| زين الشامي |
منذ أيام تحدث الجراح الفرنسي «جاك بيريه» عن بعض مشاهداته في مدينة حلب التي زارها وساعد العشرات من عناصر الجيش السوري الحر ومقاتلي المعارضة المسلحة هناك الذين تعرضوا لإصابات دامية خلال قتالهم مع قوات نظام الرئيس بشار الاسد. هذا الجراح الفرنسي كان قد زار مدينة حمص ومحافظة ادلب قبل أشهر وقدم خدمات طبية للمقاتلين هناك وللأهالي أيضا ممن تعرضوا لاصابات بقذائف ورصاص قوات الجيش السوري النظامي. وبعد زيارته لحمص وادلب عمل «جاك بيريه» على تكذيب تلك الروايات التي تتحدث عن وجود مقاتلين اجانب بين المعارضة السورية المسلحة، كانت مشاهداته صادقة ففي ذلك الوقت حاول النظام تخويف الرأي العام العالمي عبر تصوير ما يجري في سورية مجرد حرب يشنها النظام ضد تنظيمات إرهابية وعناصر القاعدة التي عرفت طريقها الى سورية، لكن شهادة الجراح الفرنسي بددت مساعي اعلام النظام وبعض القوى الإقليمية والدولية الحليفة له لتشويه الثورة السورية.
على هذه الخلفية وبناء على موضوعية وحيادية رجل مثل «جاك بيريه» يجب علينا ان نقرأ جيدا ما قاله أخيرا عن انطباعاته وما رآه في حلب. علينا ان نأخذ ذلك بكل جدية لَأن تجاهله سيضر كثيرا بمسار وسمعة الثورة السورية. لكن ماذا قال هذا الجراح الفرنسي الذي يعتبر احد المؤسسين لمنظمة اطباء بلا حدود بعد زيارة حلب؟ لقد قال حرفيا إن مقاتلين اسلاميين يسعون لتحويل سورية الى دولة دينية وهم يتزايدون في صفوف المعارضة المسلحة التي تقاتل لاسقاط الرئيس بشار الأسد ويعتقدون انهم يخوضون حربا مقدسة، مشيرا الى ان نحو 60 في المئة ممن عالجهم هذه المرة كانوا من مقاتلي المعارضة وان نصفهم على الأقل ليسوا سوريين؟؟ واستغرب «بيريه» حين سمع بعضهم يقول انه ليس مهتما بسقوط بشار الأسد بل «بكيفية الاستيلاء على السلطة بعد ذلك وإقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة لتصبح جزءا من الإمارة العالمية.»
ان هذه المشاهدات تعكس واقعا جديدا على الارض على الجميع خصوصا في المعارضة السورية والجيش الحر الانتباه اليه جيدا، لأن مخاطره لا تتعلق فقط بسمعة الثورة السورية بل بمآلها ومستقبل سورية والمنطقة عموما.
لكن من ناحية ثانية يجب ان نعلم ان الثورة السورية لم تكن كذلك أبدا ولم تدخلها عناصر متطرفة وخارجية بحجة الجهاد الا في الأشهر الاخيرة بعد مرور وقت طويل على صمت العالم وعجز المجتمع الدولي والقوى الكبرى في مجلس الأمن عن اتخاذ اي مبادرة عملية لوقف القتل والمذابح التي ترتكب بحق الشعب السوري، وبعد اليأس من امكانية الحصول على مساعدة خارجية وبعد شعور الكثير من السوريين ان الولايات المتحدة وحلف الناتو والجامعة العربية قد تركوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم. ان الشعارات التي رفعها السوريون في تظاهراتهم ايام الجمع والتي قالوا فيها «يا الله ما لنا غيرك يا الله» تعبر عن تخلي العالم عن السوريين في محنتهم الانسانية ومعركتهم من اجل الحرية.
الشعب السوري خسر عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من اللاجئين وهو، من دون شك، الخاسر الأكبر في كل ما يحدث الآن، وان هذا الشعب من الطبيعي بعد كل هذه الخسائر ألا يقول لا او يرفض اي شكل من اشكال المساعدة حتى لو اتت من عناصر واشخاص معرفين بتطرفهم العقائدي او كان لهم تجارب مع تنظيم القاعدة. ان ذلك ليس خطأ السوريين بل خطأ الولايات المتحدة والقوى الكبرى التي لم تكترث كثيرا لحجم القتل وحجم المأساة الانسانية في سورية.
ان الولايات المتحدة على المدى الاستراتيجي تخسر كثيرا جراء مبدأ ونهج «القيادة من الخلف» الذي تتبعه في التعامل مع الحالة السورية، ان هذا النهج كلفته عشرات الآلاف من الضحايا وربما حربا طائفية داخلية. فوق ذلك سوف لن ينسى السوريون ان الولايات المتحدة شجعتهم على الذهاب بعيدا في ثورتهم ضد الديكتاتورية لكنها تركتهم وحيدين حين انهالت عليهم وعلى مدنهم قذائف النظام وحين ارتكبت بحقهم المجازر الوحشية.
منذ أيام تحدث الجراح الفرنسي «جاك بيريه» عن بعض مشاهداته في مدينة حلب التي زارها وساعد العشرات من عناصر الجيش السوري الحر ومقاتلي المعارضة المسلحة هناك الذين تعرضوا لإصابات دامية خلال قتالهم مع قوات نظام الرئيس بشار الاسد. هذا الجراح الفرنسي كان قد زار مدينة حمص ومحافظة ادلب قبل أشهر وقدم خدمات طبية للمقاتلين هناك وللأهالي أيضا ممن تعرضوا لاصابات بقذائف ورصاص قوات الجيش السوري النظامي. وبعد زيارته لحمص وادلب عمل «جاك بيريه» على تكذيب تلك الروايات التي تتحدث عن وجود مقاتلين اجانب بين المعارضة السورية المسلحة، كانت مشاهداته صادقة ففي ذلك الوقت حاول النظام تخويف الرأي العام العالمي عبر تصوير ما يجري في سورية مجرد حرب يشنها النظام ضد تنظيمات إرهابية وعناصر القاعدة التي عرفت طريقها الى سورية، لكن شهادة الجراح الفرنسي بددت مساعي اعلام النظام وبعض القوى الإقليمية والدولية الحليفة له لتشويه الثورة السورية.
على هذه الخلفية وبناء على موضوعية وحيادية رجل مثل «جاك بيريه» يجب علينا ان نقرأ جيدا ما قاله أخيرا عن انطباعاته وما رآه في حلب. علينا ان نأخذ ذلك بكل جدية لَأن تجاهله سيضر كثيرا بمسار وسمعة الثورة السورية. لكن ماذا قال هذا الجراح الفرنسي الذي يعتبر احد المؤسسين لمنظمة اطباء بلا حدود بعد زيارة حلب؟ لقد قال حرفيا إن مقاتلين اسلاميين يسعون لتحويل سورية الى دولة دينية وهم يتزايدون في صفوف المعارضة المسلحة التي تقاتل لاسقاط الرئيس بشار الأسد ويعتقدون انهم يخوضون حربا مقدسة، مشيرا الى ان نحو 60 في المئة ممن عالجهم هذه المرة كانوا من مقاتلي المعارضة وان نصفهم على الأقل ليسوا سوريين؟؟ واستغرب «بيريه» حين سمع بعضهم يقول انه ليس مهتما بسقوط بشار الأسد بل «بكيفية الاستيلاء على السلطة بعد ذلك وإقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة لتصبح جزءا من الإمارة العالمية.»
ان هذه المشاهدات تعكس واقعا جديدا على الارض على الجميع خصوصا في المعارضة السورية والجيش الحر الانتباه اليه جيدا، لأن مخاطره لا تتعلق فقط بسمعة الثورة السورية بل بمآلها ومستقبل سورية والمنطقة عموما.
لكن من ناحية ثانية يجب ان نعلم ان الثورة السورية لم تكن كذلك أبدا ولم تدخلها عناصر متطرفة وخارجية بحجة الجهاد الا في الأشهر الاخيرة بعد مرور وقت طويل على صمت العالم وعجز المجتمع الدولي والقوى الكبرى في مجلس الأمن عن اتخاذ اي مبادرة عملية لوقف القتل والمذابح التي ترتكب بحق الشعب السوري، وبعد اليأس من امكانية الحصول على مساعدة خارجية وبعد شعور الكثير من السوريين ان الولايات المتحدة وحلف الناتو والجامعة العربية قد تركوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم. ان الشعارات التي رفعها السوريون في تظاهراتهم ايام الجمع والتي قالوا فيها «يا الله ما لنا غيرك يا الله» تعبر عن تخلي العالم عن السوريين في محنتهم الانسانية ومعركتهم من اجل الحرية.
الشعب السوري خسر عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من اللاجئين وهو، من دون شك، الخاسر الأكبر في كل ما يحدث الآن، وان هذا الشعب من الطبيعي بعد كل هذه الخسائر ألا يقول لا او يرفض اي شكل من اشكال المساعدة حتى لو اتت من عناصر واشخاص معرفين بتطرفهم العقائدي او كان لهم تجارب مع تنظيم القاعدة. ان ذلك ليس خطأ السوريين بل خطأ الولايات المتحدة والقوى الكبرى التي لم تكترث كثيرا لحجم القتل وحجم المأساة الانسانية في سورية.
ان الولايات المتحدة على المدى الاستراتيجي تخسر كثيرا جراء مبدأ ونهج «القيادة من الخلف» الذي تتبعه في التعامل مع الحالة السورية، ان هذا النهج كلفته عشرات الآلاف من الضحايا وربما حربا طائفية داخلية. فوق ذلك سوف لن ينسى السوريون ان الولايات المتحدة شجعتهم على الذهاب بعيدا في ثورتهم ضد الديكتاتورية لكنها تركتهم وحيدين حين انهالت عليهم وعلى مدنهم قذائف النظام وحين ارتكبت بحقهم المجازر الوحشية.