صدرت بعد توقف دام 8 سنوات، المجلة الفكرية العريقة «الطريق»، والتي يرأس تحريرها المفكر اللبناني محمد دكروب، وهي مجلة فصلية أسسها انطوان تابت عام 1941، أي قبل ما يقرب من 70 عاماً، وقد كتب في هذه المجلة منذ صدورها، العديد من المثقفين والمفكرين العرب، مثل حسين مروة، ومهدي عامل، وكريم مروة، ومحمود أمين العالم، وغيرهم.
ولعل مجلة الطريق، كانت من أثرى المجلات الفكرية العربية، والتي أحتفظ منها بأعداد صدرت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وأدين لها بالفضل بتعلمي وتثقيفي منذ سنوات الشباب، وتوقفها شكل نقصاً حاداً في المطبوعة الفكرية العربية، إذا أضفنا لهذا تقطع صدور مجلة «قضايا فكرية»، التي كان يرأس تحريرها المفكر المصري المرحوم «محمود أمين العالم»، فغابت عن ساحتنا الثقافية والفكرية، كتابات وحوارات رائعة، كانت تبلور رؤانا وفكرنا التقدمي.
وفي الوقت الذي تستمر فيه بعض المجلات والدوريات غير المشبعة، أو الموجهة توجيهاً رجعياً، تستمر فيه بالصدور والتمويل، تعاني المجلات الفكرية العميقة من نقص في التمويل، بينما لا تعاني من نقص في الأقلام، التي تلدها ساحتنا العربية.
وقد كنت أخشى في يوم من الأيام، أن نفقد أقلاماً مفكرة ومهمة، كما فقدنا الشهيدين حسين مروة ومهدي عامل، اللذين اغتالتهما يد الغدر، إضافة إلى وفاة المفكر الصديق محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس، كما بلغ المفكر اللبناني محمد دكروب 83 عاماً، رغم انه ما زال يتمتع بروحه الشبابية والنضالية الوثابة.
وقد حالفني الحظ قبل أسبوعين أو ثلاثة، بلقاء الأستاذ محمد دكروب في بيروت، والذي تكرم وأهداني بضع نسخ من الطريق، بعد استئناف صدورها، وقبل أن تنزل إلى الأسواق اللبنانية والعربية، وعندما سألته عن صحته، حيث كان يعاني من مشكلات صحية لها علاقة بكبر سنه، قال لي صحتي أفضل بكثير، خاصة بعد صدور الطريق، وطلب مني طلبين، الأول مساهمة الكتاب الكويتيين في المجلة، التي خلت من الأسماء الكويتية طوال السبعين عاماً الماضية، والطلب الثاني هو مساهمة المؤسسات والشخصيات الثقافية الكويتية، عن طريق الاشتراكات السنوية والتبرعات إن أمكن، ومن خلال هذا المقال أدعو الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ورابطة الأدباء وجمعية الخريجين، والشخصيات المهتمة بالشأن الثقافي والفكري والفني، دعم هذه المجلة العربية الفكرية النادرة، سواء بالكتابة فيها، أو بالاشتراك السنوي الزهيد.
وقد احتوى هذا العدد على ملف مهم جداً، وهو «في خصوصية ثورتي تونس ومصر والانتفاضات الشعبية»، ساهم به 14 باحثاً ومفكراً عربياً، مثل سمير أمين، وصادق جلال العظم، وسلامة كيلة، وفيصل دراج وغيرهم.
كما جاء باب «طريق الأدب والفن» غنياً ومنوعاً، كتب فيه مرسيل خليفة وشوقي بزيع وروجيه عساف ومحمد ملص وغيرهم، لكن ما لفت نظري في هذا الباب، هو موهبة الموسيقار مرسيل خليفة الأدبية، لقد استمعت من قبل إلى موسيقاه وأحاديثه، وأدرك كم هو فنان مثقف، لكني للمرة الأولى اقرأ له نثراً جميلاً، يدل على تطور أداته الفنية والأدبية.
فإن تقرأ لهذا الكم من الأقلام الثقيلة في مطبوع واحد، هو بالتأكيد جرعة منشطة في هذه الأجواء القاحلة فكرياً، وأظن أن النهوض والانتعاش في هذه المرحلة، طال الشعوب، وأعاد الفكر التقدمي إلى الصدارة.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
ولعل مجلة الطريق، كانت من أثرى المجلات الفكرية العربية، والتي أحتفظ منها بأعداد صدرت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وأدين لها بالفضل بتعلمي وتثقيفي منذ سنوات الشباب، وتوقفها شكل نقصاً حاداً في المطبوعة الفكرية العربية، إذا أضفنا لهذا تقطع صدور مجلة «قضايا فكرية»، التي كان يرأس تحريرها المفكر المصري المرحوم «محمود أمين العالم»، فغابت عن ساحتنا الثقافية والفكرية، كتابات وحوارات رائعة، كانت تبلور رؤانا وفكرنا التقدمي.
وفي الوقت الذي تستمر فيه بعض المجلات والدوريات غير المشبعة، أو الموجهة توجيهاً رجعياً، تستمر فيه بالصدور والتمويل، تعاني المجلات الفكرية العميقة من نقص في التمويل، بينما لا تعاني من نقص في الأقلام، التي تلدها ساحتنا العربية.
وقد كنت أخشى في يوم من الأيام، أن نفقد أقلاماً مفكرة ومهمة، كما فقدنا الشهيدين حسين مروة ومهدي عامل، اللذين اغتالتهما يد الغدر، إضافة إلى وفاة المفكر الصديق محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس، كما بلغ المفكر اللبناني محمد دكروب 83 عاماً، رغم انه ما زال يتمتع بروحه الشبابية والنضالية الوثابة.
وقد حالفني الحظ قبل أسبوعين أو ثلاثة، بلقاء الأستاذ محمد دكروب في بيروت، والذي تكرم وأهداني بضع نسخ من الطريق، بعد استئناف صدورها، وقبل أن تنزل إلى الأسواق اللبنانية والعربية، وعندما سألته عن صحته، حيث كان يعاني من مشكلات صحية لها علاقة بكبر سنه، قال لي صحتي أفضل بكثير، خاصة بعد صدور الطريق، وطلب مني طلبين، الأول مساهمة الكتاب الكويتيين في المجلة، التي خلت من الأسماء الكويتية طوال السبعين عاماً الماضية، والطلب الثاني هو مساهمة المؤسسات والشخصيات الثقافية الكويتية، عن طريق الاشتراكات السنوية والتبرعات إن أمكن، ومن خلال هذا المقال أدعو الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ورابطة الأدباء وجمعية الخريجين، والشخصيات المهتمة بالشأن الثقافي والفكري والفني، دعم هذه المجلة العربية الفكرية النادرة، سواء بالكتابة فيها، أو بالاشتراك السنوي الزهيد.
وقد احتوى هذا العدد على ملف مهم جداً، وهو «في خصوصية ثورتي تونس ومصر والانتفاضات الشعبية»، ساهم به 14 باحثاً ومفكراً عربياً، مثل سمير أمين، وصادق جلال العظم، وسلامة كيلة، وفيصل دراج وغيرهم.
كما جاء باب «طريق الأدب والفن» غنياً ومنوعاً، كتب فيه مرسيل خليفة وشوقي بزيع وروجيه عساف ومحمد ملص وغيرهم، لكن ما لفت نظري في هذا الباب، هو موهبة الموسيقار مرسيل خليفة الأدبية، لقد استمعت من قبل إلى موسيقاه وأحاديثه، وأدرك كم هو فنان مثقف، لكني للمرة الأولى اقرأ له نثراً جميلاً، يدل على تطور أداته الفنية والأدبية.
فإن تقرأ لهذا الكم من الأقلام الثقيلة في مطبوع واحد، هو بالتأكيد جرعة منشطة في هذه الأجواء القاحلة فكرياً، وأظن أن النهوض والانتعاش في هذه المرحلة، طال الشعوب، وأعاد الفكر التقدمي إلى الصدارة.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com