؟
- أنا مرتاح لأنني صاحب حق، أما «النفَس» والصبر فمن شيمي، وأنا لا أقبل بالخطأ.
• وما الذي يزعجك في هذا السياق؟
- أنني مضطر لمواجهة تفاصيل سخيفة تأخذ من وقتي للتفكير في أمور مهمة أواكب من خلالها آخر الجديد التقني والإعلامي. فنحن في زمن مختلف، مثلاً «القوات» تريد إشرافاً سياسياً، ومتى؟ في عصر الثورات ورفض الشعوب لكل ما يقيّدها. كل الماضي انطوى، وأنا أتطلع إلى الغد ولا أرى إلا تفاؤلاً لصالح ما نراه صواباً.
• وكيف تختتم اللقاء؟
- بالشكر، والتأكيد على أن الحق أقوى من الجميع.


«ال. بي. سي»... القصة كلّها

تستخدم قناة LBCI اللبنانية منذ فترة عبارة «القصة كلها» شعاراً لحملة ترويجية أرادتها لتجديد طلّتها وحلّتها البرامجية الرامية إلى تبديد مفاعيل أزمات تمرّ بها من النزاع بين رئيس مجلس إدارة المحطة بيار الضاهر والأمير السعودي الوليد بن طلال إلى صراع «الشيخ» (أي الضاهر) مع حزب «القوات اللبنانية».
وتعود بدايات قصة الخلاف الذي انفجر بين «الشيخ» و«الأمير» وأفضى إلى فك الشراكة بينهما إلى العام 1997 حين أسّس المساهمون اللبنانيون في «ال بي سي اي»، إلى جانب رجل الأعمال السعودي صالح كامل شركة «ال ام اتش» - ليبانيز ميديا هولدينغ - التي تملك «باك ليميتد»، و«ال بي سي الفضائية»، و«ال بي سي أميركا» و«ال بي سي أوروبا»، وبقيت الـ «ال بي سي اي»، شركة مستقلة، بمساهميها اللبنانيين فقط. وكان 51 في المئة من أسهم «باك» والفضائية اللبنانية يملكها لبنانيون، وكان الضاهر المساهم الأكبر في هذه النسبة.
وفي العام 2003، وبنتيجة اتفاق تسوية بين صالح كامل والوليد بن طلال، حلّ هذا الأخير محلّ كامل في شركة «ال أم ايتش»، التي تملك «ال بي سي سات» و«باك»، بنسبة 49 في المئة (هي حصة صالح كامل)، فحافظت الـ «ال بي سي آي» على العدد الكافي والضروري من الموظفين لتشغيلها، والتحق الموظفون الآخرون في شركة «باك» للإنتاج.
وفي العام 2008 تقرّرت زيادة رأس المال بنسبة كبيرة، فاشترى الأمير الوليد بعد أخذ ورد طويلين أكثر من 85 في المئة من أسهم شركة محطة «أل بي سي ـ سات» وشركة «باك»، على أن تُستثمر هذه الزيادة لتحسين شبكة البرامج وتطوير الإنتاج تحت إشراف الشيخ بيار الضاهر.
وفي العام 2010 دخل روبرت مردوخ شريكاً في هذه المجموعة وتمّ دمج «باك» والفضائية اللبنانية بـ «روتانا». وفيما كان متوقعاً أن يؤدي تعاون الأمير السعودي ومردوخ إلى تطوير المجموعة وتحسينها، لم يحصل ذلك، ونشبت خلافات بين تركي شبانة (نائب رئيس قنوات روتانا) والضاهر انتهت بقرار بن طلال إقصاء «الشيخ» عن LBC الفضائية وشركة «باك» التي تملك استديوهات إنتاج معظم برامج «ال بي سي انترناشونال» كما أن 90 في المئة من موظفي المحطة تابعون وظيفياً لها، وصولاً إلى رفع الأمير السعودي دعوى اختلاس وسوء أمانة بوجه الضاهر الذي أقام دعوى ضد بن طلال متهماً إياه بعدم الالتزام بالعقد المبرم بين الطرفين والقاضي بأن يدعم «الوليد» إنتاج المحطة الأرضية ويعزز مستواها، وهو ما لم يحصل إذ امتنع الأخير عن دفع المستحقات المالية لصالح شركة «باك».
ومعلوم أن الضاهر يخوض في لبنان معركة قضائية مع حزب «القوات اللبنانية» حول ملكية تلفزيون LBCI الذي ارتفعت أخيراً حظوظ «القوات» باسترجاعه هي التي كانت أطلقته باسم LBC في 23 أغسطس 1985 أي في الذكرى الثالثة لانتخاب مؤسسها بشير الجميّل رئيساً للجمهورية قبل ان يتم اغتياله في 14 سبتمبر 1982. وكانت محكمة التمييز اللبنانية الغرفة السادسة برئاسة القاضي جوزيف سماحة أصدرت أواخر أكتوبر الماضي قراراً قضى بفسخ قرار الهيئة الاتهامية برئاسة القاضية ندى دكروب في قضية ملكية تلفزيون الـ LBCI في دعوى «القوات اللبنانية» على الضاهر. وصدّق القرار التمييزي قرار قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي الذي اعتبر الضاهر مسيئاً للأمانة، الأمر الذي اعتبرته اوساط «القوات» تأكيداً لملكية الحزب لتلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشونال.