| القاهرة - من أحمد الهواري وعمر عبدالجواد وصلاح مغاوري |
استمرارا لحالة الانقسام في الشارع المصري، التي أحدثتها القرارات الرئاسية وتحديد موعد الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد السبت، شهدت الميادين والشوارع المصرية بعد عصر أمس، مسيرات و«مليونيات» ما بين مؤيدة للرئيس والاستفتاء على الدستور والشرعية والشريعة، وأخرى رافضة للاستفتاء والغلاء وتسلط القوى الإسلامية، وسط تخوفات بعودة مشاهد الدم إلى هذه التجمعات، ووسط احترازات أمنية واسعة.
وبدأت القوى المدنية في الاحتشاد في الميدان وأعادت نشر اللجان الشعبية على مخارجه، بدءا من السادسة من صباح أمس استعدادا لـ«مليونية» «ضد الغلاء والاستفتاء» بالتزامن مع «مليونيتين» إسلاميتين على مشارف حي مصر الجديدة عند مسجد رابعة العدوية وانتهاء بمسجد آل رشدان بالقرب من قصر الاتحادية الجمهوري، الذي تحصن حوله المعتصمون من شباب الثورة المعارضون للرئيس محمد مرسي، وتدفقت عليه المسيرات الرافضة للاستفتاء.
وفي بيان لها ردت حركة «حازمون» المؤيدة للمرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة السابقة حازم صلاح أبوإسماعيل على أنباء تواترت عن استعدادها لاقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي التي تحاصرها لإيقاف بث مجموعة من الفضائيات معتادة الهجوم على التيار الإسلامي بالنفي وقال البيان: «اعتصام حازمون سلمي».
ونفى ناشطون في محيط قصر الاتحادية ما تردد عن مناوشات بينهم وبين عناصر تأمين القصر الجمهوري، وقالوا إن بعضهم اعترض فقط على آليات للقوات المسلحة جاءت لاستكمال بناء جدار عازل حول قصر الاتحادية سرعان ما انتهت استعدادا لاستقبال المعتصمين.
وفي قلب ميدان التحرير، ردد المتظاهرون الذين توافدوا تباعا بعد العصر الهتافات المعادية لجماعة الإخوان منها «ابعت ابعت بلطجية مش هاتنسينا القضية»، و«يسقط يسقط حكم المرشد»، و«إعلان دستوري باطل»، و«التأسيسية باطل»، و«الاستفتاء باطل». وطرد المؤمنون للميدان بعض الأشخاص المتواجدين بزعم أنهم ينتمون للتيار الإسلامي، ودارت حلقات نقاشية تناولوا فيها كيفية الرد على أي هجمات وحماية أنفسهم.
وتوافد المشاركون في المليونية على التحرير بلافتات ضد الغلاء والاستفتاء على الدستور الجديد وقالت وزارة الصحة إنها خصصت 60 سيارة إسعاف ورفعت درجة الاستعداد بأقسام الطوارئ بالمستشفيات على مستوى الجمهورية ودعمها بالأدوية والمستلزمات وأكياس الدم والأطقم الطبية وقال رئيس هيئة الإسعاف الدكتور محمد سلطان إن الإجازات قد منعت لجميع العاملين بمرافق الإسعاف.
وكانت أحداث عنف قد وقعت في الساعات الأولى من فجر أمس، حيث حاول ملثمون اقتحام الميدان باطلاق النار وتصدى لهم المعتصمون في الميدان ووقعت 10 إصابات.
ونظمت القوى المدنية عدة مسيرات توزعت بين الاتجاه إلى القصر الجمهوري وميدان التحرير، وانطلقت من ميدان المطرية من أمام مسجد الأنوار المحمدية، ومن ميدان ابن سندر، ومدينة نصر وتنطلق من تقاطع شارع زكي حسين مع شارع الطيران، وأخرى من حدائق القبة من أمام مسجد الشيخ كشك في شارع مصر والسودان، ومسيرة مسجد النور من ميدان العباسية، ومسيرة ميدان الحجاز.
وقال عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي المصري أحمد كامل إن المعركة مع مرسي لم تعد رفضنا للإعلان الدستوري أو الاستفتاء، إنما تشمل سياسة الرئيس الذي يمارس سياسات النظام السابق نفسها في السعي للانفراد بالحكم.
وطالب التيار الشعبي النائب العام بإجراءات سريعة ضد المتورطين في أحداث «الاتحادية» المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، بعد تداول فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، تثبت تورط أعضائها في الاعتداء على المواطنين المعتصمين.
وأصدرت القوى السياسية المشاركة في التظاهرة بيانا قالت فيه إن «شرعية نظام الرئيس مرسي، بدأت في التآكل»، معتبرة أن دماء المتظاهرين أمام قصر الاتحادية الجمهوري قد أفقدت النظام ما تبقى من شرعية.
وقال الاتحاد المصري للنقابات المستقلة إن أعضاءه شاركوا في التظاهرة ورفضوا التشريعات التي من شأنها تطلق يد الحكومة في رفع الأسعار.
وشاركت اللجنة العامة للمرأة في حزب المصريين الأحرار، في مسيرة رافضة للاستفتاء واحتجاجا على قرارات الرئيس الأخيرة، بما فيها الإعلان الدستوري الجديد، انطلقت من أمام مسجد جمال عبدالناصر في شارع الخليفة المأمون توجهت إلى الاتحادية وارتدت المشاركات ملابس سوداء حدادا على ما وصلت إليه مصر على يد جماعة الإخوان.
وقال مؤسس التيار الشعبي وعضو جبهة الإنقاذ حمدين صباحي إن مرسي أغضب المصريين بقراراته الاقتصادية والسياسية، مشيرا إلى أن تكرار إلغاء مرسي للقرارات يدل على أنها كانت خاطئة من البداية، وأنه يلغيها بعد غضب الناس.
وعلى الجانب الآخر، توافدت أعداد كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية السلفية والجهادية إلى محيط مسجدي رابعة العدوية وآل رشدان في مدينة نصر، وشاركت الجماعة الإسلامية وحزبها السياسي البناء والتنمية وأحزاب الأصالة والفضيلة والشعب المنتمية إلى التيار السلفي، إضافة إلى الجبهة السلفية في «مليونية الشرعية» لدعم القرارات التي أصدرها مرسي، وعلى رأسها الإعلان الدستوري، معتبرين أنها استجابة للقوى السياسية على الإعلان الأول الذي أثار احتجاج المعارضين.
وقالت الأحزاب المشاركة إنها سوف تلتزم بمكان التظاهرات ولن تتوجه إلى محيط قصر الاتحادية إلا إذا حدث تجاوز ضد مرسي من جهة المتظاهرين.
وذكرت التيارات الإسلامية إن تظاهرتها تحمل رسالة إلى المعارضين بأنهم لن يسمحوا لهم بعودة مصر إلى الوراء ولا لرموز النظام السابق بالتحكم في مصير ومستقبل الثورة التي دفع الإسلاميون لقيامها سنوات أعمارهم في السجون والمعتقلات وأنهم مستعدون لبذل المزيد من الأرواح مقابل نجاح الثورة وتكملة أهدافها.
وقال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان محمود غزلان: «لا نية للاعتصام ولا نية لخروج مسيرات من المشاركين في «مليونية الشريعة» لأي مكان ولا حتى لقصر الاتحادية تجنبا لحدوث صدامات مع أنصار القوى السياسية الأخرى».
واوضح عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية الشيخ سعيد عبد العظيم إن «العلمانيين لو حاولوا إسقاط الرئيس الإسلامي محمد مرسي، واقتحموا قصر الاتحادية، فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي، بل سنقوم بثورة إسلامية كبرى في البلاد وسنخرج عليهم بأعداد لا قبل لهم بها». ونفت الصفحة الرسمية لحزب «النور» السلفي على «فيسبوك»، ما نشر منسوبا لقيادات بالحزب عن مقاطعة «مليونية الشرعية»، وقالت إن حزب النور مشارك. وشن مسؤول مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام دربالة هجوما على جبهة الإنقاذ الوطني واتهمها بأنها غير موحدة الأهداف، فمن أعضائها من يرى إسقاط الدستور الحالي ومنهم من يرى إسقاط الرئيس المنتخب وهدم الشرعية ،غالبيتهم يرفضون الشريعة الإسلامية ويسعون لتقليص وجودها. أما الاشتراكيون الثوريون فيريدون هدم الجيش كمقدمة لهدم الدولة، والفلول يريدون إعادة النظام السابق ليجثم على صدر مصر مرة أخرى.
ومن مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، انطلقت عشرات الحافلات محملة بالمؤيدين من ائتلافات القوى الإسلامية وعلى رأسها الإخوان وحزبا الحرية والعدالة والوسط الى القاهرة للمشاركة في فعاليات المساجد عند رابعة العدوية وآل رشدان. وقال متحدث باسم حزب الحرية والعدالة بشمال سيناء حسن حجاب إن مشاركتهم جاءت لدعم المسار الديموقراطي وبناء مؤسسات الدولة والشروع في النهضة.
واحتشد مئات من مؤيدي الرئيس مرسي أمام منزله في ضاحية التجمع الخامس، مرددين هتافات مؤيدة، في الوقت الذي شهد محيط المنزل تواجدا أمنيا مُكثفا من قوات الأمن المركزي، بالإضافة إلى قوات الحرس الجمهوري، والتي أفسحت الطريق أمام مؤيدي الرئيس ليتظاهروا أمام المنزل مباشرة.
واقترح الأمين العام لـ «مبادرة سيناء 2020» عبدالله البلتاجي، شقيق محمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين ما أطلق عليه «تفاهم مصر المستقبل» طالبا دعمه من الأزهر والكنيسة ورئيس الجمهورية للم شمل الفرقاء إلى مائدة الحوار، والعمل على إنقاذ البلاد من عثرتها الاقتصادية.
وانتفضت الأقصر غضبا ضد قرارات الرئيس مرسي وضد طرح الدستور للاستفتاء في الوقت الذي أعلن العاملون في القطاع السياحي تحفظهم على 17 مادة فى الدستور الجديد مطالبين بحلها.
وقال النقيب السابق للمرشدين السياحيين أنور أبوالمجد إن المؤسسات والفعاليات السياحية تطالب بوقف عرض الدستور للاستفتاء وضرورة حصول مواده على وفاق وطني قبل الاستفتاء عليه. وشاركت جبهة الإنقاذ الوطني في الأقصر في مسيرات حاشدة لرفض طرح الدستور قبل تعديل المواد المختلف عليها والتوافق الوطني عليه من مختلف التيارات السياسية والثورية.


مرسي بحث وهيكل تحقيق التوافق في المرحلة المقبلة

ذكرت الرئاسة المصرية إن الرئيس محمد مرسي استقبل في مقر الرئاسة في مصر الجديدة، أمس، الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل في إطار الدعوة التي وجهها مرسي للقوى الوطنية والسياسية والحزبية والشبابية للحوار حول «خريطة الطريق المستقبلية للتحول الديموقراطي». واوضحت أن «لقاء مرسي وهيكل، جاء في إطار التعرف على مجموعة من الأفكار والمقترحات لدى مختلف أطياف المجتمع لتحقيق التوافق حول برنامج العمل الوطني على الصعيدين الاجتماعي والسياسي خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى أنه يأتي في إطار استكمال جولات الحوار الوطني والعمل على توسيع دائرة المشاركة من قبل القوى السياسية والمجتمعية وتبادل وجهات النظر حول الموضوعات المطروحة على أجندة الحوار ترسيخا لمبدأ التفاهم والحوار الخلاق لتخطي المشهد الراهن».