| د.يعقوب احمد الشراح |
يعكس المشهد السياسي مرحلة غاية في التعقيد والخطورة لأنها مرحلة يعايش الناس فيها تعاقب الأزمات واحتمالات حدوث تطورات غير مستحبة بمرور الزمن تعطل من القدرة والحماس لتحمل المسؤوليات، والتعاون بين مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية أمام التحديات الأمنية وسلامة الدولة. شواهد الأحداث الماضية تشكل البدايات الأولى لاحتمالات حدوث سلسلة من ردات الفعل الآتية ذات الموجات العالية إذا ما تطورت الأوضاع على نحو غير مدروس، خصوصا وان المسيرات أحياناً تخرج عن إطار سلميتها وقد تؤدي إلى الانفلات بين من يدعّون بالمعارضين والحكومة من جانب وبين المعارضين والموالين لسياسات الحكومة من جانب آخر. والتدخلات الخارجية في شؤون الدول هي الأخرى غير بعيدة في ظروف متوترة في الداخل، وحالة لا استقرار في دول المنطقة عامة.
والسؤال، هل فعلاً الاضطرابات السياسية الحالية في الدولة هي نتاج طبيعي، كما تدعي المعارضة، بسبب مراسيم الضرورة، خصوصا ما يتعلق منها بالدوائر الانتخابية وتغيير آلية التصويت من أربعة أصوات لكل ناخب إلى صوت واحد؟ وهل يستدعى تغيير أربعة أصوات إلى صوت واحد في الدوائر الخمس كل هذا الضجيج السياسي والإعلامي، والدعوة لتجمعات ومسيرات تصطدم بالحواجز الأمنية، وأحياناً بالمصادمات بين الناس ورجال الأمن؟ إن تغيير آلية التصويت في رأينا ليس هو بيت القصيد لكل ما يحدث من ترويع للناس، وتأسيس الخوف على مستقبلهم، وإنما الأسباب الحقيقية تعود إلى جذور الفساد المتمثل في جوانب كثيرة من أبرزها سوء الإدارة، والممارسة السياسية، وانفلات الأوضاع في عدم تطبيق القانون الضابط والمنظم لأي عمل سياسي في الدولة. فلقد استسرت الخلافات اليوم حدود غير معقولة حتى أننا أصبحنا نشاهد شيئا من ذلك بين الأحكام القضائية الصادرة بحق المشطوبين من المرشحين وإعادتهم للانتخاب.
وفي الجانب الآخر، نلاحظ تدني معالجة الحكومات السابقة للعديد من القضايا التي تصب في اختصاصاتها لتجنب مشكلات المستقبل، فلم تكن الانجازات على مستوى طموحات المواطنين، والكثير من القرارات الحكومية شابتها أخطاء فادحة انعكست اليوم على الحياة العامة، وحفزت البيئة المناسبة للتطاول على القوانين وانتشار صور الفساد المتمثلة في الكثير من المظاهر ما زالت الناس تتحدث عنها مثل تهريب الديزل، وأزمة الداوكيميكال، وفساد الأغذية، والاتجار في الاقامات، وتزايد الشركات الوهمية، وازدواجية الجنسية مع تجنيس من لا يستحقون، وعدم الحسم لأزمة البدون وغيرها الكثير الكثير.
هذه القضايا المرتبكة هي قضايا قديمة ما زالت عالقة خلقت أجواء لأزمات أخرى مختلفة وقد ازدادت اليوم تعقيداً وتداخلاً مع حياة الناس من دون رؤية واضحة لكيفية السير في طريق المستقبل.. إننا بقدر ما نلوم أنفسنا كمواطنين لأي تقصير في حق الدولة، فإننا نعاتب أكثر الحكومات السابقة التي تركت الأمور تصل إلى ما وصلت إليه اليوم. ونتساءل مع المتسائلين، كيف سيكون الخروج من هذا المشهد السياسي الكريه الذي يتطلب حزمة كاملة من الحلول، خصوصا معالجات جذرية للأسس التي تقوم عليها هذه المشاكل وتتفاعل دائماً لتخلق مشاكل أخرى وكأننا نعيش في دوامة الأزمات التي لا تنتهي.
yaqub44@hotmail.com
يعكس المشهد السياسي مرحلة غاية في التعقيد والخطورة لأنها مرحلة يعايش الناس فيها تعاقب الأزمات واحتمالات حدوث تطورات غير مستحبة بمرور الزمن تعطل من القدرة والحماس لتحمل المسؤوليات، والتعاون بين مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية أمام التحديات الأمنية وسلامة الدولة. شواهد الأحداث الماضية تشكل البدايات الأولى لاحتمالات حدوث سلسلة من ردات الفعل الآتية ذات الموجات العالية إذا ما تطورت الأوضاع على نحو غير مدروس، خصوصا وان المسيرات أحياناً تخرج عن إطار سلميتها وقد تؤدي إلى الانفلات بين من يدعّون بالمعارضين والحكومة من جانب وبين المعارضين والموالين لسياسات الحكومة من جانب آخر. والتدخلات الخارجية في شؤون الدول هي الأخرى غير بعيدة في ظروف متوترة في الداخل، وحالة لا استقرار في دول المنطقة عامة.
والسؤال، هل فعلاً الاضطرابات السياسية الحالية في الدولة هي نتاج طبيعي، كما تدعي المعارضة، بسبب مراسيم الضرورة، خصوصا ما يتعلق منها بالدوائر الانتخابية وتغيير آلية التصويت من أربعة أصوات لكل ناخب إلى صوت واحد؟ وهل يستدعى تغيير أربعة أصوات إلى صوت واحد في الدوائر الخمس كل هذا الضجيج السياسي والإعلامي، والدعوة لتجمعات ومسيرات تصطدم بالحواجز الأمنية، وأحياناً بالمصادمات بين الناس ورجال الأمن؟ إن تغيير آلية التصويت في رأينا ليس هو بيت القصيد لكل ما يحدث من ترويع للناس، وتأسيس الخوف على مستقبلهم، وإنما الأسباب الحقيقية تعود إلى جذور الفساد المتمثل في جوانب كثيرة من أبرزها سوء الإدارة، والممارسة السياسية، وانفلات الأوضاع في عدم تطبيق القانون الضابط والمنظم لأي عمل سياسي في الدولة. فلقد استسرت الخلافات اليوم حدود غير معقولة حتى أننا أصبحنا نشاهد شيئا من ذلك بين الأحكام القضائية الصادرة بحق المشطوبين من المرشحين وإعادتهم للانتخاب.
وفي الجانب الآخر، نلاحظ تدني معالجة الحكومات السابقة للعديد من القضايا التي تصب في اختصاصاتها لتجنب مشكلات المستقبل، فلم تكن الانجازات على مستوى طموحات المواطنين، والكثير من القرارات الحكومية شابتها أخطاء فادحة انعكست اليوم على الحياة العامة، وحفزت البيئة المناسبة للتطاول على القوانين وانتشار صور الفساد المتمثلة في الكثير من المظاهر ما زالت الناس تتحدث عنها مثل تهريب الديزل، وأزمة الداوكيميكال، وفساد الأغذية، والاتجار في الاقامات، وتزايد الشركات الوهمية، وازدواجية الجنسية مع تجنيس من لا يستحقون، وعدم الحسم لأزمة البدون وغيرها الكثير الكثير.
هذه القضايا المرتبكة هي قضايا قديمة ما زالت عالقة خلقت أجواء لأزمات أخرى مختلفة وقد ازدادت اليوم تعقيداً وتداخلاً مع حياة الناس من دون رؤية واضحة لكيفية السير في طريق المستقبل.. إننا بقدر ما نلوم أنفسنا كمواطنين لأي تقصير في حق الدولة، فإننا نعاتب أكثر الحكومات السابقة التي تركت الأمور تصل إلى ما وصلت إليه اليوم. ونتساءل مع المتسائلين، كيف سيكون الخروج من هذا المشهد السياسي الكريه الذي يتطلب حزمة كاملة من الحلول، خصوصا معالجات جذرية للأسس التي تقوم عليها هذه المشاكل وتتفاعل دائماً لتخلق مشاكل أخرى وكأننا نعيش في دوامة الأزمات التي لا تنتهي.
yaqub44@hotmail.com