علي الرز

سواء كان هدف خطف الكويتي عصام الحوطي في لبنان الابتزاز المالي، او توجيه رسالة سياسية. سواء كان الخاطف لصا او مجرما او منحرفا. سواء كان لبنانيا يعمل مع حزب أو حركة أو تجمع أو عشيرة أو عائلة أو تنظيم، وسواء كان لبنانيا عميلا تافها لدى المخابرات السورية الأتفه، وسواء كان سوريا... مهما كانت الهوية او الهدف، فشلت يده وقطعت، ولا بد من محاسبته حسابا عسيرا، هو ومن أمره أو حرضه أو وجهه، أو تقاعس عن حوادث اخرى سبقته.
أقبح ما في بعض اللبنانيين راهنا، انهم اضاعوا الرشد وهم يبحثون عن تبريرات لنظام قاتل وخطاب يائس وأفق بائس. تاهوا بين مجازر الحليف والشقيق والداعم، وخانوا كل المبادئ التي كانوا يتشدقون بها وسقطوا عند اول امتحان. ظهرت تبعيتهم العمياء لذابح الاطفال، وهم الذين أشعلوا الحروب دفاعا عن الارض والعرض وحق الحياة ومستقبل الاطفال... وهذا الضياع اشاع مناخا من الهذيان والجنون ضد الدول العربية، وتحديدا الخليجية، التي وقفت فعلا الى جانب لبنان وآمنت به وبرسالته وحيوية شعبه، فقط لان هذه الدول انحازت الى الضحية، في الموضوع السوري، لا الى الجلاد.
سيقول البعض: «لا تكبروا المسألة فقد يكون الموضوع شخصيا». انما على المتحدث الا ينسى ان ضياع حلفاء سورية في لبنان ادى الى ضياع الحكم الذي سيطروا عليه بفائض السلاح والى شلل الحكومة التي حكموها بالقمصان السود وجعلوها من لون واحد. وعلى المتحدث الا ينسى ان الحكومة التي تتفرج على قطع الطرق وخطف العمال السوريين الابرياء ورجال الاعمال الاتراك، وتراقب ببلاهة - ومن دون أي رد فعل - كلام من يملك عشرة وزراء فيها عن ان دول الخليج هي دول الشر ولا تريد الخير للبنان، وتشنف آذانها بالاستماع الى مسلحين يقطعون طريق المطار ويدعون، على الهواء مباشرة، الى خطف الخليجيين وطردهم من دون ان تحاسب احدا منهم او من قياداتهم... هي حكومة تشجع أي فرد على الخطف ولو بنية الابتزاز وطلب الفدية.
الموضوع شخصي ام سياسي؟ لا يهم. المهم ان من رضي الارتهان لحزب السلاح والمحور الايراني السوري، عليه ان يتحمل مسؤولية المناخ الذي ادى الى خطف الكويتي، وقبله التركي وقبله السوري، والايام المقبلة لا تبشر بالخير. عليه ان يدرك ان السماح بتفجير الغرائز على الهواء مباشرة، واطلاق التهديدات بلا حساب، سيشجع أي كان على خطف أي كان.
ماذا فعلت الكويت للبنان غير الخير بكل أهله؟ عندما كان الآخرون يرسلون السلاح لكل الميليشيات كي تتقاتل على جسد الوطن، كانت الكويت ترسل الدعم المالي والانمائي والاعماري والاستشفائي والانساني. كانت تقود المبادرات السياسية للجمع والتوفيق بين المتصارعين مفككة الغام التدخلات الخارجية بصبر كبير، بل ومتحملة احيانا اذى هذه التدخلات. وماذا فعل الخليجيون للبنان، غير المؤازرة والدعم واحتضان ابنائه وتأمين فرص العمل والعيش اللائق لهم؟ هل فقد بعض اللبنانيين رشدهم لمجرد ان دول الخليج وقفت ضد بشار الاسد؟ هل يريدون تدمير وطنهم وانهيار الهيكل على رؤوس اللبنانيين، بينما «قائدهم» في دمشق يتوسل الوساطات مع الاميركي والاسرائيلي والروسي والايراني، لتأمين خروج يضمن له عدم المحاسبة على ذبحه عشرات آلاف السوريين الأبرياء؟
عار بعض اللبنانيين كبير... وضمانتهم الوحيدة هي الوقوف مع الحق، والانحياز لثورة الشعب السوري العظيم، ومبادلة الخير الكويتي والخليجي بالوفاء. أما الانتحار عند قارب الهارب في بحر الدم، فلن يفيدهم ولن يفيده.

Alirooz@hotmail.com
/