| د. لطيفة جاسم التمار |
لا يخفى على أحد تاريخ القصيدة العربية والتي تتخذ من التراث والنظم العمودي أساسا لها، فبرز شعراء أكفاء أسسوا لهذا النهج أمثال شعراء المعلقات وصولا إلى البحتري والمتنبي وأبو نواس، ثم شعراء العصر الحديث أمثال البارودي وحافظ وشوقي، هؤلاء الفطاحلة كانوا يعتمدون على الأوزان والقوافي والأخيلة الطريفة والأساليب الأصيلة في عملية نظم الشعر، فكانت القصيدة لا تسمى بالشعر إلا إذا كانت جميع أبياتها من نفس البحر الشعري الواحد، إلى أن تطورت الحياة فأصبحت القصيدة بالإمكان أن تحتوي على عدة بحور إذا تطلب الأمر ذلك مع تعدد الفكرة بها فبدأ التحرر من هيمنة القافية والبحر الواحد، لكن مع هذا ظل الشكل العمودي مهيمن لفترات طويلة من تاريخ الشعر العربي، فمع القيود الفنية تبرز عبقرية الشاعر وتفرده. طوال تلك الفترة دخلت على الشكل العمودي بعض التغيرات الفنية في الشكل والوزن والقافية، لكن مع دخول العصر الحديث للشعر بدأت المناداة لشكل مختلف للقصيدة العربية فتغيرت شكلا ومضمونا، فأصبح الشاعر أكثر قدرة على التحكم في القصيدة لإبراز مشاعره العميقة، لكن مع ظهور هذا النوع الحر للشعر بدأ التنافس والرفض بين الفريقين، فريق يعتمد على التراث ويلتزم بالشكل العمودي و الآخر اتخذ من التجديد عنوانا لقصائده لكن مع هذا لم تتبدد القيود عن هذا النوع الجديد. يقول السحرتي:» ليس الشعر الحر ضربا من الفوضى، بل إن له صناعة فنية تخلق إيقاعات موسيقية، وإن خالفت الإيقاعات التقليدية الموروثة»، إن من اتبع هذا النوع من الشعر بدأ يوضع أنظمة وقوانين تنظم العملية الشعرية من حيث الشكل أو الوزن أو تنويع التفعيلات. مع هذا فإن الشعر الحر لا يتقيد به الشاعر بنظام التفاعيل والعروض، إذ تتنوع فيه التفاعيل ومن أشهر من بدءوا بكتابة هذا النوع من الشعر الشاعرة والناقدة نازك الملائكة، ومصطفى السحرتي، و بدر شاكر السياب وغيرهم كثر. ومع إيماننا بالتطور المستمر لابد أن نؤمن بوجود الشكل الشعري الجديد جنبا إلى جنب ( الشكل العمودي)، فكلا الشكلان لهما مؤيدين ومعارضين، والساحة الأدبية مفتوحة للشعر الجيد. ومع مرور عقود من الزمن إلا أن القضية مازالت موضع نقاش بين الأدباء والنقاد. في الختام نقول بأن الشعر الجيد في الشكل والمضمون والفكرة الجيدة ( الوحدة العضوية) هو الذي يفرض نفسه على المتلقي سواء كان حرا أو تقليديا، ويجب علينا ونحن مهتمين بالأدب العربي أن نعرض لكلا النوعين بشكل موضوعي فكل منهما له ايجابياته وسلبياته، فشعرنا العربي التقليدي موجود بكم هائل في مكتباتنا العربية من العصر الجاهلي وحتى الحديث، كذلك الشعر الحر متوفر للمتلقي في المكتبات والدواوين الشعرية الحديثة التي تعتمد على التحرر من القوالب الشعرية الجامدة في الشعر، فكل من النوعين متوفرا للمتلقي وعليه أن يختار بين ما هو أقرب إلى قلبه ونفسه.
* دكتوراه في الأدب العربي الحديث
Latifa-altammar@hotmail.com
لا يخفى على أحد تاريخ القصيدة العربية والتي تتخذ من التراث والنظم العمودي أساسا لها، فبرز شعراء أكفاء أسسوا لهذا النهج أمثال شعراء المعلقات وصولا إلى البحتري والمتنبي وأبو نواس، ثم شعراء العصر الحديث أمثال البارودي وحافظ وشوقي، هؤلاء الفطاحلة كانوا يعتمدون على الأوزان والقوافي والأخيلة الطريفة والأساليب الأصيلة في عملية نظم الشعر، فكانت القصيدة لا تسمى بالشعر إلا إذا كانت جميع أبياتها من نفس البحر الشعري الواحد، إلى أن تطورت الحياة فأصبحت القصيدة بالإمكان أن تحتوي على عدة بحور إذا تطلب الأمر ذلك مع تعدد الفكرة بها فبدأ التحرر من هيمنة القافية والبحر الواحد، لكن مع هذا ظل الشكل العمودي مهيمن لفترات طويلة من تاريخ الشعر العربي، فمع القيود الفنية تبرز عبقرية الشاعر وتفرده. طوال تلك الفترة دخلت على الشكل العمودي بعض التغيرات الفنية في الشكل والوزن والقافية، لكن مع دخول العصر الحديث للشعر بدأت المناداة لشكل مختلف للقصيدة العربية فتغيرت شكلا ومضمونا، فأصبح الشاعر أكثر قدرة على التحكم في القصيدة لإبراز مشاعره العميقة، لكن مع ظهور هذا النوع الحر للشعر بدأ التنافس والرفض بين الفريقين، فريق يعتمد على التراث ويلتزم بالشكل العمودي و الآخر اتخذ من التجديد عنوانا لقصائده لكن مع هذا لم تتبدد القيود عن هذا النوع الجديد. يقول السحرتي:» ليس الشعر الحر ضربا من الفوضى، بل إن له صناعة فنية تخلق إيقاعات موسيقية، وإن خالفت الإيقاعات التقليدية الموروثة»، إن من اتبع هذا النوع من الشعر بدأ يوضع أنظمة وقوانين تنظم العملية الشعرية من حيث الشكل أو الوزن أو تنويع التفعيلات. مع هذا فإن الشعر الحر لا يتقيد به الشاعر بنظام التفاعيل والعروض، إذ تتنوع فيه التفاعيل ومن أشهر من بدءوا بكتابة هذا النوع من الشعر الشاعرة والناقدة نازك الملائكة، ومصطفى السحرتي، و بدر شاكر السياب وغيرهم كثر. ومع إيماننا بالتطور المستمر لابد أن نؤمن بوجود الشكل الشعري الجديد جنبا إلى جنب ( الشكل العمودي)، فكلا الشكلان لهما مؤيدين ومعارضين، والساحة الأدبية مفتوحة للشعر الجيد. ومع مرور عقود من الزمن إلا أن القضية مازالت موضع نقاش بين الأدباء والنقاد. في الختام نقول بأن الشعر الجيد في الشكل والمضمون والفكرة الجيدة ( الوحدة العضوية) هو الذي يفرض نفسه على المتلقي سواء كان حرا أو تقليديا، ويجب علينا ونحن مهتمين بالأدب العربي أن نعرض لكلا النوعين بشكل موضوعي فكل منهما له ايجابياته وسلبياته، فشعرنا العربي التقليدي موجود بكم هائل في مكتباتنا العربية من العصر الجاهلي وحتى الحديث، كذلك الشعر الحر متوفر للمتلقي في المكتبات والدواوين الشعرية الحديثة التي تعتمد على التحرر من القوالب الشعرية الجامدة في الشعر، فكل من النوعين متوفرا للمتلقي وعليه أن يختار بين ما هو أقرب إلى قلبه ونفسه.
* دكتوراه في الأدب العربي الحديث
Latifa-altammar@hotmail.com