لم تخرج مسيرة كرامة وطن الثالثة عن مسارها «الأمني» و«التنظيمي» عشية يوم الاستحقاق الانتخابي امس، لكنها شهدت حشدا تاريخيا لم يشهده الشارع الكويتي من قبل ومرت في نهاية المطاف بسلام، ومن دون غاز مسيّل للدموع أو دخان أو مصادمات أو جرحى.
المنطقة الفاصلة بين فندق «سفير» في بنيد القار وأبراج الكويت تحوّلت أمس لوحة برتقالية رسمها المشاركون في المسيرة بروح متحمسة من دون اعتراض من قبل وزارة الداخلية التي انحصر دورها في التنظيم ومراقبة الحدث من بعيد.
وبعد انتهاء المسيرة قال رئيس مجلس الامة السابق احمد السعدون: ان «الرسالة أصبحت واضحة من الشعب الكويتي برفض مرسوم الصوت الواحد» متمنيا ان «تستقبل هذه الرسالة ويستجاب الى رغبة الشعب بسحب المرسوم».
واضاف : «بعد هذه الجموع الشعبية لن يحصن مرسوم الصوت الواحد لا المحكمة الدستورية ولا المجلس المقبل»، لافتا الى ان «اسقاط المرسوم هو الخطوة الاولى لتحقيق الاصلاحات السياسية المنشودة». ووجه السعدون الشكر الى الحكومة «التي أدركت ان واجب القوى الأمنية مساندة المسيرة لا التصدي لها».
وكانت المسيرة انطلقت في الثالثة مساء، بترديد المشاركين فيها الأهازيج الوطنية، منادين بصوت مرتفع «واحد واحد ما نبي صوت واحد»، وايضا «الشعب يريد اسقاط المرسوم»، وسط اجراءات أمنية مشددة، فيما حلقت طائرة عمودية فوق المسيرة كانت تنقل صورة حية لغرفة العمليات.
واكتظت الساحة المقابلة لفندق سفير على شارع الخليج العربي بآلاف المواطنين تقدمهم عدد من النواب السابقين استجابة لدعوة منظمي مسيرة «كرامة وطن 3» في حين التأمت الجموع في الساحة المقابلة للفندق بعد أن كانوا في مجاميع متفرقة.
وتقدم المسيرة النواب السابقون احمد السعدون ومسلم البراك وفلاح الصواغ ومحمد الخليفة ومناور نقا وعلي الدقباسي وغيرهم حاملين رايات برتقالية ويافطات «كرامة وطن» وأمامهم سيارة حملت مكبرات صوت.
ودعا النائب السابق الدكتور فيصل المسلم «الى سحب مرسوم الصوت الواحد لتبدأ الكويت بعدها مشوار الاصلاح السياسي من خلال مجلس منتخب وفق القانون السابق الذي يمثل الامة»، متخوفا من «استمرار الانتخابات لأنها ستأتي بمجلس نخشى ان يعدل الدستور... وفي ظله سيتم التضييق على الحريات».
واشار المسلم الى ان «هذه المسيرة تعكس معدن وفزعة اهل الكويت، وما هي الا رسالة واضحة الى والد الجميع سمو الامير دون وسطاء أو مستشارين أو وزراء وإنما بشكل مباشروقد عبروا عن رفضهم وعدم قبولهم لتعديل آلية التصويت».
وزاد المسلم: «نتوقع تعديل المسار والرجوع الى الوضع السابق من خلال المجلس وسحب المرسوم»، مبينا ان «المقاطعة انطلقت منذ الاعلان عن المرسوم، من خلال المسيرات السابقة والعزوف عن حضور الندوات والفعاليات المختلفة للمرشحين».
وقال النائب السابق مسلم البراك من ساحة الابراج ان «عدد المشاركين في مسيرة (كرامة وطن 3) بلغ 200 ألف»، «معتبرا ان «إرادة الشعب الكويتي الحقيقية هنا و هي التي ستنتصر».
وردد البراك وهو يعتلي سيارة كانت تقود المسيرة في شارع الخليج والمواطنون خلفه «الهتافات الرافضة لمرسوم الصوت الواحد».
وقال البراك: «ارادة الشعب لا تزور، وإما نكون وإلا عسانا ما نكون»، مضيفا: «باسمكم جميعا أحيي نساء الكويت وأحرار الكويت الشرفاء».
وتابع : «سنعلن باسم الشعب وفاة مجلس الخيبة» مضيفا:» هنا الكويت هنا ارادة الامة ونحن شركاء حقيقيون في الحكم والمال العام».
وزاد: «مجلسنا مجلس احرار ومجلسهم مجلس العار»، داعيا «وسائل الاعلام العربية والعالمية الى تغطية ونقل الحدث بشكله الصحيح وليس اعلام محمد العبدالله».
وعلى هامش التجمع ايضا اعتبر النائب في مجلس 2012 المبطل أسامة الشاهين أن «حضور المواطنين وقيامهم بمسيرة للتعبير عن رفض الممارسات الحكومية، يمثل رسالة راقية من الشعب الكويتي رغم ما يتعرض له من تخوين بهدف ثني إرادته».
وقال الشاهين ان «السلطة استخدمت الفتاوى الدينية والمنابر والرموز الوطنية وكل ذلك لم ينجح في كسر إرادة المعترضين الطامحين بغد أفضل»، ودعا السلطة الى «قراءة هذا الاعتراض» آملا أن «تلقى إرادة الشعب الأذن الصاغية لها ولمطالبها العادلة».
ورأى الشاهين ان «الحكومة تراهن على كسب الوقت حتى تعطي للمجلس المقبل الفرصةلإمرار المشاريع المليارية التي صدرت وفق مراسيم الضرورة كتخصيص الكويتية وحل مشكلة الحدود مع العراق وغيرها من المراسيم».
بدوره، اعتبر النائب السابق الدكتور جمعان الحربش أن حضور المسيرة كان تاريخيا، وهو رسالة من الشعب برفض المجلس المسخ الذي يراد له أن يأتي رغم أنف الكويتيين» مطالبا «الحكومة بسرعة الاستجابة إلى مطالب الشعب المستحقة وتحقيقها بعيدا عن الممارسات المخالفة للدستور».
وقال الدكتور عادل الدمخي ان «مشاركة المواطنين اليوم ماهي الا مقياس حقيقي لمدى رفض الشعب لمرسوم الصوت الذي لا يعبر عن إرادتها وطموحها في برلمان يمثل الإرادة الحقيقية للكويتيين»، مشددا على أن «المسيرة سيكون لها ردة فعل باتجاهين الأول منهما يتعلق بالمواطنين المترددين في المقاطعة، إذ سيتبينون من حجمها الحقيقي بعد الحضور الواسع والكبير من قبل إخوانهم في حين أن الثاني منها يتعلق بالحكومة التي لم يعد أمامها من خيار سوى الاستجابة السريعة للمطالبات الدستورية التي يحملها المواطنون «
ودعا الحكومة الى «رؤية الطرف الثاني بصورته الحقيقية النابعة من إحساسه وشعوره الوطني وان من يمثلها لا يسير من أناس معينيين وان ما يحصل اليوم هو ردة فعل غاضبة ضد النهج العبثي».
وفي سياق آخر كشفت مصادر أمنية لـ «الراي» ان وزارة الداخلية اعدت خطة امنية من ثلاثة محاور للتعامل مع المسيرة تمثلت بالمراقبة الحية من خلال كاميرات سجلت مباشرة الصورة ونقلتها الى غرفة العمليات بهدف رصد مثيري الشغب وهذا من اختصاص امن الدولة.
وبينت المصادر ان «المحور الاخر تمثل بالانتشار الامني من امن عام ودوريات ومرور لتأمين المسيرة، وهذا كان من اختصاص الامن العام،ومحور ثالث فيه غرفة عمليات للقوات الخاصة والحرس الوطني والجيش وهو للتدخل عند الطوارئ في حال الاخلال وعدم الالتزام بشروط المسيرة وهي كانت بقيادة الامن الخاص».