| بيروت - «الراي» |
من عاصمة الشمال طرابلس الى عاصمة الجنوب صيدا، «خيط» واحد من «الغليان» على «خط التوتر» المذهبي الذي تشكّل تعقيدات الواقع اللبناني «وقوداً» له وتأتي وقائع العاصفة السورية الآخذة في الاشتداد لـ «تصبّ الزيت على ناره».
فطرابلس، تحوّلت في الساعات الاخيرة «برميل بارود» بعد كشف وقوع ما لا يقلّ عن 21 من الشبان الاسلاميين (غالبيتهم منها ومن عكار) في كمين للجيش النظامي السوري في منطقة تلكلخ المحاذية للحدود السورية الشمالية مع لبنان بعدما دخلوها بهدف القتال الى جانب «الجيش السوري الحر»، قبل ان تتضارب المعلومات حول مصيرهم في ظل تقارير اشارت الى نجاة اربعة بينهم وتأكيد مصادر أخرى ان القتلى هم اربعة وان هناك معتقلين والباقون مفقودون او ان قسماً منهم اتصل بذويه والقسم الثاني صار «تحت جناح» قوات «الجيش الحرّ».
وفي حين كانت عاصمة الشمال التي تتحضّر اليوم لمهرجان سياسي وشعبي يقيمه «تيار المستقبل» في ذكرى اربعين اغتيال اللواء وسام الحسن، تشهد جهوداً أمنية وسياسية استثنائية لاحتواء الوضع ومنع انفجار «خط التماس» السني ـ العلوي على جبهة باب التبانة - جبل محسن التي «تحرّكت» ليل الجمعة، تعاظمت المخاوف من ان يشكّل الكمين للشبان الاسلاميين في تلكلخ «فتيلاً» جديداً يضفي المزيد من «السخونة» على المشهد الذي سيرتسم اليوم في صيدا، حيث دعا امام مسجد بلال بن رباح الشيخ احمد الاسير الى تظاهرة تركّزت الاتصالات امس، على سبل معالجتها ومنع تحوُّلها «لغماً» يمكن ان ينفجر بوجه الجميع ولا سيما بعدما كان الاسير لوّح بتشكيل «كتائب المقاومة الصيدوية» رداً على مقتل اثنين من مناصريه قبل نحو 3 اسابيع في اطار «شد الحبال» المفتوح بينه وبين «حزب الله» ومناصريه في المدينة.
ورغم حساسية الموقف في صيدا، فان واقع طرابلس بدا أكثر خطورة ولا سيما ان انكشاف مدى الانخراط اللبناني في الصراع السوري استتبع مجموعة ملاحظات ابرزها:
* ان الكلام عن «النأي بالنفس» عن الازمة السورية الذي ترفع شعاره حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سقط عملياً سواء بتأكيد «حزب الله» قبل اسابيع قتال مناصرين له في قرى سورية حدودية (مع لبنان) يقطنها لبنانيون بوجه مسلحي المعارضة السورية وإن كان وضع ذلك في اطار «الدفاع عن النفس والأعراض» او بانكشاف انخراط اسلاميين في المعركة ضد النظام السوري.
* توقيت الكمين للشبان الاسلاميين، الذين لم يُستبعد ان يكونوا وقعوا ضحية عمل امني مخابراتي او وشاية بهم اتاحت نصب «الفخ» المحكم لهم، بالتزامن مع نشر صحيفة لبنانية حلقات من تسجيلات، ذكرت انها «تكشف تفاصيل الدور الذي يؤديه النائب عقاب صقر في تركيا لدعم المسلّحين السوريين، وتوضح حقيقة تورّطه في تزويد هؤلاء بالسلاح والدعم اللوجستي، بتكليف من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري»، الامر الذي يساهم في رأي اوساط مراقبة في سحب «ورقة» من يد قوى «14 آذار» التي كانت تهاجم «حزب الله» على خلفية انخراطه في الدفاع عن النظام السوري على الارض.
* ان تورُّط «الاسلاميين»، الذي قيل انه يشكّل رأس «جبل جليد» انخراط على نطاق اوسع لعشرات الشبان اللبنانيين في الاحداث السورية، من باب «الواجب الشرعي» في الدفاع عن الشعب السوري في مقابل انخراط عناصر من «حزب الله» من باب «الواجب الجهادي» في دعم النظام السوري، يعني عملياً ان الصراع اللبناني انفجر على الارض السورية التي باتت «ساحة تقاتُل» للأطرف المتقابلين في لبنان الامر الذي يعكس حجم المخاطر التي قد تترتّب على مثل هذا التطور النوعي.
* ان أي جهة لم تتبنّ الوقوف وراء ارسال الاسلاميين الى سورية، الامر الذي يعني إما ان هؤلاء يتوجّهون بمبادرة فردية او ان احداً لا يجرؤ على التبني العلني لمثل هذه الخطوة التي تترك مضاعفات كبرى على المستوى الداخلي.
* علامات الاستفهام الي طُرحت حول مدى «الضرر» الذي سيلحقه الكمين للشبان الاسلاميين بملف المخطوفين اللبنانيين التسعة الشيعة الذين لا يزالون بعهدة «الجيش السوري الحر» منذ مايو الماضي، وسط مخاوف من ان يرتبط تسليم جثث الاسلاميين القتلى او المعتقلين منهم ببتّ قضية التسعة، الامر الذي لا يمكن توقُّع تداعياته على الساحة الطرابلسية التي تبدو كأنها تضع «الاصبع على الزناد».
ومن خلف خطوط هذه القراءات والمخاوف، جاء الواقع الميداني في طرابلس مقلقاً بعد ليل شهد إطلاق نار والقاء قنابل وانتشار مسلح في التبانة والشوارع المحيطة بها، مثل الغرباء والمنكوبين التي تردد ان بعض القتلى من ابنائها.
ومع تحرُّك وحدات الجيش اللبناني ميدانياً لمنْع تفاقم الموقف، ومسارعة نواب وقيادات المدينة لتهدئة الخواطر بانتظار جلاء صورة ما حدث، سادت شكوك في الروايات والمعلومات الصحافية الفورية التي وردت عن مقتل ما لا يقلّ عن 17 من الشبان الذين قُدر عددهم بما بين 21 و 30 كانوا غادروا طرابلس بعد صلاة فجر الجمعة دفعة واحدة الى أحد المعابر غير الشرعية في عكار عند الحدود اللبنانية ـ السورية.
وفي حين نُسب الى «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان مجموعة من 30 مقاتلاً وقعت صباح الجمعة في كمين لقوات النظام في بلدة تل صارين على طريق تلكلخ، وتلت ذلك اشتباكات، ناقلاً عن اهالي المنطقة وناشطين ان لا اثر للمقاتلين، و»لا نعرف ما اذا كانوا قتلوا او اسروا»، وبعد التقارير عن وجود 14 جثة في احد المستشفيات في محافظة حمص، انقشعت الصورة امس، في طرابلس على ترجيحات بأن عدد القتلى هو اربعة بعدما اجرى عدد من الذين نُشرت اسماؤهم على انهم من القتلى اتصالات بذويهم، في حين أكد النائب خالد الضاهر (نائب عكار) ان الضحايا الذين سقطوا هم اربعة وهناك معتقلان والباقون مفقودون او فارون.
وتضاربت الروايات حول ملابسات الكمين، اذ ذكرت تقارير ان نحو 30 شابا ينتمون الى تيارات اسلامية متشددة تسللوا عبر عكار مع آخرين من جنسيات غير لبنانية باتجاه بلدة تلكلخ، وأقاموا في منزل يعود لأحد قيادات المعارضة السورية في البلدة، استعدادا للانتقال الى العمق السوري للمشاركة مع مجموعات أخرى في عمل عسكري مقرر مسبقا ضد مواقع الجيش النظامي. الا ان المفاجأة تجلت في ان القوات النظامية السورية سبقت وصولهم بنصب كمين في المكان نفسه، وقع فيه الاسلاميون الثلاثون.
في المقابل، افادت تقارير ان الكمين نصبه سائق الحافلة التي اقلّت الاسلاميين الذين اتفقوا معه ليقلهم من الحدود اللبنانية - السورية الى داخل سورية، وبعدما عبروا الحدود اللبنانية حيث كان سائق الحافلة في انتظارهم، اقلّهم الاخير مسافة لا تتجاوز الكيلومترات الخمسة داخل الحدود السورية، قبل ان يعمد الى إيقاف الحافلة على جانب الطريق، وأطفأ محركها، ثم ترجل منها وفر هاربا الى جهة مجهولة، حيث فجأة، وقبل ان يدرك الشبان الطرابلسيون ما الذي يحصل، انهمر عليهم الرصاص من اتجاهات عدة ما أدى الى مقتل عدد غير محدد منهم.
ونفى «تيار المستقبل» وجود أي من مناصريه بين الاسلاميين حيث أكَّد النائب خالد الضاهر أنَّ «هؤلاء الشباب هم من باب التبانة كانوا يحاولون دخول سورية لمساندة الثوار ولا سيما بعد رؤيتهم دعم حزب الله للنظام». وأضاف: «الشباب لم يكونوا مسلحين وقُتلوا داخل الاراضي السورية وهم لا ينتمون لأي فريق سياسي وذهبوا في شكل فردي»، لافتاً الى أنَّ «مجزرة ارتكبت بحقهم وخصوصاً أنهم لم يكونوا مسلحين وهم حملوا أدوات طبية».


أسماء 17 لبنانياً
وقعوا في كمين تلكلخ

بيروت - «الراي»:
في ما يلي أسماء الذين تم تداول اسمائهم على انهم من «الاسلاميين اللبنانيين» الذين وقعوا في كمين الجيش السوري في تلكلخ:
عبد الرحمن الأيوبي، محمد الحاج، محمد طالب، محمد المير، الشقيقان حسن وإحسان سرور، رشيد سرور، سمير مهنا، محمد الرفاعي، يوسف أبو عريضة، عبد الحكيم عبد الناصر ابراهيم، بلال خضر الغول، وشابان من آل ديب عُرف منهما علي زياد الحاج ديب، محمد نبهان، عبد الرحمن الحسن وشخص من آل المرعبي لم تعرف كامل هويته.