| علي الرز |
ما كان ينقص بشار الأسد في ظهوره التلفزيوني الأخير الا أن يخاطب السوريين بالقول: «مَن انتم؟». فهو نزع عنهم كل الصفات الإنسانية والوطنية والحضارية وحصَرهم في خانة الإرهاب والعمالة والخيانة، محدداً استراتيجية «التنظيف» شعاراً للمرحلة المقبلة.
يعيش الطغاة أسرى التماهي مع الدولة والتاريخ والوطن، فبشار هو سورية تماماً كما كان القذافي هو ليبيا وكما كان صدام حسين هو العراق. ايّ حديثٍ عن تنحيهم يعني مؤامرة كونية ينفذها عملاء او جرذان او جراثيم ولا بد من تطهير البلد منهم او «تنظيفه» على ما ذهب اليه الديكتاتور السوري. الوطني هو مَن يمجّده وينخرط في أجهزته الدموية، والخائن هو مَن يدعو الى التغيير ولو بالتظاهر السلمي او كتابة مقال.
كان هتلر يرى ان نصف الالمان لا يستحقون العيش لأنهم عالة على أبناء «العرق المستنير»، وكان صدام يرى في إبادة المعترضين، ولو كانوا بالملايين، نصرة للوطنيين وللوطن، وكان القذافي يمنّ على الليبيين بأنهم يعيشون في كنفه ولم يجد غضاضة بإعطاء الأوامر بحرق بنغازي برمّتها عندما بدأت الثورة «فلا مكان للجرذان بيننا»، اما بشار وهو ابن مدرسة القهريْن (البطيء والسريع)، فقد شخّص المتظاهرين في البداية بأنهم جراثيم ثم قرّر ما أسماه الجراحة الضرورية ثم اعتمد استراتيجية «التنظيف» لتطهير سورية.
غابت صور الضحايا عن حديث بشار الأسد الأخير. اعتبرهم جزءاً من التنظيف. غابت المجازر التي تُرتكب يومياً بأياد معروفة وموثّقة. اعتبرها جزءاً من التنظيف.
غابت عمليات الذبح بالسكاكين للاطفال والنساء والرجال والكهول. اعتبرها جزءاً من التنظيف وإن كان يبتسم في قرارة نفسه لولاء مرتكبيها الذين يهتفون باسمه ويمجّدونه ويسألون الضحية قبل ذبحها: «بدكن حرية؟». غابت التظاهرات الممنوعة والأصوات المقموعة والقلوب المفجوعة. غاب المعتقَلون وهم بمئات الآلاف. غاب المهجَّرون. غاب اللاجئون. غابت سورية الوطن وبقيت سورية الأسد.
ما قاله الأسد في حديثه الاخير يُختصر بالعبارة التالية: «كل الدمار والقتل الذي شاهدتموه لا يُقارَن بالدمار والقتل الذي ستشاهدونه». يريد للمنشقّين ان يهربوا من الجحيم باسم التنظيف، وللإبادة الجماعية ان تحصل باسم التنظيف، وللنحر ان يحصل باسم التنظيف، وللمجزرة ان تحصل باسم التنظيف. لا مشكلة لديه في ان يعود عدد سكان سورية الى ما كان عليه عندما استلم والده الحكم ما دامت نظرية «تخفيف العبء البشري» التي شكلت ثقافة الطغاة جزءاً من ثقافته وثقافة «البعث»، وما دام الدفاع عن بقائه في السلطة هو دفاع عن البلد ووجوده وكيانه وتاريخه ومستقبله... أتباعه يصدّقون ذلك ويؤمنون به أكثر من إيمانهم بالشرائع السماوية والمدنية.
«عَ السكين يا بشار»... ترجمها بالأمس وزير إعلامه وهو يقلّد القذافي إنما بالنسخة السورية. بدل تطهير ليبيا «شبر شبر ودار دار وبيت بيت وزنقة زنقة» قال عمران الزعبي ان القوات المسلحة ستواصل عملياتها «حي حي وقرية قرية ومدينة مدينة»... عمليات بطعم التطهير والإبادة، واستراتيجية بعنوان «نحر وطن»، وأزمنة بلون المجازر.
وميض السكاكين لن يعيد السوريين الى بيت الطاعة... بيت الأسد، وأقصر الطرق الى الحلّ ان يغادر الأخير بيته الى حيث يستحقّ.
ما كان ينقص بشار الأسد في ظهوره التلفزيوني الأخير الا أن يخاطب السوريين بالقول: «مَن انتم؟». فهو نزع عنهم كل الصفات الإنسانية والوطنية والحضارية وحصَرهم في خانة الإرهاب والعمالة والخيانة، محدداً استراتيجية «التنظيف» شعاراً للمرحلة المقبلة.
يعيش الطغاة أسرى التماهي مع الدولة والتاريخ والوطن، فبشار هو سورية تماماً كما كان القذافي هو ليبيا وكما كان صدام حسين هو العراق. ايّ حديثٍ عن تنحيهم يعني مؤامرة كونية ينفذها عملاء او جرذان او جراثيم ولا بد من تطهير البلد منهم او «تنظيفه» على ما ذهب اليه الديكتاتور السوري. الوطني هو مَن يمجّده وينخرط في أجهزته الدموية، والخائن هو مَن يدعو الى التغيير ولو بالتظاهر السلمي او كتابة مقال.
كان هتلر يرى ان نصف الالمان لا يستحقون العيش لأنهم عالة على أبناء «العرق المستنير»، وكان صدام يرى في إبادة المعترضين، ولو كانوا بالملايين، نصرة للوطنيين وللوطن، وكان القذافي يمنّ على الليبيين بأنهم يعيشون في كنفه ولم يجد غضاضة بإعطاء الأوامر بحرق بنغازي برمّتها عندما بدأت الثورة «فلا مكان للجرذان بيننا»، اما بشار وهو ابن مدرسة القهريْن (البطيء والسريع)، فقد شخّص المتظاهرين في البداية بأنهم جراثيم ثم قرّر ما أسماه الجراحة الضرورية ثم اعتمد استراتيجية «التنظيف» لتطهير سورية.
غابت صور الضحايا عن حديث بشار الأسد الأخير. اعتبرهم جزءاً من التنظيف. غابت المجازر التي تُرتكب يومياً بأياد معروفة وموثّقة. اعتبرها جزءاً من التنظيف.
غابت عمليات الذبح بالسكاكين للاطفال والنساء والرجال والكهول. اعتبرها جزءاً من التنظيف وإن كان يبتسم في قرارة نفسه لولاء مرتكبيها الذين يهتفون باسمه ويمجّدونه ويسألون الضحية قبل ذبحها: «بدكن حرية؟». غابت التظاهرات الممنوعة والأصوات المقموعة والقلوب المفجوعة. غاب المعتقَلون وهم بمئات الآلاف. غاب المهجَّرون. غاب اللاجئون. غابت سورية الوطن وبقيت سورية الأسد.
ما قاله الأسد في حديثه الاخير يُختصر بالعبارة التالية: «كل الدمار والقتل الذي شاهدتموه لا يُقارَن بالدمار والقتل الذي ستشاهدونه». يريد للمنشقّين ان يهربوا من الجحيم باسم التنظيف، وللإبادة الجماعية ان تحصل باسم التنظيف، وللنحر ان يحصل باسم التنظيف، وللمجزرة ان تحصل باسم التنظيف. لا مشكلة لديه في ان يعود عدد سكان سورية الى ما كان عليه عندما استلم والده الحكم ما دامت نظرية «تخفيف العبء البشري» التي شكلت ثقافة الطغاة جزءاً من ثقافته وثقافة «البعث»، وما دام الدفاع عن بقائه في السلطة هو دفاع عن البلد ووجوده وكيانه وتاريخه ومستقبله... أتباعه يصدّقون ذلك ويؤمنون به أكثر من إيمانهم بالشرائع السماوية والمدنية.
«عَ السكين يا بشار»... ترجمها بالأمس وزير إعلامه وهو يقلّد القذافي إنما بالنسخة السورية. بدل تطهير ليبيا «شبر شبر ودار دار وبيت بيت وزنقة زنقة» قال عمران الزعبي ان القوات المسلحة ستواصل عملياتها «حي حي وقرية قرية ومدينة مدينة»... عمليات بطعم التطهير والإبادة، واستراتيجية بعنوان «نحر وطن»، وأزمنة بلون المجازر.
وميض السكاكين لن يعيد السوريين الى بيت الطاعة... بيت الأسد، وأقصر الطرق الى الحلّ ان يغادر الأخير بيته الى حيث يستحقّ.