أضرب القانونيون في وزارة العدل وتعطلت أعمال المحامين، والمراجعين في وزارة العدل والمحاكم نظراً لعدم مساواتهم بنظرائهم الموظفين في النيابة والفتوى والتشريع والتحقيقات... الحكومة سبق أن طنشت القانونيين ومطالبهم مرات عدة، لذلك فإضرابهم جاء بعد أن سدت جميع الأبواب في وجوههم وتيقنوا أنه لا فائدة مرجوة من المطالبات الودية بحقوقهم، بعض المسؤولين في وزارة العدل اعتقدوا أن سياسة الترهيب ستجدي نفعاً، إلا أن وزير العدل كما سمعت أعلن بعد ذلك تفهمه لمطالب القانونيين.
انني أرى أن مطالب القانونيين مشروعة ونحن معهم لأنه وببساطة الدستور الكويتي ساوى بين المواطنين في الحقوق والواجبات. ولا يوجد نص واحد به يجيز التفرقة بينهم. لذلك إن لم تقم الحكومة بمنح جميع القانونيين كادراً واحداً على مسطرة واحدة فإن الوضع سيتأزم أكثروأكثر، وهذا ما جعل معظم العاملين في الحكومة يعلنون إضراباً هنا وهناك، فقد اعتادت الحكومة على أن تترك قضاياها ومشاكلها معلقة ومركونة على الرف البعيد إلى أن تجد نفسها عاجزة عن مواجهة المشاكل عندما تتفاقم مرة واحدة...
لقد مارست الحكومة بسبب الفساد المستشري والواسطة والمحسوبية وسياسة فرق تسد وكأنها توزع صكوك الغفران على المواطنين. فبالنسبة للقانونيين أي خريجي كلية الحقوق فقد تعاملت معهم بطريقة غريبة عجيبة، فلم يكن اسلوب اختيار القانونيين في أماكن مهمة يعتمد على العدالة من حيث نسبة ودرجة النجاح، بل على الواسطة، والمتفوق الذي لا يملك الواسطة فمهما علت درجته لن يحلم أبداً في سماع كلمة مقبول في هذه الأماكن، ومن لديه ذراع في الحكومة فهو ومنذ سنة أولى حقوق قد ضمن وظيفته... وإن كانت هذه هي سياسة الحكومة بالتفرقة بين أبنائها فعلى الأقل يجب ألا تزيد ظلمها على المظلوم، فمن غير المعقول أن من يعّين في إدارة الفتوى والتشريع يحصل على امتيازات لا حدود لها، بينما من يتم رفضه يحرم حتى من مسمى محامٍ في وزارات الدولة، وهذا هو السؤال الموجه للحكومة... لماذا قانوني يحصل على امتيازات لا حدود لها بينما قانوني آخر، وربما يكون حاصلاً على نسبة أعلى، معدوم من أي امتيازات أو حقوق أو حتى من مسمى محامٍ، بينما الاثنان يعملان في جهات حكومية وفي ساعات متساوية في اليوم!
لذلك أرى أن على الدولة أن تعامل جميع القانونيين بمسطرة واحدة وكادر واحد، باستثاء كادر القضاء الذي يحمل عبئاً قضائياً.

ملحوظة
بما أن بلدية الكويت هي بوابة الفساد في الحكومة ففي الثمانينات وفي الإدارة القانونية للبلدية تجد أن طالبين كويتيين يتخرجان معاً في كلية الحقوق أحدهما يُعيّن على الكادر ويحصل على امتيازات وراتب جيد، والثاني يُعيّن في الإدارة ذاتها بمسمى باحث قانوني لا يحصل على أي امتياز، هذه التفرقة بسبب الفساد والمحسوبية والواسطة طبقتها الحكومة على جميع وزاراتها، ففي الغالب الحكومات الناجحة تطبق التجارب الناجحة أما حكومتنا فتطبق التجارب الفاشلة.


فوزية سالم الصباح
محامية وكاتبة
Alsabah700@hotmail.com